المنوعات

د.لمياء تقدم الأسلوبية السردية في القصة السودانية بالنادي الثقافي

08 أغسطس 2017
08 أغسطس 2017

استعرضت تطويع الأدب بالاستعانة بتقنيات الإبداع -

كتبت: خلود الفزارية -

استضاف النادي الثقافي بمقره في القرم الدكتورة لمياء شمت التي ألقت محاضرة حول التقنيات الأسلوبية السردية في العمل الأدبي «القصة القصيرة أنموذجا» مستعرضة التجربة السودانية.

وتناولت المحاضرة مجموعة من التقنيات الأسلوبية التي يتم توظيفها في العمل الأدبي، عن طريق طرح بعض الاقتباسات من المنجز السردي السوداني.

واستهلت الدكتورة ورقتها بتعريف الأسلوبية، حيث أشارت إلى أن مفهوم الأسلوبية تأثر ببراهن الدراسات الحديثة وتطور المعارف والعلوم الإنسانية في ظل الكشوفات النفسية والاجتماعية والفلسفية واللسانية الحديثة.

وذكرت بأن الأسلوبية هي بمجموع تعريفاتها: صورة لمبدع النص، تبرز حسه ومزاجه، وطريقته في التفكير.

وأكدت بأن القصة القصيرة فن صعب رغم مظهره الودود، فهو يواجه تحدي اختزال عالم بأسره ليتضام في بعض صفحات معدودة.

ثم انتقلت المحاضرة إلى مناقشة بعض التقنيات الأسلوبية التي تلعب دورا مفتاحيا في معمار القصة القصيرة وإدارة حيزها الإبداعي المقتصد.

وقدمت التقنيات المستخدمة في القصة السودانية أهمها: الاشتغالات اللغوية،

وتهدف إلى طلاقة الخروج عن مألوف اللغة ومحابسها القاموسية، حيث تعمل تراكيبها اللغوية المتنوعة على تجاوز حدود الإقامة في حيز الثابت والساكن والمستقر، مستعرضة تجربة القاصة بشرى الفاضل، من حيث الاستثمار في طاقات اللعب اللفظي والصوتي، وتحويل المفردات عبر حزمة خروقات لغوية إبداعية منتجة.

أما استثمار طاقات اللغة التركيبية والصوتية، فأشارت إلى أن اللعب اللغوي الفاعل والمفعم بالحيوية يشكل واحدة من أبرز التقنيات الفنية والجمالية، كما تناولت استثمار الأصوات فنيا لتتحول تلك التشكيلات الصوتية إلى حزم دلالية تنسج بدورها شبكة إشارية خاصة من الأثر السمعي في سعي إبداعي لمضاعفة القوة التعبيرية، بالإضافة إلى مدركات الحواس مثل الرائحة في نص «رائحة الطمي لكرم الله» حيث أن الرائحة تشكل البؤر السردية وترسم المواقف والأحداث، واستخدام الضوء كما في نصوص القاص مجاهد بشير.

وذكرت الدكتورة لمياء شمت أهمية العنوان وأنه مركزية ودالة، ثم انتقلت إلى العوالم الموازية حيث أشارت أنها شكل قديم من أشكال التعبير الفني والإفراغ الإبداعي الذي يهدف إلى إنشاء علاقات جديدة مع الواقع، ومنها «كليلة ودمنة» التي استخدمت شخوص الحيوان، وأضافت أن القاص يخطو إلى فضاءات تلك العوالم لينسج بحكائيته أمشاج الخيال للواقع بأبعاد رؤيوية لسبر الأفكار الإنسانية، مستشهدة بنص «الرحيل إلى جنة الجراد» يوميات الجراد العادي والمثقف، والنحيل الأعجف والسمين، لتتبدى مفارقات الحياة بما فيها من متناقضات، فيحلق الكاتب بالقارئ على جناح جرادة في عالم الأفق في مسرح طبوغرافي، وواقع بصري مختلف تنقله لنا أعين جرادة، ويهتم الكاتب في نصه بالتفصيل الفيزيائي الدقيق لعالم الجراد.

وانتقلت المحاضرة بعدها إلى بعدي الزمان والمكان، حيث أن الزمن هو عنصر يخضع بشكل كبير لمنطق الأقصوصة وتهندسه التقنيات السينمائية مثل الفلاش باك، والقطع والمونتاج لتثبيت اللحظة المعينة لإبراز البؤر النصية الحساسة، أما المكان ورغم أنه قد يبدو كحيز جغرافي محدود إلا أنه يتسع معنويا ليصبح فلكا شاملا نحس فيه بحضور المكان الريفي القروي أكثر منه مكان مديني حضري، كما تطرقت الدكتورة إلى الاستلهام من المثلوجيا والموروث الشعبي والطقوسيات، بالإضافة لتسخير الرمزي والفنتازي والغرائبي حيث أشارت إلى أن الترميز يتطلب بطبيعته التلميحية إلى دربة وحذق لغوي سواء تم توظيفه بمضمون ضمني، أو عن طريق اللجوء لكنف إشاري دلالي يراوغ الحدود الثقافية والاجتماعية، ليتخطى كوابح الأعراف وأسيجة الرقابة، مستشهدة بنص «فرحة» لبشرى الفاضل من مجموعة «أزرق اليمامة»:

«كانت هنالك بقرة ذبحوا بعلها أمام عينيها

فجرت مفتوحة العينين فزعة لاهثة.

جرت وجرت سبعة أيام بلياليها

حتى صادفها قوم ففرحوا بها وذبحوها على عجل»

واختتمت الدكتورة لمياء شمت محاضرتها بأهمية إشراك القارئ في إنتاج النص، بقولها: وفقا لإيكو فإن النص محض «آلة كسولة» ونسيج بياضات وفراغات، ما يعني افتراض أي نص إبداعي لقارئ نموذجي كعصب تأويل مركزي، وذلك يعني أن النص يمثل بنية افتراضية أو احتمالية تتحقق من طرف قارئ ممتلك لفعل القراءة النوعية، وهو ما يدعم فكرة التشارك النصي التأويلي بين القاص والنص والقارئ.