العرب والعالم

تقرير: الفلسطينيون يسجلون في المرمى الإسرائيلي

30 يوليو 2017
30 يوليو 2017

القدس - جو دايك :-

ينظر الفلسطينيون إلى تراجع إسرائيل عن التدابير الأمنية الاخيرة في محيط المسجد الأقصى على أنه انتصار في صراعهم مع الاحتلال، وهي خطوة نادرة لم يتحقق مثلها منذ زمن.

عند منتصف ليل الخميس الجمعة، مع انتشار خبر قيام الشرطة الإسرائيلية بإزالة الإجراءات الأمنية الجديدة عند مداخل الحرم القدسي في القدس الشرقية المحتلة، خرج مئات من الفلسطينيين في شوارع البلدة القديمة في المدينة، وبدأوا يحتفلون.

ويقول عوفير الزبيرغ من مجموعة الأزمات الدولية لوكالة فرانس برس «تشجع الفلسطينيون للغاية بما اعتبروه نصرا لهم في بحر من الهزائم».

ويضمّ الحرم القدسي المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين، ويقع في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وضمتها في خطوة لم يعترف بها دوليا. ويرتدي اهمية رمزية وسياسية بالغة بالنسبة إلى الفلسطينيين.

في 14 يوليو، عندما وضعت إسرائيل بوابات الكترونية لكشف المعادن عند مداخل باحة الاقصى، انفجر الفلسطينيون غضبا. جاءت الإجراءات الأمنية بعد هجوم نفذه ثلاثة شبان من عرب إسرائيل وأسفر عن مقتل شرطة إسرائيليين اثنين، إضافة إلى المهاجمين الثلاثة. وقالت السلطات الإسرائيلية إن المهاجمين هربوا مسدسات إلى الحرم القدسي وانطلقوا منه لمهاجمة عناصر الشرطة.

لكن الفلسطينيين رأوا في الإجراءات الأمنية محاولة من إسرائيل لبسط سيطرتها على الموقع، فرفضوا دخول الحرم القدسي وأدى الآلاف منهم الصلاة في الشوارع المحيطة بالمسجد لأسبوعين تقريبا.

وجرت اعتصامات واحتجاجات تخللتها أعمال عنف في القدس الشرقية والضفة الغربية قتل فيها ستة فلسطينيين وأصيب المئات بجروح في مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية.

في المقابل، أقدم فلسطيني على قتل ثلاثة إسرائيليين في مستوطنة في الضفة الغربية، وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إعدام المهاجم.

وتقول المسؤولة الفلسطينية السابقة ديانا بطو ان الحراك «تجاوز كافة الخطوط- الدينية وغير الدينية، وجمع مسلمين ومسيحيين وأغنياء وفقراء».

وأشارت إلى أن القيادة السياسية الفلسطينية والفصائل بما فيها حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس لم يكن لها دور في ما حصل، وان الحراك بدأ عفويا وكان يقوده الشارع.

واعتقد البعض باندلاع دوامة جديدة من أعمال العنف ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إرسال موفد إلى المنطقة، بينما ضغط العاهل الاردني عبد الله الثاني، الوصي على الأماكن المقدسة في القدس، ومسؤولون آخرون على نتانياهو للتراجع عن الإجراءات الأمنية الجديدة. في العام 2000، أدت زيارة زعيم اليمين آنذاك أرييل شارون إلى الأقصى إلى إشعال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي دامت أكثر من أربعة أعوام. ورضخ نتانياهو للضغوط، فأزالت الشرطة الإسرائيلية في وقت مبكر من صباح الثلاثاء الماضي بوابات كشف المعادن، ولكنها اعلنت أنها ستقوم باستبدالها بأجهزة أخرى متطورة. ثم أقدمت الخميس على إزالة كل التجهيزات الأمنية المستحدثة في المكان.

واحتفل الفلسطينيون في الشوارع، ورددوا هتافات وأطلقوا أبواق السيارات. وعلق علم فلسطيني كبير، في خطوة نادرة للغاية، على جدران البلدة القديمة.

وقالت نسرين التي كانت تتظاهر «نحن نشعر بالفرح. أعيش بعيدا من هنا، لكنني جئت سيرا على الإقدام إلى المسجد الأقصى».

وأضافت «الإسرائيليون يعتقدون أن الامر انتهى. ان شاء الله هذه البداية». مساء الجمعة الماضية، تراجعت إسرائيل أيضا عن قرارها منع الرجال دون الخمسين عاما من دخول المسجد الأقصى.

وقال استطلاع رأي إن 77% من الإسرائيليين اعتبروا هذه الخطوة بمثابة «استسلام»، في حين انتقدت صحيفة «إسرائيل هايوم» المقربة من رئيس الوزراء طريقة تعامله مع هذه الازمة.

ويتزعم نتانياهو الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. ودعا الجمعة إلى تنفيذ حكم الإعدام بالفلسطيني الذي قتل ثلاثة مستوطنين، في خطوة رأى محللون إنها تهدف لإرضاء قاعدته الشعبية.

ويقول زالزبيرغ «هناك شعور كبير بالإذلال، خصوصا في أوساط اليمين»، مشيرا إلى أن التيار اليمني «يضغط على الحكومة لعكس هذا الإذلال عبر الحصول على شيء آخر».

ويعتبر أن «إسرائيل لم تتمكن من وقف الحراك بسبب حجمه الهائل ولأنه كان يتعلق بالمسجد الأقصى».

ويشير إلى إمكانية عودة الانقسامات الفلسطينية الى الواجهة بعد زوال الخطر الداهم.

لكنه يرى ان الشبان الفلسطينيين الذين شاركوا في الاحتجاجات في الاسبوعين الماضيين سيكونون اكثر حرصا في المستقبل على الضغط على قيادتهم.