abdullah
abdullah
أعمدة

رماد: بيوت بلا أسقف

09 أغسطس 2017
09 أغسطس 2017

عبدالله بن محمد المعمري -

[email protected] -

كان في ما مضى من الأزمان لسقف البيت وظيفة، يستر بها من في البيت عن أنظار الطيور التي تحلق فوقه، ويحمي من فيه من حر الشمس ولهيبها، ويقيهم برد الشتاء وماء المطر، يهتمون بوجوده أكثر من الأبواب والنوافذ، ويجعلون قوته بقوة جدران البيت ذاته، إن لم تكن أشد وأقوى.

ومرت الأيام، وسقف البيت في تغير، حتى تهاون الناس في وجوده، اهتموا بالأبواب والنوافذ أكثر منه، حتى جاء زمان أصبح فيه البيت بلا سقف، تعبيرا عن الجمال، عن التأمل في الكون، عن رمزية ابتدعوها لعيشوا في سعادة، فهم يحبون الطيور تنظر إليهم، كما وأن المطر لم يعد يهطل، والشمس قل سطوعها، إن لم تتوارى عن بيوتهم.

يجلسون في البيت بلا سقف، غرف وصالات وأماكن عامة وخاصة، جميعها بلا سقف، سقفهم فيها سماء مفتوحة، الطيور تحلق فوقهم كيفما تشاء، لم يعد لنظرهم إلى اسقف أمرا ضروريا، فهم منشغلون للنظر في الأبواب والنوافذ أكثر، تزايد عدد الطيور المحلقة، واقتربت أكثر من رصد حياة من البيت، ومراقبة حركاتهم وسكناتهم، في يقظتهم، ونومهم، في كل تفاصيل حياتهم الأخرى.

الطيور المحلقة لم تكن فقط مجرد عصافير، أو حمام، أو بلابل ولا حتى غربان، بل نسور، وصقور، كل منها بدا يطمع بمن في البيت، كل بحسب ما يهوى ويشتهي، لا ليل يمنعهم ولا نهار، كل اوقات اليوم باتت لتلك الطيور أوقاتا لتحيل ما تريد من تلك البيوت التي بلا أسقف .

زاد أذى الطيور لأصحاب البيوت التي بلا أسقف، حاولوا تجاهلها، أو الاختباء عما تنظر إليه فيهم، وما تطلبه منهم، لكنهم لم يستطيعوا الاختباء كثيرا، فتركوا منازلهم، واستظلوا تحت الأشجار، تحولت هي مسكنهم، وباتت بيوتهم مرتع للطيور، وأصبح أصحاب البيوت ينظرون إليها من بعيد، دون أن يعودوا إلى رشدهم، فيعيدوا الأسقف إلى بيوتهم. فمتى يعقلون ما هم به ويعودون إلى بيوتهم، ويعيدون لها الأسقف؟!