Oman Daily K O
Oman Daily K O
كلمة عمان

درس آخر للصمود الفلسطيني

29 يوليو 2017
29 يوليو 2017

بالرغم من كل الانتهاكات والإجراءات القمعية والتعسفية الهمجية، التي مارستها إسرائيل على امتداد السبعين عاما الماضية، والتي تواصل ممارساتها حتى الآن بكل السبل التي في حوزتها، إلا ان كل تلك الممارسات، لم تستطع أن تكسر صمود الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة منذ عدوان يونيو 1967، بما في ذلك القدس الشرقية الحاضنة للمسجد الأقصى المبارك.

وإذا كان الصمود البطولي للشعب الفلسطيني الشقيق، يرتبط الى حد كبير بالإيمان العميق، الفلسطيني والعربي بعدالة القضية الفلسطينية، وبحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، غير القابلة للتصرف، وبالدعم والمساندة الشعبية والرسمية العربية والإسلامية، بل ومن جانب مختلف القوى الحريصة على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، فان ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين في المسجد الأقصى المبارك وحوله، من انتهاكات إسرائيلية، وتصعيد مخطط من جانب حكومة بنيامين نتانياهو، ضد المسجد الأقصى ومحاولات تغيير الأوضاع فيه ومن حوله، والمواجهة الشعبية والرسمية الفلسطينية الصلبة لهذه الإجراءات، قد أضافت في الواقع درسا آخر من صمود الشعب الفلسطيني الشقيق ، وهو درس أجبر سلطات الاحتلال الإسرائيلي على التراجع عن الإجراءات التي حاولت فرضها بالقوة، وهو ما كان انتصارا واضحا للإرادة الفلسطينية، وهزيمة مخزية لحكومة نتانياهو ولمخططاتها الرامية إلى العبث بالمقدسات الإسلامية في القدس الشرقية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.

ومع التأكيد على ان الموقف الذي اتخذه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقطعه للاتصالات والترتيبات الأمنية مع إسرائيل، وكذلك المواقف العربية الداعمة للفلسطينيين، سواء في إطار جامعة الدول العربية أم على الصعيد الثنائي، وكذلك المواقف الإسلامية والدولية الداعمة لحقوق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، والمنددة بمحاولات إسرائيل بتغيير الأوضاع في المسجد الأقصى المبارك، قد شكلت ضغطا كبيرا على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، فان التماسك الشعبي الفلسطيني، خاصة من جانب أبناء القدس الشرقية والأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي تجسد في حشود الفلسطينيين خارج المسجد الأقصى ورفض الدخول إليه حتى تزيل إسرائيل حواجزها الإلكترونية وكاميراتها وأسيجتها الحديدية، شكلت في الواقع موقفا عمليا على الأرض انتقل الى العالم كله، وعلى نحو غير مسبوق، وهو ما أجبر سلطات الاحتلال الى العودة عن غيها، والقيام بتفكيك ما وضعته من أجهزة، وفتحت كل أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين الفلسطينيين، وهو أمر بالغ الأهمية والدلالة، ليس فقط بالنسبة للشعب الفلسطيني الشقيق، ولكن أيضا بالنسبة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، التي ربما استشعرت خطورة ما تقوم به، وما يمكن أن يؤدي إليه من نتائج لا يستطيع أحد التنبؤ بما يمكن أن تصل إليه. على أية حال فانه يمكن القول بأن الصمود والتماسك الشعبي والرسمي الفلسطيني، المدعوم عربيا وإسلاميا ودوليا، أصبح عنصرا قادرا على التأثير، وعلى الوقوف في وجه مخططات إسرائيل في القدس الشرقية، وهو ما ينبغي الحفاظ عليه ودعمه وتقويته حتى لا تواصل إسرائيل مخططاتها لتهويد القدس الشرقية المحتلة، وحتى يتم التوصل الى تسوية عادلة وشاملة في إطار حل الدولتين، والذي فيه سوف تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967.