sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: وجه مبتسم وعين ضاحكة

09 أغسطس 2017
09 أغسطس 2017

شريفة بنت علي التوبية -

يقال إن سر جمال لوحة الموناليزا التي تعتبر من أشهر اللوحات الفنية في تاريخ الفن العالمي، يكمن في ابتسامة المرأة المرسومة والتي رسمها الرسام الإيطالي دافنشي في القرن السادس عشر، وتعرض في متحف اللوفر في باريس، ولن أتطرق كثيرًا حول تاريخ اللوحة أو سيرة من رسمها، ولكن أكتب هنا عن ذلك السحر الذي توحيه اللوحة للناظر لوجه المرأة المرسومة، وعن تلك الابتسامة الغامضة الساحرة التي لا تدري بأي معنى تكون فرح أم حزن أم سخرية بالحياة، والتي جعلت منها أشهر لوحة في التاريخ. إن من يتأمل اللوحة سيجد أن الموناليزا والتي يظهر وجهها ونصف جسدها كانت بدينة أو ممتلئة الجسم، ولم تكن منفوخة الخدود ولا الشفاة، كان شعرها المموج ينسدل على كتفيها بشكل طبيعي، لها وجه بسيط تزينه ابتسامة فقط، هي سر السحر والفتنة والجمال.

الجمال في لوحة الموناليزا لا يعني الجمال الأنثوي المرتبط بملامح الوجه أو تفاصيل الجسد، أنه جمال طبيعي آخاذ، حتى أن بعض المحللين أشار أن الموناليزا هو دافنشي نفسه ولكن بوجه أنثوي وبعضهم يرى أنها لوحة لرجل وامرأة، لكنها تظل اللوحة الأجمل والأغلى، إذن ليس للجمال مقياس، فالجمال نسبي ولا يمكن قياسه أو تعريفه أو حتى الاتفاق عليه، والجمال إحساس والإحساس روح، والجمال الحقيقي لا يمكن لمسه كمادة، لكنك تشعر به، وقد ترى من الجمال ما لا يراه غيرك فلا تستطيع وصف أو تفسير ما أنت عليه من شعور جمالي.

ويأخذني الحديث عن الجمال كشعور وفن إلى طوفان الجمال الاصطناعي الذي جرف الجميع للركض وراء الكذبة في أجساد عارضات الأزياء النحيفة أو وجوه بعض الفنانات المنفوخة الشفاة والخدود، وإلى عمليات التجميل الكثيرة التي تتغير بها الوجوه إلى وجوه أخرى، فتقف مدهوشًا مصدومًا أمام ما يحدث، في زمن تشابهت فيه وجوه النساء حتى تكاد تظن أن الجميع أصبح نسخة واحدة أو وجوه متعددة بملامح واحدة، فلا تكاد تعرف حقيقة تلك الوجوه من زيفها، فتبحث عن جمال مختلف كجمال الأمهات فلا تجد، وتبحث عن ابتسامة جميلة كابتسامة الموناليزا ولا تجد، تبحث عن جمال تراه بقلبك قبل عينيك وتعرفه روحك قبل أن تلمسه يديك ولا تجد أيضا؛ لأن جمال الوجه في ابتسامته وقليل جدا من تجده مبتسما أو ضاحكا، وليتهم يعلمون أن الوجوه المبتسمة والعيون الضاحكة هي الأجمل؛ لأنها تأخذك في سحرها وتخبرك بأسرارها دون أن تقول شيئاً.