الملف السياسي

الأقصــى في خطــر قـائـم!

31 يوليو 2017
31 يوليو 2017

عبد الله بن على العليان -

ما حدث في الأقصى من السلطات الإسرائيلية المحتلة منذ أسبوعين، من انتهاكات وممارسات قمعية، ومن تجاوزات لحرية العبادة والتنقل للفلسطينيين ، من خلال المنع من الصلاة في المسجد في الأقصى، وما تبعه من قتل وجرح واعتقال، فاق كل التصورات التي تخالف كل القوانين والأعراف القانونية، التي عرفتها الإنسانية في هذا القرن أو القرون الغابرة، وحتى مع إنهاء الإغلاق للمسجد الأقصى، استخدمت السلطات الإسرائيلية، كل وسائل الاستفزاز والقمع، وفي ظل الحراب العسكرية الإسرائيلية، وهذه الأساليب، تهدف إلى الضغط على الشعب الفلسطيني، حتى تعود مرة أخرى للممارسات القمعية كما تفعلها دائما، وربما الإغلاق مرة أخرى، ولا شك أن الاحتلال الإسرائيلي، المتمثل باليمين الإسرائيلي القائم على السلطة المحتلة الآن، يرى أن العالم العربي، والدول المحيطة على وجه الخصوص، تعاني ظروفا سياسية واقتصادية ضاغطة وصعبة، وتعتقد هذه السلطات أن الفرصة سانحة الآن، لوضع مخططها في دفع عمليات التهويد والذي تم وضعه من عقود مضت، سواء في بروتوكولات صهيون، أو في مخططات سلطات الاحتلال بعد حرب 1948، لكن الشعب العربي الفلسطيني واع لقضيته العادلة، وتمسكه بحقوقه في استعادة الحق السليب، وفي مقدمتها المسجد الأقصى على وجه الأخص، ولذلك فإن السلطات الإسرائيلية، تحاول في ظل استغلال الظرف العربي الراهن، لتكريس مخططاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالأخص مدينة القدس، فالأقصى الآن في محنة كبيرة ، لم يسبق لها مثيل منذ احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في حرب 1967.

ومنذ هذا الاحتلال والتحركات قائمة بخطوات متدرجة لطمس معالم هذه المدينة وآثارها الإسلامية، من خلال الكثير من الحفريات، والاستيلاء على الكثير من الأملاك الخاصة التابعة للعرب الفلسطينيين منذ قرون مضت، وبعضها أوقاف للمسجد الأقصى ، ومسجلة رسميا بالأوقاف الإسلامية بالقدس، مع أن اتفاقيات لاهاي بشأن الأملاك الخاصة واضحة بموجب المادة [46] التي تقول «يجب أن تحترم الملكية الخاصة» وأنه « لا يجوز مصادرة الأملاك الخاصة»، وهذه القوانين والأنظمة بشأن الأملاك الخاصة، ضربت بها سلطة الاحتلال الإسرائيلية عرض الحائط، وقد تم تدمير الكثير من المباني القائمة في تلك الأماكن المقدسة وإقامة الكثير من المستوطنات حولها، خاصة منذ تولي اليمين الإسرائيلي الحكم، منذ عدة سنوات. ولا شك أن الخطوة الإسرائيلية، كما أشرنا، تعتبر أن الفرصة سانحة في هذا الوقت في ظل الخلافات والصراعات العربية، وخطة التهويد، وما يسمونه حق اليهود في إعادة بناء الهيكل، وهي دعوات مزعومة ، ليس لها من دلائل تاريخية، وعليه، كما يقول الكاتب الفلسطيني نزار السهلي» فقد ظلت قضية القدس مختلفة عن كل القضايا في الصراع العربي الإسرائيلي، وأخذت بعدا أكثر من مجرد الصراع على مدينة من المدن، بل كانت عنوانا للصدام بين التاريخ المزيف والتاريخ المحفور في تراب الفلسطينيين منذ الكنعانيين. لم يترك المشرع الإسرائيلي ومحاربوه ومستوطنوه مناسبة إلا ويؤكدون فيها أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ويدعمون التصريحات بممارسات ميدانية لفرض سياسة الأمر الواقع، وصولا إلى إتمام كل شيء بما في ذلك القبضة الأمنية والاستيطانية لقطع الطريق أمام أي محاولة ولو شكلية لإثارة موضوع القدس لاحقا، ليجد المفاوض الفلسطيني نفسه أمام حقيقة نهائية لا خيار حيالها عربيا سوى القبول بما تفرضه المؤسسة الصهيونية».

لكن إسرائيل منذ قيامها، وهي تنطلق من دعوات دينية، حتى الزعماء الذين أسسوا إسرائيل كانوا علمانيين ، وليسوا دينيين، كما زعموا، فإن شعارهم كان دينيا وليس علمانيا لكنهم ربما أرادوا أن يدعّوا أنهم علمانيون، حتى يحصلوا على التأييد الغربي، لإقامة وطن بديل لإسرائيل في فلسطين، بموجب وعد بلفور الشهير، وفي الوقت نفسه يريد الغرب أن يتخلص منهم، ثم يفصل الوطن العربي شطرين دون اتصال، ويبقى هذا الكيان المحتل شوكة في الجسد العربي، وهذا ما تحقق لهم بالفعل عندما غرسوا هذا الكيان الغاصب في أرض فلسطين بقوة السلاح، وبكل الوسائل التي تمكنه في فرض إرادته على الحقوق الفلسطينية، بعد طرد أهلها من أرضهم بالتشريد والتنكيل والقتل، ومازال يمارس هذه الوسائل حتى هذه اللحظة، وما جرى في الأقصى مؤخراً، يؤكد أن الاحتلال يخطط للتهويد، لكن الشعب الفلسطيني يقظ لهذه المخططات الرامية إلى تهويد مقدساته، وسيبقى حيا وقويا، ولا يمكن أن يستكين لما يراد له الركون للظروف الراهنة، وعندما منعت سلطات الاحتلال الصلاة في المسجد الأقصى، واجه هذه القرارات الظالمة بكل إصرار، وتصدى لها بكل الوسائل، حتى أحس قادة الاحتلال أن قرار المنع من الصلاة الحرم القدسي، سيكون له ردات فعل قوية من الشعب المقدسي، وهذا ما حصل، وأذعن الاحتلال، ورفع القيود عن هذا القرار الظالم، لكن هذا الاحتلال كما هو متوقع، سيحاول القيام بمخططاته بوسائل أخرى، لكن الشعب العربي الفلسطيني لن يتوقف عن مواجهة كل المخططات التي ترمي إلى تهويد الأقصى وطمس معالم هذه المدينة المقدسة.