1073738
1073738
المنوعات

سوق العقار بالسلطنة ومحاولات مستمرة لوضع حد للتجارة المستترة

02 أغسطس 2017
02 أغسطس 2017

أرباح طائلة لا يستفيد منها الاقتصاد الوطني -

استطلاع: أحمد بن مسعود الحاتمي- عبد الرحمن بن علي الناصري -

سوق العقار بالسلطنة، والتجارة المستترة ربما كانا وجهين لعملة واحدة .. يشتكيان من ضعف الرقابة وانتشار الاستثمار غير المباشر عن طريق وكلاء عمانيين والذي من الممكن أن يشكل خطرا لا يحمد عقباه في ظل استفادة المواطن من المستثمرين الأجانب دون جهد يذكر منه، ليتحول المواطن إلى مجرد واجهة تجني أموالا دون أن يكون له دور حقيقي في التنمية وتدوير عجلة الاقتصاد .. نحاول من خلال هذا الاستطلاع الذي أجرته «عمان» حول التجارة المستترة للأجانب في مجال العقار وما يعاني منه القطاع حاليا من ركود وأسبابه.

في البداية التقينا مع سعادة محمد البوسعيدي عضو مجلس الشورى رئيس لجنة الشباب والموارد البشرية ورئيس الجمعية العمانية العقارية الذي قال: الحديث عن القطاع العقاري والذي يتضمن جانبين، الأول: هو الوساطة العقارية، والثاني: مجال التطوير العقاري. حيث يوجد الكثير ممن يعملون في مجال الوساطة العقارية وهم غير مرخصين لممارسة هذه المهنة، وهم من العمانيين وغير العمانيين، فالأخير يعتبر تجارة مستترة بحكم أنهم ليسوا من الجنسية العمانية وبذلك ليسوا مرخصين للعمل في هذه المهنة، حيث تصل نسبة التعمين في هذه المهنة الى 80% ،حسب القانون وفي الأغلب فإن من يمارسون هذه المهنة غير مسجلين كوسطاء عقاريين ويمكن وصفهم بأنهم يمارسون التجارة بشكل غير قانوني. التجارة المستترة موجودة في العقار العماني وبرغم الجهود المبذولة من وزارة الإسكان ممثلة بالمديرية العامة للتطوير العقاري، ما زالت موجودة بحكم الوجود الدائم للوافدين من خلال ما نشاهده من إيجارات معروضة خاصة بهم، ويقومون بالتواصل مباشرة مع الزبائن، وهذا ما يؤكد على وجود هذا النوع من التجارة، وهذا يدل على عدم التزام البعض بتطبيق القانون المنظم لهذه العملية.

العقار مهنة جاذبة

وأوضح سعادته الآثار السلبية المترتبة على التجارة المستترة بقوله: «بداية أود ان أوضح أن مهنة الوساطة العقارية تعتبر مهنة جاذبة للعمانيين بشكل كبير وتعتبر من أفضل المهن التي يمكن للعماني ان يمارسها بعد ما يتم تأهيله تأهيلا جيدا ويكون قادرا على تأسيس عمل خاص به وهذا ما سعت له الجمعية في الفترة الأخيرة من خلال دخولها في شراكة مع تنمية نفط عمان لتأهيل 300 شاب عماني قادر على العمل في المجال العقاري ويقدم خدمات مميزة حيث يكونون متفرغين للقيام بأعمال ريادة الأعمال، إلا أن وجود الوافدين في هذا القطاع كان سببا في عدم توفر وظائف للعمانيين. كما أن نجاح مهنة الوساطة العقارية وما ترتب عليها من جني أموال طائلة، أدى إلى دخول كثير من الوافدين في هذه المهنة، وبالتالي جني أرباح طائلة، ولا يتم ضخ هذه الأرباح في شرايين الاقتصاد الوطني، وإنما يتم تحويلها الى الخارج، حيث شهد عام 2016 تحويلات نقدية للخارج بلغت 4 مليارات ريال عماني».

وأشار سعادته الى أن الحلول التي يمكن العمل بها للقضاء على الظاهرة بقوله: «يجب تنظيم القطاع العقاري في السلطنة وتحديدا قطاع الوساطة العقارية والذي يعتبر مطلبا ليس جديدا، حيث طرح من قبل الجمعية ومن خلال مؤتمرات عمان العقارية، غرفة التجارة والصناعة وكذلك الوسطاء أنفسهم. ولذلك وقبل سنتين من الآن قامت وزارة الإسكان بإنشاء المديرية العامة للتطوير العقاري ويأتي هذا القرار في ظل سعي الحكومة لتنظيم الحركة العقارية، حيث صدر مرسوم سلطاني في سنة 1988 في هذا الخصوص والذي يقوم بتنظيم العمل في القطاع العقاري، إلى جانب صدور مرسوم آخر لهذا القانون في عام 2010 ينظم مهنة الوساطة بشكل كامل ويحد من كل هذه التجاوزات الخاطئة وغير القانونية والتي تعد مضرة بسوق بالعقار».

