1073244
1073244
إشراقات

خطبة الجمعــة تدعو المجتمع للتعاون في الحفاظ على قيم الوطــن وأخلاقـــه وتفعيل أسـس المواطنـــة الصالحــة

03 أغسطس 2017
03 أغسطس 2017

للوصول بالوطن إلى الرفعة والريادة والسلامة والسعادة -

متابعة - سيف بن سالم الفضيلي -

دعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية من خلال خطبة الجمعة الماضية التي ألقيت في مختلف جوامع السلطنة المجتمع إلى التعاون في الحفاظ على قيم الوطن وأخلاقه وتفعيل أسس المواطنة الصالحة للوصول إلى الرفعة والريادة والسلامة والسعادة.

مشيرة إلى قضية المتسللين والمهربين ومخالفة قانون العمل والإقامة والمتسولين التي يجب على الجميع التعاون لمكافحتها.

ومؤكدة على حاجة سفينة الوطن المبارك إلى تعاون الجميع؛ حتى تقطع في ثبات عباب كل أمواج الاضطرابات والمحن والفتن، وتحافظ على تقدمها وازدهارها واستقرارها.

وجاء في صدر الخطبة أن الله تعالى أكرم هذه الأمة من بين سائر الأمم بأن جعلها في قمة هرم الخيرية، فقال سبحانه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)، ولن تتحقق هذه الخيرية إلا بالإيمان الذي يصحبه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، فبه سلامة المجتمع ونجاته، ولذلك ضرب نبيكم مثلًا رائعًا على أهمية الائتمار بالمعروف والأخذ على يد المسيء فقال صلى الله عليه وسلم: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسـفلها، فكان الذين في أسـفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو إنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا؟ فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا).

وأضافت: إن سفينة وطنكم المبارك بحاجة إلى تعاونكم جميعًا؛ حتى تقطع في ثبات عباب كل أمواج الاضطرابات والمحن والفتن، وتحافظ على تقدمها وازدهارها واستقرارها، ويتمثل هذا التعاون في الحفاظ على قيم الوطن وأخلاقه، وتفعيل أسس المواطنة الصالحة، ولقد وضعت بعض القوانين الملزمة مسـتمدة من شرع الله القويم، سعـيا لمنع كل صور الفساد والإفساد، فلا يظنن ظان أن في التزامه بنفسه بتلك القوانين والأنظمة كفاية وغنى، بل واجب الفرد يتعدى ذلك، بأن يأخذ على يد المخالفين، ويكشف فساد المفسدين، وينبه على انتهاك المنتهكين، ويحذر إخوانه من اتباع دعاوى المرجفين؛ عندها سننتقل من محدودية الصلاح، إلى أفق الإصلاح، وبذا ينجو المجـتمع من مهاوي الهلاك وأسباب العطب، يقول أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: يا أيها الناس: إنكم تقرؤون هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)، وإنا سمعـنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقابه (وقد سألت زينب بنت أبي سلمة -رضي الله عنها- يومًا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهـلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم إذا كثر الخبث)، فصلاح البعض مع كثرة الخبث لا يغني شيئًا، وإنما يكون ذلك عند ترك الإصلاح، بينما يقول الله عز وجل عندما يكون للإصلاح وجود وأثر: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)، وفي خبر بني إسرائيل عبرة وعظة، فعندما تركوا الإصلاح والتناصح والأمر بالمعروف شملهم الهلاك، يقول الله سبحانه: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).

