1062555
1062555
مرايا

سارة المعشنية: أشعر بالسعادة لأني أقدم خدمة مهمة أرى ثمارها أمامي

26 يوليو 2017
26 يوليو 2017

شركة الدانات في طاقة.. متنفس مثالي للسباحة والاسترخاء -

حوار: زينب الناصرية -

1062557

«بداخل كل منا شي يحبه ويستطيع تحقيقه والوصول إليه إذا هو بالفعل أراد ذلك مع القليل من الصبر والتحمل، لا يوجد هناك مستحيلا مع وجود العزيمة والإرادة». هكذا بدأت سارة بنت أحمد المعشنية صاحبة مشروع «شركة الدانات» في محافظة ظفار بولاية طاقة، كان حلما ثم فكرة ثم كائنا تجسد بكل تفاصيله، يحكي عن قصة جديدة من قصص النجاح الملهمة قي تحقيق حلم الطفولة ومشاركة الشغف مع الآخرين.

«في الحقيقة أتت فكرة المشروع بسبب عشقي الشديد للسباحة منذ الصغر حيث كنت أحلم منذ طفولتي بأن أجد مكانا نظيفا ويتمتع بالخصوصية لممارسة السباحة ولكن للأسف لم يكن متواجدا في تلك الفترة ( 1981) حيث كان عمري لا يتجاوز الست سنوات .. وأذكر أني كنت أذهب كل يوم للسباحة في الأحواض المخصصة لشرب الماشية وكنت أتعرض للعقاب يوميا من قبل كبار السن الذين يأتون لسقي ماشيتهم حيث لا يسمح لنا بالنزول في هذه المياه ولكن خوفي من العقاب لم يمنعني من الذهاب يوميا إلى هناك فقد كنت أنتظر أن ينتهوا من سقي الماشية وأذهب بعدها خلسة للسباحة .. وفي الحقيقة هي لم تكن سباحة بمعناها الحقيقي وإنما اللعب بالماء والاستمتاع بذلك»

كبر مع سارة الحلم حتى أصبحت في سنٍ لم تجد فيه مكانا تمارس فيه تلك الهواية بسبب عدم توافر أماكن خاصة للنساء لممارسة الألعاب والهوايات المختلفة في المنطقة وخاصة في تلك الفترة.

تقول سارة: «توظفت في وزارة الصحة عام 1996 وعملت مثقفة صحية بمستشفى طاقة الذي كان آنذاك مركزا صحيا صغيرا في مبنى مستأجر عند شاطئ طاقة وكان أبرز نشاط عملي يتركز في المجال الوقائي من الأمراض وأهمية ممارسة النشاط البدني إذ كنت أقوم بإلقاء المحاضرات وعمل زيارات ميدانية لتوعية الناس في هذا المجال وخاصة النساء اللاتي يعانين من السمنة وقلة ممارسة النشاط البدني. وكان السبب الرئيسي بالإضافة لقلة الوعي هو عدم وجود أماكن مخصصة للرياضة النسائية.. انتقلنا بعدها إلى العاصمة مسقط في دورة دراسية من قبل العمل في 2005 واستغللت هذه الفترة في الالتحاق بنادي نسائي لتعليم السباحة وكنت أشعر بسعادة غامرة وأنا أحقق حلمي في إتقان السباحة ومن ثم قمت أنا بعدها بتعليم أبنائي بعد أن أتقنت أنا أساسيات السباحة»

وحينما عادت سارة إلى ظفار لم تعد تستطع الذهاب بشكل يومي إلى النادي بحكم بعد المسافة بين منطقة سكناها وطاقة والمكان الوحيد الذي يتوفر به المسبح النسائي في مجمع الشؤون الرياضية بصلالة وكان بعد المسافة عائق في استمرارها.

« بدأت حينها تراودني فكرة إنشاء مكان تستطيع النساء من خلاله ممارسة هذه الهواية بكل خصوصية وأريحية ويكون كذلك مصدر دخل إضافيا لي، فبدأتُ أطالب بأرض تجارية لإنشاء مشروعي الصغير، وفي الحقيقة لم يكن لدي فكرة عن طريقة المطالبة بهذه الأرض ثم بدأت البحث في النت عن نوع أراضي الاستثمار وطريقة تقديم الطلب وبدأت الإعداد لذلك ووضع مخطط توضيحي للمشروع والهدف من إنشائه وقدمتها في المديرية العامة للإسكان بصلالة»

صبر وإرادة

ووسط السخرية التي واجهتها حول استحالة الحصول على هذه القطعة من الأرض في ذلك الوقت، تفاءلت سارة وتابعت بجهد واستمرار لمدة 3 سنوات متواصلة متسلحة بالصبر والإرادة.