آثار التجارة المستترة

وقال خليفة البوسعيدي الرئيس التنفيذي لشركة نور مجان للعقارات: «منذ فترة طويلة يجتاح الاستثمار الخارجي أغلب نشاطات العقار العماني، ومن الأضرار التي يمكن أن تلحق بالعقار العماني هو تملك الأجانب لمواقع لا يمكن أن يتملكها الخليجي أو الأجانب بشكل عام، ولكن ما يحدث هو إتاحة الفرصة لهم بتملك هذه الأراضي عن طريق الكفيل العماني، والذي من الممكن أن يشكل خطرا على العقار وعلى الدولة، حيث إن تملك الأجانب لبعض الأماكن كالمزارع ومناطق الجبل الأخضر والأماكن الأمنية تشكل خطرا يداهم العقار العماني وملاك العقارات، بحيث تكون الفائدة الأكبر للمستثمر الخارجي والذي بدوره يعطي عمولة بسيطة للكفيل في حال قدم له خدمات مجزية من شراء مجموعة من الأراضي وعماراتها وبيعها أو تأجيرها والتي تكون باسم الكفيل العماني، بينما المستثمر والمسيطر على العقار هو من خارج الدولة».

كما أضاف البوسعيدي: «ولعل ما يزيد الموضوع تعقيدا هو عدم القدرة على إعطاء الحلول المناسبة لتفادي انتشار هذه القضية، كون العماني هو من يقف في الواجهة، والذي يقوم بتخليص الإجراءات بوزارة الإسكان، وأرى أن وزارة التجارة والصناعة قادرة على كشف هؤلاء، وذلك من خلال التشديد في السجل التجاري، وعلى كل حال هو أيضا ربما يكون حلا غير مناسب ولن يحقق المطلوب».

ويعتقد البوسعيدي أن زيادة الاستثمار الخارجي ستشكل عائقا ملموسا في السنوات القادمة عندما لا يجد العماني أحقية التملك بسبب ما يقوم به المستثمر الخارجي في العقارات العمانية من خلال التجارة المستترة والتي يمكن أن تكون بملكية عمانية، ومن الأرجح أن ضعف سيولة الإنسان العماني ستشكل عائقا أكبر، ولأن المستثمر يملك ما يكفيه من السيولة لبناء 3 إلى 4 منازل في المرة الواحدة، أيضا المبالغ التي يحصدها المستثمر والتي يقوم بتصديرها خارج البلاد في هذه الحالة يمكن أن تضر الاقتصاد والحركة العقارية على صعيد الدولة، وربما يمكن للكفيل أن يتضرر، لأن المستثمر يعمل تحت مظلة الكفيل وفي حال حدوث خطأ يقع العاتق على الكفيل الذي أعطى الثقة للمستثمر.

الاستثمار الخارجي

ويقول مروان البلوشي مدير شركة مروان للتجارة: «لا يجب أن ننكر دور الاستثمار الخارجي سابقا وما قبل عام 1989 والدور الكبير الذي قام به المستثمرون الأجانب في تحريك العقار العماني، حيث استطاعوا أن يخلقوا طابعا مختلفا للاستثمار في العقار بالسلطنة، ولا يجب أيضا أن ننسى الدور الكبير لهم في إيصال الخدمات ومن بينها الطرق والكهرباء والماء، وقامت البلديات برصف الطرق وتوصيل الخدمات بعد تواجد البنايات والأحياء السكنية التي أسسها الاستثمار الخارجي، وقد حقق ذلك فائدة كبيرة، وبغض النظر عما سيحصل للعقار العماني ولكن يظل المستفيد الأكبر هو المواطن العماني من هذه الإنشاءات والمشاريع، ولو نظرنا إلى العقارات بشكل آخر لوجدنا أن الكل حصل على الفائدة من وراء تلك الإنشاءات والعقارات الناجمة عن استثمارات خارجية».

من جهته يرى البلوشي أن الدور الرقابي في حركة العقار العماني وآلية التملك والبيع والشراء لم تكن موجودة إطلاقا، ومن الصعب تكثيف الدور الرقابي على الاستثمار غير المباشر، والذي يكون باتفاق مسبق بين الكفيل والمستثمر الخارجي الذي يقوم بإعطاء الكفيل العماني عمولة ليقدم له الخدمة من شراء الأراضي وعمارتها، موضحا أن ما يحدث الآن من انخفاض في عمليات البيع والشراء في العقار العماني هو حجم الخسائر والضغط الكبير على المواطن من الرسوم التي تفرضها وزارة الإسكان، والتي قد لا يقدر عليها المواطن وتقف حجر عثرة أمام سير العقار، ومن هنا بدأ الاستثمار الخارجي بالنهوض في البلد كونهم يملكون السيولة الكافية للتجاوب مع مطالب الوزارة.