مشيرة إلى أن من القضايا التي تتصل بأمن الوطن واستقراره قضية المتسللين والمهربين، فالمتسلل يدخل أرض الوطن بغير صفة قانونية، ومن يكن هذا حاله فلن تكون نيته وغايته نبيلة بلا شك، والمهرب يسعى إلى إدخال مواد وسلع لا يسمح بها القانون لضررها وخطرها كالمواد المسببة للإدمان والمخدرات؛ فالفساد المترتب إذن على دخول المتسللين ونشاط المهربين فساد عظيم ينال من أمن المجـتمع ونقائه واستقراره، إن الوقوف في وجه هؤلاء والحد من إفسادهم ليس هو واجب رجال الأمن وسلطات القضاء فحسب، بل هو واجب كل فرد منا، أن يكشف عملهم متى ما علمه، وينبه على خطرهم متى ما أدركه وفهمه، ليكن هو عين القانون الحارسة، وليحذر الحذر كله من أن يمد لهم يد عون مهما رآه صغيرا، أو يسهل لهم أمرا مهما رآه حقيرا؛ فإن في ذلك غشا للوطن وخيانة للدين، (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) ومن القضايا التي تتعلق بأمن الوطن وسلامته كذلك، والتي يجب أن نعمل معا للوقوف في وجهها، قضية الهاربين من العدالة؛ ولا يهرب من العدالة إلا مجرم يعـلم فظيع صنعه، أو متهم يعـلم حقيقة جرمه، فعدم مثول أمـثال هؤلاء أمام العدالة يعـني انتشارا للجريمة وتشجيعا على الإجرام، ولا يهرب من العدالة هارب إلا وهناك من يتستر عليه ويؤويه، وكل مشترك بذلك في الجريرة، وهو لا شك من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عز وجل عنه (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، وفي الحديث عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله من لعن والده، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثا).

وواصلت: إن من الظواهر التي يجب عليـنا جميعًا أن نتعاون لمكافحتها، وتنقية هذا الوطن العزيز منها، ظاهرة مخالفة قانون العمل والإقامة، وتتمثل تلك المخالفة في صور منها أن يعمل الوافد إلى البلد في غير الوظيفة أو المهـنة المصرح له بالعمل فيها، أو أن يعمل لحساب غير ولي عمله والكافل له، أو أن يعـمل من غير إقامة قانونية. وأمـثال هذه المخالفات أدت إلى مفاسد لا يسـتهان بها، فوجدت الأيدي العاملة الهاربة، وتمت مزاولة أعمال حساسة من غير أكفاء أو ممن لا ترخيص له، وظهر تسيب العمال الذي يعد من أسباب الجريمة، وهذا جميعه يسبب التأزم الاقتصادي والأمـني في البلد.

ومن القضايا التي لا بد من تكاتف أبـناء المجـتمع في الوقوف ضدها قضية المتسولين، لقد عملت الدولة على إيجاد مؤسسات خيرية ترعى المحـتاجين وتقف على شؤونهم وتلبي متطلباتهم، غير أن هناك من جعل التسول له مهـنة، متخذا تعاطف العامة وحسن نياتهم مطية إلى الكسب الميسور، بل لربما وجدت تنظيمات خفية تقوم على التسول ونشر المتسولين، والمسـلم كيس فطن فلا ينساق خلف متطلبات هؤلاء، ولا تدفعه العاطفة لتقوية نشاطهم، بل عليه أن يقف بحزم أمام هذه الظاهرة، ويحاول التواصل مع الجهات المختصة بمكافحة التسول متى ما رأى لهذه الظاهرة وجودا؛ وقريبًا من ظاهرة التسول تأتي ظاهرة النصب والاحتيال خطرًا على المجـتمع، تقض راحته وتهدد أمـنه، وتزداد تلك الخطورة باستغلال كثير من المحـتالين التقنية الحديثة وتطور وسائل الاتصال والتواصل، وواجبنا أن نتعاون جميعا في الوقوف بوجه المحـتالين، فلا يكتفي الفرد بأن يحمي نفسه ويصون منهم حماه، بل لا بد له، متى ما عرف مخططاتهم، من أن يكشف عوارهم، ويحذر إخوانه من خطرهم، ليكون ممن تعاون على البر، ودافع الشر، ولقد جاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما من امرئ يخذل امرأ مسلمًا عند موطن تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه؛ إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر امرأ مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته؛ إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته).