1070932
1070932
المنوعات

صناعة السينما: منجم ذهب لفرص العمل وتغذية اقتصادات الدول

29 يوليو 2017
29 يوليو 2017

«المرأة الخارقة» و«قراصنة الكاريبي» يدعمان النمو في بريطانيا -

كتب - الشربيني عاشور -

ليست السينما مجرد وجه للإبداع الفكري والفني فقط، فهي إلى ذلك تلعب دورا مهما في نمو الاقتصادات العالمية، ما يعني أن القطاع السينمائي إلى جانب دوره الفكري والفني له وجهه التجاري المساهم في تنويع مصادر الدخل، وإنعاش النمو الاقتصادي للدول التي تمتلك صناعة سينمائية حقيقية.

وكشف تقرير اقتصادي حول نمو الاقتصاد البريطاني في الربع الأول من السنة الحالية، عن مساهمة القطاع السينمائي البريطاني في هذا النمو من خلال إيرادات شباك التذاكر في دور العرض.

ووصف التقرير قطاع السينما في بريطانيا بأنه «من أفضل القطاعات أداء في الاقتصاد البريطاني خلال الفترة الماضية». مشيرا ـ على وجه الخصوص ـ إلى أن عائدات تذاكر فيلمي وندر وومان (المرأة الخارقة) وبيراتس أوف ذا كاريبيان (قراصنة الكاريبي) ـ وهما من أفلام الحركة (الأكشن) ـ كانت من بين الأسباب التي دفعت قطاع السينما في بريطانيا إلى الأمام ليحقق نموا بنسبة 8% في الربع الثاني من العام الجاري.

ولم يكن ما كشفه التقرير غريبا على قطاع السينما البريطاني الذي تتأصل مساهمته تاريخيا في دفع عجلة النمو الاقتصادي بالمملكة المتحدة حيث ساهم بأكثر من 4.6 مليار جنيه استرليني في إجمالي الناتج المحلي البريطاني وفقا لتقرير بعنوان «التأثير الاقتصادي لصناعة الأفلام في 2011» نشرته شركة «أوكسفورد ايكونوميكس» للاستشارة الاقتصادية في عام 2012.

وفي عام 2010 حققت صادرات بريطانيا من الأفلام السينمائية 2.1 مليار جنيه إسترليني وتشير التقارير إلى تحسن صناعة الأفلام البريطانية في العقد الماضي الأمر الذي أتاح لها فرص المنافسة في السوق العالمي وتقديم مساهمة مهمة لشبكة التجارة البريطانية وسط أرباح التصدير.

وتبدو مساهمة قطاع الإنتاج السينمائي في الدخل القومي للدول بشكل أوضح في الولايات المتحدة الأمريكية ففي أول تقدير رسمي للحكومة الأمريكية لدور الفنون والثقافة في الاقتصاد الأمريكي عام 2013 أشارت إلى أن الصناعات الإبداعية الأمريكية بقيادة هوليوود بلغت 504 مليارات دولار أي ما لا يقل عن 3.2% من إنتاج السلع والخدمات الأمريكية. وبهذه المساهمة تفوق قطاع الثقافة والفنون في أرباحه على قطاع مثل السياحة والسفر في الولايات المتحدة.

وحسب تقديرات جمعية الفيلم الأمريكي لعام 2015 فإن عملية إنتاج الفيديو والبرامج تليفزيونية وصناعة السينما تسهم بحوالي 40 مليار دولار أمريكي في العام الواحد.

وعلى الرغم من أن معظم الإنتاج السينمائي في ألمانيا إنتاج محلي إلا أن عدد مشاهدي الأفلام الألمانية حول العالم بلغ حوالي 30 مليون شخص. ومن بين 584 فيلما عرضت في ألمانيا عام 2012، كان هناك 241 فيلما ألمانيا. وفي العام نفسه، شاهد 24 مليون شخص من جميع الفئات العمرية أفلاما ألمانية في دور العرض السينمائي.

ولا يخفى ما لصناعة السينما من أهمية موازية في توفير الفرص في سوق العمل لقطاع عريض من الكوادر العاملة في الإخراج والتمثيل والكتابة والإضاءة والتصوير والديكور والملابس وغيرها من الأعمال والمهام الفنية والمساعدة المرتبطة بصناعة السينما. ففي بريطانيا وحدها بلغ عدد فرص العمل في قطاع إنتاج الأفلام السينمائية عام (2009) 36 ألف وظيفة، وفي ظل التطور الذي شهده قطاع الإنتاج السينمائي خلال السنوات الأخيرة ارتفع هذا العدد ليصل إلى 44 ألف وظيفة.

وتدعم صناعة السينما في الولايات المتحدة الأمريكية 1.9 مليون عامل، وتوفر 47 مليار دولار أمريكي في الأجور. ما يعني ـ بما لا يدع مجالا للشك ـ قيمة هذا القطاع كمنجم ذهب في توفير وتنويع فرص العمل. وهو ما حث الحكومة الفيدرالية الألمانية إلى المساهمة في تمويل صناعة السينما الألمانية بنحو 170 مليون يورو سنويا.

وإذا كانت هذه الحقائق والأرقام تؤكد التأثير الفعلي لقطاع السينما على اقتصادات الدول فإن التساؤل الذي يجب التوقف أمامه جيدا هو: «أين معظم الدول العربية من هذا القطاع؟ وكيف يمكن التعامل مع صناعة السينما بجدية لا تحصر وظيفة إنتاج الأفلام في تلك النظرة الضيقة للتسلية والترفيه، وإنما تتعداها إلى كونها صناعة من المؤكد ـ إذا تم التخطيط لها جيدا ـ أن تكون رافدا للدخل القومي يتخطى مداخيل بعض القطاعات الأخرى مثل السياحة ـ كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية ـ فضلا عن دور هذه الصناعة في توسيع مساحة فرص العمل.