(تابعت الطلب ومروره عبر عدة جهات حكومية مثل مكتب سعادة الوالي بالولاية والمديرية العامة للشؤون الرياضية والمديرية العامة للسياحة والتجارة والصناعة، وجاءت أخيرا الموافقة من قبل هذه الجهات بعد أن قدمت جميع الأوراق والمستندات المطلوبة، ولكن ما كان يؤرقني هو عدم وجود رأس مال ولو بسيط لبدأ المشروع وهذا ما دفعني للاشتراك في جمعية حتى أستطيع توفير مبلغ مبدأي لتنفيذ المشروع).

حصلت سارة على مساحة ألفي متر مربع لإقامة مشروع خلال عام واحد أو سوف تقوم الوزارة بسحب هذه الموافقة وإلغائها، وهي أرض استثمارية يقوم المستثمر - وفق ما هو معمول به- بدفع رسوم سنوية للإسكان مقابل استثمارها.

« أتى دوري في الجمعية التي اشتركت فيها وكان المبلغ عشرين ألفا أستطيع من خلالها إنجاز المرحلة الأولى من المشروع وكان عبارة عن ملعب كرة قدم معشب للشباب بمساحة 1000 متر مربع ويخصص في بعض الأيام لأنشطة الفتيات وعمل الفعاليات الرياضية كلما أتيحت الفرصة لذلك وذلك بالتنسيق مع المديرية العامة للشؤون الرياضية بالمنطقة».

أما المرحلة الثانية للمشروع فهي عبارة عن اثنين من حمامات السباحة مع ملحقاتهما من غرفة للاستراحة ومطبخ تحضيري صغير وغرفة لتبديل الملابس ودورة مياه وذلك لضمان الخصوصية، الأول يتضمن بركة سباحة مناسبة العمق بطول 10 متر وعرض 6 متر، وهذه تصلح للأطفال وللمبتدئين أو لمن يرغب اللعب في الماء، أما البركة الأخرى بنفس الطول ونفس العرض ولكن بعمق أكبر وهذه مناسبة لمن يجيدون السباحة، والبركتين منفصلات عن بعضهما.

«في هذه المرحلة اضطررت أن ألجأ لبنك إسلامي حيث قمت برهن منزلنا للبنك مقابل إعطائي مبلغا أستطيع من خلاله إنجاز هذه المرحلة إذ كانت مكلفة ولا أستطيع مواصلتها بدخلي الخاص ثم انه لم تكن لدي الأيدي العاملة المحترفة لهذه المهمة الذي كنت أتمناه ولكن أنجزت المهمة ولله الحمد بتكلفة إجمالية تقدر بما يقارب 60 ألف ريال.

تحقيق الحلم

بدء ضخ المياه في البركتين والإعلان عن الافتتاح في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وبدأ تهافت الناس للحجز من العائلات أو الشباب أو المدارس في اللحظة التي شعرت فيها سارة بالفخر في رؤية حلمها وثمرة جهدها يتحقق بدعم من زوجها لتتخطى كل العراقيل والإحباطات.

«بعد بدء التشغيل بدأت تظهر لي بعض المشاكل التي لم تكن في الحسبان وبحكم قلة خبرتي كمبتدئة في هذا المجال فقد بدأت تؤرقني مثل المحافظة على إبقاء المياه نظيفة وصحية ونسبة الكلور المسموح بها لتطهير المياه وتعقيمه وإبقاء المكان نظيفا ولائقا بالزبائن، كما أن الأفراد أو العائلات اللذين يرتادون المكان لم يكونوا جميعهم يحافظون على اتباع التعاليم الصحيحة في النزول إلى البركة بالرغم من أننا وضعنا لوحة التعليمات المفروض إتباعها عند ممارسة السباحة من حيث الملابس الملائمة وتغطية الشعر وعدم تناول الأطعمة والمشروبات في المياه وغيره مما يؤدي إلى اتساخ المياه وعدم إبقاؤها نظيفة، مما حدا بنا إلى الاستعانة بعامل نظافه في فندق مجاور وتدريبه على استخدام الطريقة الصحيحة في التعقيم. ثم قمنا بتوظيف عامل وتدريبه حتى أصبح شيئا فشيئا يتقن العمل وبدأت الأمور تستقر وتنتظم.

