العرب والعالم

«هيومن ووتش»: تجريد فلسطينيي القدس من حق الإقامة «جريمة حرب»

08 أغسطس 2017
08 أغسطس 2017

هدم منزل ومنشآت في المدينة بحجة عدم الترخيص -

القدس - رام الله - عمان - (وكالات) : قالت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس: إن إسرائيل جردت قرابة 15 ألف فلسطيني من سكان القدس من حقهم بالإقامة في المدينة منذ عام 1967، محذرة من أن هذا قد يكون «جريمة حرب».

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة «تدّعي إسرائيل معاملة القدس كمدينة موحدة، لكنها تحدد قوانين مختلفة لليهود والفلسطينيين. إن التمييز المتعمد بحق فلسطينيي القدس، بما في ذلك سياسات الإقامة التي تهدد وضعهم القانوني، يزيد من انسلاخهم عن المدينة».

ويعيش أكثر من 300 ألف فلسطيني في الشطر الشرقي من المدينة الذي احتلته إسرائيل عام 1967، ويتمتعون بوضع مختلف عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ولا يحمل الفلسطينيون في المدينة الجنسية الإسرائيلية ولا الجنسية الفلسطينية. ويمنحهم الأردن «جوازات سفر مؤقتة»، من دون أن يعتبروا أردنيين. ويحمل فلسطينيو القدس الشرقية صفة «مقيم دائم» تمنحه لهم إسرائيل.

وتستطيع إسرائيل سحب وضع المقيم الدائم في حال عدم تمكن سكان القدس الشرقية من اثبات ان المدينة هي «مركز حياتهم»، وفي حال إقامتهم في الضفة الغربية المحتلة أو في مكان آخر أو إذا عاشوا لفترة ست سنوات أو أكثر في الخارج وحصلوا على إقامة أو جنسية في بلد آخر.

وقابلت «هيومن رايتس ووتش» 8 عائلات مقدسية أُلغيت إقاماتها بين شهري مارس ويوليو 2017، وراجعت خطابات إلغاء الإقامة وقرارات المحاكم وباقي الوثائق الرسمية، كما تحدثت إلى محاميهم، وأخفيت هوية أغلب من قوبلوا لحماية خصوصيتهم ومنع الأعمال الانتقامية المحتملة من السلطات الإسرائيلية.

وقال رجل ألغت إسرائيل إقامته: إن السبب هو تسلقه الجدار الفاصل الإسرائيلي، لحضور حفل زفاف عائلي في جزء آخر من الضفة الغربية. وقال آخر: إن السلطات الإسرائيلية رفضت إصدار شهادات ميلاد لأطفاله الخمسة الذين ولدوا جميعا في القدس. أما باقي المقدسيين الذين لم يتمكنوا من الحصول على إقامة ممن تم لقاؤهم، فقالوا إنهم غير قادرين على العمل بشكل قانوني؛ والحصول على مستحقات الرعاية الاجتماعية؛ وحضور حفلات الزفاف والجنازات؛ أو زيارة أقاربهم المرضى ذوي الحالة الخطرة في الخارج، وذلك خوفا من رفض السلطات الإسرائيلية السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.

وأدى رفض تجديد الإقامات، إلى جانب عقود من التوسع الاستيطاني غير المشروع وهدم المنازل والقيود المفروضة على البناء في المدينة، إلى زيادة الاستيطان غير المشروع من جانب اليهود الإسرائيليين في القدس الشرقية المحتلة، مع تقييد نمو السكان الفلسطينيين في الوقت ذاته. ويعكس ما سبق هدف الحكومة الإسرائيلية المتمثل في «الحفاظ على أغلبية يهودية قوية في المدينة»، كما جاء في الخطة الرئيسية لبلدية القدس (مخطط القدس لعام 2000)، والحد من عدد السكان الفلسطينيين. وحدد المخططون هدفهم بجعل نسبة السكان «70% يهود و30% عرب»، قبل أن يعترفوا بأن «هذا الهدف غير قابل للتحقيق» في ضوء «الاتجاهات الديموغرافية» وعدلوه ليصبح 60 إلى 40. وشكل الفلسطينيون 37 بالمائة من سكان القدس في 2015 وفقًا لـ«مكتب الإحصاء المركزي» الإسرائيلي.

ويتوفر طريق للمواطنة للمقدسيين الفلسطينيين، لكن اختارت الأغلبية الساحقة عدم المضي فيه لانطوائه على تعهد بالولاء لإسرائيل، السلطة المحتلة. ولا تُمنح الجنسية لكل من يتقدم بالطلب، فمنذ عام 2003، قدم طلب الجنسية نحو 15 ألف فلسطيني من أصل 330 ألف، ووافقت السلطات الإسرائيلية على أقل من 6 آلاف منهم.

