1073619
1073619
إشراقات

الخليلي: الوافد إلى الله عليه التخلص من الأوزار والتبعات وأن يصفي سريرته

03 أغسطس 2017
03 أغسطس 2017

الحج اتجاه ووفادة إلى الله عز وجل -

أكد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في إحدى خطب الجمعة التي ألقاها بأن الحج اتجاه ووفادة إلى الله -عز وجل- وعلى الحاج الوافد إلى الله التخلص من الأوزار والتبعات وأن يصفي سريرته.

حاثا سماحته المسلمين بالمبادرة إلى ما أمر الله به والاستجابة لندائه الذي أطلقه بأمره النبي إبراهيم -عليه السلام-.

وأشار سماحته الى ان عبادة الحج هي العبادة الوحيدة التي يشترك فيها عمل البدن وإنفاق المال، ونبه في الوقت نفسه الى ان إنفاق المال وحده ليس مجديا شيئا وليست الممارسات البدنية وحدها مجدية شيئا إذا لم تتحقق النفس بحقيقة العبادة وهي تقوى الله تبارك وتعالى واستشعار عظمته وجلاله ونعمته وأفضاله وهذا هو ملاك الأمر وروح العبادة والغاية من القصد وذلك ما يشترك فيه الحج مع سائر العبادات.

وبين ان النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الطواف والسعي والوقوف بعرفات ورمي الجمار شرع لذكر الله سبحانه و(الذكر) هو الغاية من كل هذه الأعمال.. وإلى التفاصيل.

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

يقول سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة: الحج اتجاه ووفادة إلى الله -عز وجل- فهو رحلة روحية تتنزه فيها النفس بين حضائر القدس قبل أن يكون رحلة جسدية يتنقل فيها البدن من بلد إلى بلد ولذلك كان على الحاج الوافد إلى الله -سبحانه وتعالى- أن يتخلص من الأوزار والتبعات وأن يصفي سريرته وأن يقدم إلى الله -سبحانه وتعالى- وهو نقي طاهر قد قضى ديونه ووصل رحمه وأدى ما عليه من الحقوق وطهر نفسه تطهيرا بالتوبة والأوبة إلى الله -سبحانه وتعالى-. وأكد سماحته ان الله تعالى قد جعل عبادة الحج هي العبادة الوحيدة التي يشترك فيها عمل البدن وإنفاق المال، فلا بد من إنفاق المال للحاج.

ولا بد من ممارسات بدنية لمختلف العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى هناك.

روح الحج أسمى

وأضاف: إنفاق المال والممارسات البدنية للأعمال إنما هي هيكل للحج، وروح الحج أسمى من ذلك، فروح الحج ما توحيه هذه الأعمال في النفس من تقوى الله -سبحانه وتعالى- ومخافته ورجائه، واستشعار عظمته وجلاله، ولذلك يقول الله تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، فليس إنفاق المال وحده مجديا شيئا، وليست الممارسات البدنية وحدها مجدية شيئا إذا لم تتحقق النفس بحقيقة العبادة، وهي تقوى الله تبارك وتعالى، واستشعار عظمته وجلاله ونعمته وأفضاله، وهذا هو ملاك الأمر وروح العبادة والغاية من القصد، وذلك ما يشترك فيه الحج مع سائر العبادات.

ويشير سماحته: وقد ذكر الله تعالى الحج مقرونا بالتقوى في كثير من الآيات، فقد قال الله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب)، ويقول تبارك وتعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب)، ويقول تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون).

تنبيه..

منبها سماحته الى انه على الحاج أن يتزود تقوى الله -سبحانه وتعالى- من جميع المناسك التي يباشرها والأعمال التي يمارسها وأن يرجع إلى بلده بحال غير الحال التي ذهب بها، إنّ عليه أن يرجع إلى بلده وهو نقي النفس صافي السريرة طاهر الضمير مخلص لله سبحانه وتعالى في أعماله راج وخائف من الله تعالى قد تخلى من جميع أوزاره وقطع جميع العلائق التي تربطه بمعاصي الله تبارك وتعالى وبهذا يكون الحاج متزودا حقا تقوى الله تعالى من شعائر الحج.

أما إذا كان يمارس أعمال الحج الظاهرة وقلبه غافل عن ذكر الله سبحانه وتعالى ونفسه لاهية عن الواجبات التي فرضها الله تعالى عليه وبدنه يرتكب مختلف معاصي الله سبحانه وتعالى التي حجرها عليه فإنه لا نصيب له من حجه إلا تلك الممارسات الظاهرة فحسب.

وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفات ورمي الجمار شرع كل ذلك لذكر الله سبحانه فذكر الله هو الغاية من كل هذه الأعمال.

الوقوف بالمشاعر يوحي بذكريات شتى

وأوضح سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة: ولا ريب أن الوقوف في تلك المشاعر العظام يوحي إلى النفس بذكر الله سبحانه وتعالى، ويوحي إلى النفس بذكريات شتى، يتجدد معها ذكر الله تعالى، فإن عبادة الحج تربط الحاج بالماضين من السلف الصالحين من النبيين والمرسلين والذين اتبعوهم بإحسان مؤمنين بدعوتهم، سالكين منهجهم.

فالله تبارك وتعالى يحكي لنا في كتابه العزيز قصة البيت الحرام مع إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-، فيقول تعالى: (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود)، (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم)، فقد أمر الله تعالى إبراهيم -عليه السلام- أن يشيد قواعد البيت العتيق ليكون هذا البيت مأوى للوافدين إلى الله سبحانه وتعالى يطوفون حوله ذاكرين الله وجلة قلوبهم من خشية الله تذرف عيونهم من هيبة الله تبارك وتعالى تكاد قلوبهم تتخلع من بين الجوانح لكثرة ما يعروها من خوف الله تعالى ورجائه ويزدحم فيها من ذلك فالواجب على الإنسان أن يذكر ذلك أن يذكر الحكمة من بنيان البيت العتيق ويذكر الحكمة من الطواف بهذا البيت ويذكر الحكمة من السعي بين الصفا والمروة، إلى غير ذلك من الأعمال فيتوب إلى الله تعالى ويخلص له عمله ويرجوه في يوم المعاد.

وتطرق سماحته الى ما بيّنه -صلى الله عليه وسلم- لنا عن قيمة الحج وأجور الحاجين فيقول -عليه أفضل الصلاة والسلام-: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، وجاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والفضة»، وجاء عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله كتب على الرجال الجهاد أفلا نجاهد؟، فقال: «لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور».

وسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الأعمال فقال: «إيمان بالله ورسوله»، ثم سئل، قيل له: ثم ماذا؟ فقال عليه أفضل الصلاة والسلام: «جهاد في سبيل الله»، قيل له: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور»، هذا كله يدلنا على قيمة الحج في الإسلام، ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى.

وحث سماحته المسلمين بقوله: بادروا إلى أداء هذه الشعيرة، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له من الموانع وقد هدد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تاركي الحج بأن ميتتهم تكون غير ميتة إسلامية إن لم يحجوا وهـم قادرون عليه، فهي ميتة يهودية أو نصرانية.

وبادروا إلى ما أمركم الله تعالى به، واستجيبوا لنداء الله الذي أطلقه بأمره أبوكم إبراهيم عليه السلام، الذي نادى على جبل أبي قبيس بأمر الله: يا عباد الله، إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا، فلباه الذين كتب الله تعالى لهم أن يلبوا وأن يحجوا بيته الحرام، لباه هؤلاء من أرحام النساء وأصلاب الرجال.