منافسات عقارية

وقال علي الروشدي عضو الجمعية العقارية العمانية: «إن أصحاب العقارات وملاكها والذين يتواجدون في البلد لديهم شركات عقارية كثيرة قد يولونها للأجانب بسبب عدم تمكنهم من إدارتها أو أنهم لا يملكون الوقت الكافي، وقد قمنا بإعطاء هذا المجال للأجانب ليقوموا بهذا العمل ونفته وزارة الإسكان من ناحية عدم تطبيق المرسوم السلطاني رقم 91 والذي ينص على تعديل بعض أحكام قانون تنظيم أعمال السمسرة في المجالات العقارية الذي أصدره صاحب الجلالة السلطان قابوس في عام 2010، وفي حال تم تطبيق المرسوم لن يتعين على هؤلاء تملك تلك الأراضي واستثمارها بطريقة خاطئة، لذا نحن من أعطى لهؤلاء مجالا في العمل على التجارة والتستر عليها من خلال وكلاء عمانيين وبعمولة متفق عليها مسبقا بين الطرفين، وفي حال تطبيق القانون والمرسوم ستكون الأمور على ما يرام وكل شيء سيمضي قدما بطرق مشروعة وسليمة».

وأضاف الروشدي: «المنافسة التي تحدث بين العمانيين مع بعضهم البعض ستجبر أصحاب الشركات التي يمتلكها العمانيون أن يقبلوا بتوظيف الأجانب والذي من الممكن إقالته في أي وقت يشعر صاحب العقار فيه أنه لا يحتاج إليه بدون أي قلق من أي منافسة له، ولكن هذا الفعل سيجعل المستثمر الأجنبي هو المستفيد الأكبر من ذلك، واعتقد بأن العماني قد يكون متضررا كثيرا من المستثمرين الذين يقومون بالعمل تحت مظلته والذي من الممكن أن يرتكبوا أخطاء فادحة قد تؤدي إلى تعرض صاحب العقار للمساءلة».

وأضاف: «أرى بأن تداخل المهام الموكلة لكل موظف في وزارة الإسكان والذين من الممكن أن يعملوا كوسطاء تؤدي إلى إحداث مشاكل كبيرة وهذا ما يفتح الباب للأجانب للاستثمار عن طريقنا نحن والذي يكون برضانا».

جلب الاستثمار

وأشار طارق بن أحمد المرهون الرئيس التنفيذي لمكتب «المكان» العقاري بمحافظة ظفار إلى أن الاستثمار جلب المستثمر المطلوب وبتوجيه من المؤسسات المختصة الحكومية يعد نهوضا لمنظومة متكاملة اقتصاديا، ولابد من تقنين جلب المستثمرين بشكل رسمي ومحدد وبطريقة سليمة، بحيث لا يشكل أي منها ضررا في المستقبل.

كما أن الدور الرقابي لا يفرض قوانين تتضارب مع الجهات الإدارية وعدم تنسيقها للمجال بشكل قانوني واختصاصي سليم، ولابد من التنسيق القانوني الواضح للمجالات واختصاصات التملك ومن ثم تتم عملية الرقابة للجهة المختصة، فالمستثمر لابد أن يدخل إلى البلد ويعرف ما هي حدوده في التملك للاستثمار بشكل واضح وسليم حتى لا تدخل التعاملات الغير سليمة لتؤدي مستقبلا إلى عدم النهوض باقتصاد البلد.

وفي الحقيقة لا تكمن أضرار مباشرة تؤثر على سير العقار نتيجة التجارة المستترة بما يخص بيع وشراء العقار بشكل مباشر للمستثمر أو للأجانب ولو سجل باسم عماني، لأن الوضع بشكل عام يعم بالفائدة على جميع الجهات المتعاملة في المجال وسيتم مستقبلا تقنين الوضع بشكل سليم بحيث لا يحق للمستثمر إلا أن يتملك عددا معينا من العقار، أما بالنسبة للتجارة المستترة التي يقوم بها الوافد بمثابة مالك للمكتب العقاري والتي تعد من أبشع صور الاستثمار للمستثمر الحقيقي لأنها تدخل في تشعبات نحن في غنى عنها ومنها ما يتعلق بالنزاهة والتعامل السليم وبما يحفظ الوطن والمواطن في هذا البلد.

وبين المرهون أنه في حالة عدم وضع منظومة متكاملة قانونيا من حيث التملك للأجانب والمستثمرين بشكل عام سوف يكون هناك عزوف كبير من المستثمرين لعدم الاقتراب من هذا المجال، وذلك بسبب أنه لا يحتوي على تنظيم ولا يضمن حقوق التمليك بشكل صحيح، مما يؤدي إلى عدم الثقة. وأضاف: «لا أؤيد قيام بعض العمانيين بتوكيل جاليات أخرى للتعاون بشكل مباشر مع المواطنين في المكاتب العقارية بسبب وجود بعض القصص لعدم النزاهة للجاليات التي لا يهمها الوطن ولا المواطن ولا تنظر إلا للكسب فقط والتعامل بشكل مباشر مع أقوى الاستثمارات في المنطقة، وهذا قد يكون من الأسباب السلبية المتوقعة من ارتفاع الرسوم في وزارة الإسكان وعدم اهتمامها بالموضوع، وعدم المبالاة فيما يحدث في المجال من الوعكات المستقبلية، ولابد على وزارة الإسكان ان تنظر في الموضوع من جميع الجوانب وتقنينه بشكل سليم».