مرايا

أوبرا وينفري - المرأة التي تحدت الصعاب وألهمت الملايين

26 يوليو 2017
26 يوليو 2017

مقدمة برامج حوارية أمريكية وممثلة مسرحية وشخصية عالمية حظيت بالاهتمام على مواقع الإنترنت والصحف والمجلات وفي القنوات التلفزيونية والإذاعية.

ولدت أوبرا في الـ 29 من يناير 1954، وعاشت طفولة فقيرة، والدها كان حلاقاً بالإضافة إلى عمله ببعض الأعمال التجارية الصغيرة، ووالدتها كانت تعمل في خدمة البيوت، فعاشت أوبرا عند جدتها في حي فقير بعد انفصال والديها إلى أن بلغت السادسة من عمرها،وكانت ترتدي أثوابًا مصنوعة من أجولة البطاطس؛ مما كان يعرضها لسخرية الأطفال من سنها.

وبعد دخولها روضة الأطفال، رأت مدرسّة أوبرا وينفري أنها لا تُشبه باقي الأطفال، ولا تنتمي إلى بيئتهم، فطلبت من المدير نقلها إلى الصف الأوّل، لأنّ نسبة ذكائها تؤهلها للحلول في صف الروضة الأولى. وفي مدرستها حصلت أوبرا على لقب الطالبة الأكثر شعبية، نظراً إلى علاقتها الجيّدة بجميع الأساتذة والتلاميذ والزملاء، وعندما بلغت الثانية عشرة من عمرها انتقلت للعيش مع امها، وفي سنّ الرابعة عشرة تعرضّت للاعتداء الجنسي على يد أحد أقاربها، نتيجة لذلك حملت بطفلها الأوّل، إلا أنّ مولودها لم يكتب له العيش طويلًا، وتوفي مباشرة بعد ولادته بساعات قليلة، وحُرمت من بعدها نعمة الأطفال.

وكان لهذه الأحداث المأساوية تأثير مباشر على حياتها، حيث أدمنت المخدرات في فترة من حياتها خلال مراهقتها، أرادت والدتها بعد أن فقدت السيطرة عليها، وعلى تصرفاتها الخارجة عن الحدود حينها، أن تتخلص من مسؤوليتها وترسلها إلى إحدى دور الرعاية والتأهيل، فأُرسلتها إلى مركز لإعادة تأهيل الأحداث، ولكن لحسن حظ أوبرا وينفري لم يتوفر لها مكان، فقررت والدتها أن ترسلها للعيش مع والدها في ناشفيل، والذي قام بتعليمها وتأديبها تأديبًا صارمًا، وتحت قبضته الحديدية تغيرت حياة أوبرا، وتنقلت ما بين منازل لوالدها وجدتها وأقربائها. وعلى الرغم من عائلتها المفككة والظروف الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة، قررت أن تستمر في تعليمها، فتخرجّت من جامعة تينيسي

وتمكنت من التفوق والنبوغ في دراستها على جميع زملائها، إلى أن أصبحت من أوائل الطلاب الأمريكيين ذوي الأصل الأفريقي، الذين يدرسون في جامعة الولاية من خلال منحة تعليمية، لتحصل على بكالوريوس في الفنون المسرحية.

بدأت أوبرا حياتها كمراسلة لإحدى قنوات الراديو وهي في الـ 19 من عمرها، وقيل حينها إنها أصغر مذيعة في تاريخ المحطة، وقد عانت من الفشل في أوّل مسيرتها.

وفي عام 1982م، كانت تشارك في تقديم الأخبار للتلفزيون المحلي في بالتيمور، ماريلاند، ومن ثم أعجب بها المسؤولون في محطة “دبليو إل إس” في شيكاغو، والتي تعد ثالث أكبر مدينة إعلامية في أمريكا، وطلبوا منها الحضور للقيام بتجربة الأداء لبرنامج طبخ.

ومع أنها لم تكن تعرف أي شيء عن الطبخ والوصفات، إلا أن هذا لم يصدها، وكان من الطبيعي أن تشعر بالخوف من قبول عمل غير مألوف بالنسبة لها، لكنها تخطت ذلك عن طريق قدرتها الدائمة على مواجهة مخاوفها.

انقلبت حياتها رأساً على عقب بعد أن بدأت في عام 89 تقديم البرنامج الأشهر على مستوى العالم” أوبرا شو”، وهو برنامج يومي بدأ بتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية التي تهم المجتمع الأمريكي، وحقق نجاحاً استثنائياً بفضل الحضور الطاغي لمقدمته وطريقة حوارها، لتصبح نموذجاً إعلامياً مهماً على مستوى العالم.

وفي أوائل التسعينات زادت شهرة البرنامج، وتحول مع الوقت كجزء أصيل من الثقافة الشعبية الأمريكية، ويتصل بكل تفاصيل حياتهم، لتصوّر أوبرا عدة حلقات تاريخية مع نجوم ورموز المجتمع الأمريكي.

وتزداد بمرور الوقت شهرتها لتصبح عالمية، ويعرض برنامجها في أكثر من 100 دولة على مستوى العالم، فأنشئت بعد ذلك شركة انتاج خاصة بها تسمي Harpo Oprah بالمقلوب، واستديو في شيكاجو؛ لتصبح بذلك ثالث امرأة تملك شركة إنتاج.

ومنذ عام 1995م لم تخلُ قائمة لمجلة فوربس الاقتصادية لأكثر 400 أمريكي ثراء من اسمها، واعتلت القائمة ثلاث سنوات متتالية هي 2004م و2005م و2006م ومن أكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم، وبلغ دخلها السنوي 225 مليون دولار، وأصبحت أول بليونيرة سوداء في العالم؛ إذ تقدر ثروتها بـ2.5 بليون دولار.

استقطب برنامج أوبرا الملايين من حول العالم، وحققت من خلاله ثروة كبيرة، وبات الأعلى من حيث نسبة المشاهدة في تاريخ التلفزيون، وحصلت على جوائز”إيمي”، بالإضافة إلى أنها ناقدة أدبية مرموقة وناشرة صحفية، مما جعلها ثاني أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم حسب مجلة فوريس عام 2005م.

اشتركت أوبرا وينفري في كتابة خمسة كتب، منهم كتابها حول فقدان الوزن الزائد الذي نشرته مع مدربها الخاص عام 2005 وحقق أرباحا عالية حول العالم، ويصبح الكتاب الأول على قائمة الأكثر مبيعًا حتى جاء كتاب مذكرات الرئيس بيل كلينتون ويتفوق عليه ومنتظر لها هذا العام صدور كتاب جديد يتناول قصة حياتها ومذكراتها الشخصية.

انتقال أوبرا وينفري من حياة الفقر والشقاء إلى حياة الشهرة والرفاهية لم يغيّرها، فرغم تصدرها قائمة النجوم الأكثر نفوذاً في العالم، فهي تُعد من أكثر الشخصيات الإنسانية حول العالم، حيث إنها أسّست العديد من الجمعيات الخيرية، وتتبرّع بشكل مستمرّ للفقراء والمحتاجين.