1077423
1077423
العرب والعالم

بعد تسممهم بالرصاص - غجر الروما في كوسوفو ينتظرون حكما عادلا

06 أغسطس 2017
06 أغسطس 2017

ميتروفيتسا، (كوسوفو) - (أ ف ب): تؤكد فلوريم ماسوريتسا ان غجر الروما «لا يعاملون كبشر»، مطالبة بحكم قضائي عادل لابنها العاجز، احد «أطفال الرصاص» في كوسوفو الذين تعرضوا للتسمم في أحد المخيمات التي أقامتها الأمم المتحدة بعد الحرب.

في نظر المتمردين الكوسوفيين الألبان، كان غجر الروما يتعاونون مع الصرب خلال النزاع الأخير في يوغوسلافيا السابقة (1998-1999).

وكان لهذا الاتهام المجاني في معظم الأحيان، ثمن باهظ لهذه المجموعة التي تعاني من التمييز في البلقان، اذ قتل العديد من أفرادها في إعدامات تعسفية واضطر آخرون للفرار بسرعة من أحياء تعرضت للنهب والتدمير بعد رحيل القوات الصربية اثر الحملة الجوية التي شنها حلف شمال الأطلسي.

وهذا ما حصل في إحدى ضواحي ميتروفيتسا (شمال). فقد قامت الأمم المتحدة بنقل حوالي 600 من سكانها الى ستة مخيمات قرب مجمع للصناعات المعدنية بدون ان تدرك انهم يستنشقون هواء ملوثا ويعيشون على ارض ملوثة بالرصاص والمواد السامة.

وفي مخيم زيتكوفاتس، ما زالت نفايات صناعية تغطي الأرض. ويتذكر وليد جاشاري (58 عاما) انه «ما ان تهب الرياح حتى تغطي» غبار هذه النفايات الأرض، وأضاف ان «ابني ولد معوقا ساقاه مشلولتان».

وفي كرسيه المتحرك ينظر جاد الله الفتى البالغ من العمر 16 عاما إلى الأطفال وهم يلهون. من جهته، يقول والي جاشاري «تعرضنا للتسمم بالرصاص عندما كنا في زيتكوفاتس»، موضحا ان ابنه الثاني ساجد الله البالغ من العمر سنتين ولد مشلولا.

ويؤكد بيرم بابايبوكس (65 عاما) انه «لم يسلم أي من أفراد عائلته من الرصاص»، موضحا وهو يبرز تحاليل للدم انه «ليس انا من يقول ذلك بل الأطباء».

وكانت منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان عبرت في 2005 عن قلقها من عوارض يعاني منها الأطفال مثل سواد اللثة وآلام في الرأس وصعوبات في التعلم وارتفاع في ضغط الدم ورعشة...

وقامت الأمم المتحدة بإخلاء المخيمات التي أقيمت أساسا لمدة 45 عاما. لكن بعد ست سنوات كانت هذه الخطوة متأخرة جدا. وقال الأطباء ان الرصاص يواصل الحاق الضرر لسنوات بعد دخوله الى الدم.

وفي يوليو 2006، أكدت هيئة خبراء عينتهم الأمم المتحدة بعد شكوى تقدم بها 180 من غجر الروما ان وضع كل هؤلاء الأشخاص في المخيمات القذرة هو انتهاك «لحقهم في العيش أحرارا من كل معاملة لا إنسانية ومهينة».

ويؤكد ارتان بيرمي (36 عاما) انه ما كان «سيوافق اطلاقا على الذهاب الى مخيم» لو كان يعرف «الخطر الذي ينتظره». وابنه الذي ولد في المخيم قبل 15 عاما اعرج بسبب تشوهات. وتروي الهام (33 عاما) أن ابنها اردوان ماسوريتسا (16 عاما) «متخلف عقليا ولا يلعب سوى مع الأطفال الصغار». وقد ولدته في مخيم تشيسمين لوغ. وقالت ان الرصاص في دمه «هاجم الدماغ والعظام والأعضاء». وطلبت هيئة الخبراء من الأمم المتحدة الموافقة على تقديم «اعتذارات علنية». لكن الأمين العام للمنظمة الدولية انطونيو جوتيريش اكتفى بالتعبير عن «الأسف العميق للمنظمة على المعاناة». و«في إجراء استثنائي» قرر غوتيريش «إنشاء صندوق» مالي لغجر ميتروفيتسا، حسب بعثة الأمم المتحدة في المكان.

وقال كويتيم باتشاكو النائب السابق عن الروما إن «التعويض عن ضرر جماعي بالأموال فقط غير أخلاقي»، وأضاف «يجب إجراء تحقيق وتحديد المسؤوليات» لتوجيه «رسالة الى الجميع مفادها يجب عدم معاملة الناس بهذه الطريقة فقط لأنهم من الروما». ولم يجر اي إحصاء دقيق للضحايا، وهذا ما يعتبره الروما دليلا إضافيا على التمييز.

وفي يونيو، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان إن «رفض الأمم المتحدة تحمل أي مسؤولية يثير الشكوك في قدرتها على ممارسة الضغوط على الحكومات في انتهاكاتها لحقوق الإنسان».

وسمحت المساعدة الدولية في بناء بيوت نظامية لهؤلاء في المنطقة. لكن الى جانب البطالة والفقر اللذين يعتبران القاسم المشترك لغجر الروما في البلقان، يعاني المقيمون منهم في ميتروفيتسا من آثار الرصاص.

وقال بيرم بابايبوكس «لم يعد مكان الروما انه حي مسمم بالرصاص». أما جاد الله فيؤكد «أحلم بان اقف يوما على ساقي مثل الآخرين وان أذهب الى المدرسة».