وتضيف: «بعد أن بدأت الأمور تستقر قليلا بدأنا نضع مخططا لتعليم السباحة للأولاد والفتيات مقابل رسوم مناسبة إذ نقوم بإعداد دورة مدة شهر مثلا وبرسوم 25 ريالا للمتدرب و30 ريالا في حالة طلب توفير المواصلات له وتكون 3 أيام في الأسبوع ويتم التنسيق مع معلمي الرياضة في المدارس مقابل أجر نتفق عليه سواء مقيمين أو عمانيين ممن لديهم القدرة على تعليم السباحة وكانت هذه الدورات من أجمل الأمور التي تدخل السعادة في قلوبنا بغض النظر عن الكسب المادي إذ أحيانا لا أستفيد منها ماديا بعد توزيع المردود منها على أجرة معلم السباحة وسائق باص نقل المتدربين ولكن كنا نشعر بسعادة عندما نرى الفرق في أول حصة تعليم سباحة حيث يكون لدى المتدربين رهبة وخوف من النزول إلى الماء ولمسه وبين الحصة الأخيرة والتي نستدعي فيها أولياء الأمور لرؤية أبناءهم وهم يمارسون السباحة بكل انسيابية ويسر وقد تخطوا كل المراحل، حينها فقط أشعر بالإنجاز والفخر الحقيقي حينما أجد بأني اقدم خدمة مهمة أرى ثمارها أمامي».

وعن الخطط القادمة تقول سارة بأن الخطة اللاحقة هي تجهيز مقهى ومحل لبيع الأدوات الرياضية ومستلزمات السباحة وغيرها من الأمور التي يحتاجها مرتادو المكان حتى يشعرون بالأريحية.

وفيما يتعلق بالفتيات تقول سارة بانها شخصيا تقوم بتدريبهن في حالة توفر الفرصة المناسبة ولا يتم ذلك بشكل دوري إلى الآن بسبب بعض التعديلات والإضافات حتى يكون المكان ملائم بشكل أكبر حيث يتم التعاون مع المديرية العامة للشؤون الرياضية لإقامة مناشط رياضية مجانية خاصة بالفتيات مثل لعبة كرة القدم والطائرة ومسابقة شد الحبل والسباحة وغيره.

تستطرد سارة «في الحقيقة لا أنكر بالرغم من عشقي لرياضة السباحة منذ الصغر إلا أن عملي في المجال الصحي ووعيي بأهمية ممارسة الرياضية ودورها الأساسي في الوقاية من الأمراض كان شيئا أساسيا دفعني إلى المضي قدما في تنفيذ الفكرة التي كانت موجودة لدي منذ زمن طويل وضرورة وجود مكان لممارسة هذه الرياضية بخصوصية وأريحية، وكنت أستغل أيام الإجازات لإضافة المزيد من اللمسات والأفكار الجديدة في المشروع ثم عندما بدأت أقترب من إتمام عشرون عاما في الوظيفة فكرت في تقديم طلب التقاعد المبكر حتى أتفرغ لعملي الخاص بدون ارتباطات تحد من تقدمي وقدمت على ذلك منذ 4 أشهر وتحديدا في واحد فبراير 2017، وهذا أتاح لي المزيد من الوقت للتجديد والتطوير في عملي والتفرغ لأفكار جديدة وتنفيذها.

نصيحة للشباب

وفي كلمتها للشباب العماني، تقول سارة: بداخل كل منا شيء يحبه ويستطيع تحقيقه والوصول إليه إذا هو بالفعل أراد ذلك مع القليل من الصبر والتحمل، لا يوجد هناك مستحيلا مع وجود العزيمة والإرادة وأنا بدوري أنصح الشباب العماني بعدم الاستسلام وندب الحظ وانتظار الوظيفة التي قد لا تأتي أبدا بل عليه السعي والمحاولة والبحث حتى يستطع تحقيق ذاته وخدمة نفسه وأسرته ومجتمعه وأن لا يستسلم لليأس أبدا وحتى الموظف منهم فلم تعد الوظيفة الآن تستطيع الإيفاء بمتطلبات الأسرة خاصة مع الأوضاع الاقتصادية الحالية التي نمر بها إذ يجب البحث عن دخل إضافي من خلال العمل الخاص الذي يجد نفسه فيه ويستطيع الإبداع فيه حتى يصل إلى سلم النجاح.

واختتمت حديثها بتوجيه الشكر إلى زوجها الذي كان له الدور الأكبر في دعمها ومساندتها.

لم نعد نعاني من مشاكل كبيرة سوى الطريق الذي لا يزال ترابيا وعرا وعدم وجود دوار إلا بعد مسافة لا بأس بها مما يعيق الناس أحيانا عن الوصول رغم مطالبتي بسفلتة الجزء البسيط من هذا الطريق وربطه بالشارع العام، وأتمنى من الجهات المختصة دعم الشباب والأخذ بيدهم وتسهيل العراقيل أمامهم حتى يستطيعوا الاعتماد على انفسهم وتحقيق ذاتهم.