وقالت «هيومن رايتس ووتش»: على مدى عقود، ألغت السلطات الإسرائيلية إقامة فلسطينيين مقدسيين استقروا خارج إسرائيل فترة 7 سنوات أو أكثر دون تجديد تصاريح خروجهم أو عند حصولهم على إقامة دائمة أو جنسية البلد الذي استقروا به. ومع ذلك، حدثت معظم عمليات الإلغاء بعد عام 1995، بعد إعادة وزارة الداخلية الإسرائيلية تفسير قانون دخول إسرائيل لعام 1952 للسماح بإلغاء إقامة أولئك الذين لم يعملوا للحفاظ على القدس كـ«محور لحياتهم». وبموجب التفسير الجديد، بدأت السلطات الإسرائيلية أيضا بإلغاء إقامة المقدسيين الفلسطينيين الذين يعيشون في أجزاء أخرى من فلسطين خارج حدود بلدية القدس أو ممن درسوا أو عملوا في الخارج لفترات طويلة.

لا يتوجب على المقدسيين من حملة الجنسية الإسرائيلية برهان أن القدس «محور حياتهم» للمحافظة على وضعهم القانوني.

كما ألغت السلطات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة إقامة الفلسطينيين في القدس الشرقية وفق قانون دخول إسرائيل لانتهاكهم «الالتزام الأدنى بالولاء لدولة إسرائيل». واستخدم هذا الإجراء لأول مرة ضد 4 من أعضاء حماس المنتخبين في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، كما أصدرت السلطات، بعد أكتوبر 2015، قرارًا يعطي المبرر لسحب إقامة الأفراد المتهمين بالاعتداء الجسدي على إسرائيليين وضد أسر المشتبه بهم.

وأشارت «هيومن رايتس ووتش» إلى أن إلغاء إقامات الفلسطينيين من القدس الشرقية، الذين من المفترض أن يكونوا محميين في ظل الاحتلال الإسرائيلي بموجب «اتفاقية جنيف الرابعة»، كثيرا ما يجبرهم على مغادرة الإقليم الذي يعيشون فيه. ويشكل هذا ترحيلًا قسريًا عندما يتسبب بالنزوح إلى أجزاء أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وترحيلًا عندما يحدث إلى خارج البلاد. ولا تسمح اتفاقية جنيف بهكذا تدابير إلا على أساس مؤقت و«لأسباب عسكرية حتمية»، مشيرة إلى أن عدم الحفاظ على القدس كـ«محور للحياة» لا يفي بالمعايير التقييدية للاتفاقية.

وقالت: يمكن أن يشكل ترحيل أي جزء من سكان الأراضي المحتلة أو نقلهم قسرًا، جرائم حرب بموجب «نظام روما الأساسي» لـ«المحكمة الجنائية الدولية». ويمتد الحظر المفروض على النقل القسري إلى ما هو أبعد من قيام قوة عسكرية مباشرة بنقل تجمع سكاني خاضع لسيطرتها، ليصل إلى الحالات التي تقوم فيها القوة العسكرية بتعقيد وزيادة مشقة حياة السكان لدرجة اضطرارهم فعليا للرحيل. ويحمي قانون حقوق الإنسان أيضا الحق في ترك البلاد والعودة إليها بحرية. كما يحظر القانون الإنساني الدولي صراحة، على سلطة الاحتلال إجبار من هم تحت احتلالها على التعهد بالولاء أو الإخلاص لها.

وفي قرار صدر في مارس 2017، قضت «محكمة العدل العليا» الإسرائيلية بأن فلسطينيي القدس الشرقية يتمتعون «بوضع خاص»، باعتبارهم «سكان البلاد الأصليين»، ينبغي للسلطات أن تأخذه في الحسبان عند تحديد وضعهم. وتماشيًا مع الحظر الصارم للقانون الدولي على التشريد القسري أو الترحيل، على السلطات الإسرائيلية منح سكان القدس حق الإقامة المؤهلين له، بوصفهم سكان أراض محتلة، وكذلك بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. كما ينبغي ألا يضطر الفلسطينيون إلى الحصول على الجنسية في ظل الاحتلال لتأمين وضعهم وحقوقهم.

وهدمت جرافات إسرائيلية صباح أمس منزلا فلسطينيا في قرية جبل المكبر جنوب القدس، دون سابق إنذار، بحجة البناء دون ترخيص.

وذكرت وكالة أنباء (معا) الفلسطينية أن جرافات البلدية الإسرائيلية برفقة طواقمها وقوات كبيرة من الشرطة والوحدات الخاصة اقتحمت المنزل، وحاصرته وقامت بإخراج ساكنيه ، لتنفيذ هدمه دون سابق إنذار.

وأضافت: إن طواقم البلدية قامت بإخراج بعض أثاث المنزل، فيما بقي الجزء الأكبر من الأثاث تحت ركام المنزل، ويعيش في المنزل أربعة فلسطينيين ، منذ ثلاثة أشهر. كما هدمت جرافات إسرائيلية منشآت تجارية، وبركسا للخيول في حي بيت حنينا شمال القدس.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن قوة عسكرية من جنود وشرطة إسرائيلية رافقت آليات الهدم وضربت طوقا عسكريا محكما حول المنطقة.