1068369
1068369
الاقتصادية

دراسة تحليلية شاملة حول أهم مؤشرات النمو وتوجهات اقتصاد السلطنة على مدار 5 عقود

25 يوليو 2017
25 يوليو 2017

الأولى من نوعها ونفذها المركز الوطني للإحصاء -

كتبت - أمل رجب -

في دراسة هي الأولى من نوعها، رصدت دراسة تحليلية شاملة أهم مؤشرات النمو الاقتصادي وتوجهات اقتصاد السلطنة على مدار 5 عقود، واعتمدت الدراسة على عدد من مظاهر النمو الاقتصادي عبر تتبع وتحليل عدد من المؤشرات الاقتصادية التي تعكس أوجها مختلفة للنمو، وأبرز هذه المؤشرات هي إجمالي الناتج المحلي وأسعار المنتج، وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج المهمة منها أن الاقتصاد العماني يتمتع بمرونة عالية في مواجهة الأزمات واستطاع أن يتخطى الكثير من الأزمات العالمية والإقليمية في أسرع وقت ممكن، كما أن الأزمات لم تسبب ردة فعل عنيفة نظرًا لأن هناك نموا جيدا في القطاعات غير النفطية، كما ألقت الدراسة الضوء على مؤشرات مهمة تتعلق بالدور الذي لعبته السياسات والإيرادات الحكومية في تشجيع الاستثمار ورفع معدلات التنويع الاقتصادي وهو ما مكن الاقتصاد العماني من تقليص مطرد لمساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي.

وتحمل الدراسة عنوان (مستقبل الاستثمار والتنمية) وقام بها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، وهي تستعرض تطور حجم ووجهة الاستثمار الأجنبي في السلطنة، وأهم القطاعات الواعدة في الاقتصاد العماني، كما تبرز أهم مقومات وملامح التنمية الاقتصادية في السلطنة، وتستعرض أيضا التنمية البشرية والتنافسية في سوق العمل العماني وسيناريوهات النمو الاقتصادي وملامح التخطيط الاقتصادي في السلطنة.

ويكشف التحليل الاقتصادي الذي قدمته الدراسة انه فيما يتعلق بإجمالي الإنتاج المحلي بأسعار المنتجين (الأسعار الثابتة وفق سنة الأساس 2010)، فقد اتخذ المؤشر منحنى تصاعديا بصورة عامة يتخلله عدد من التراجعات أهمها ما ظهر في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008، ثم أظهر الاقتصاد تعافيا في العامين التاليين 2010 و2011، وحقق معدل نمو 5.2 بالمائة و6.5 بالمائة على التوالي. وتعد إحدى أهم النتائج التي تبرزها السلسلة الزمنية للمؤشر هي عملية الارتداد السريع التي مارسها الاقتصاد العماني للعودة مرة أخرى إلى مسيرة النمو، إذ أن اثر التقلبات المالية والسياسية في 2008 و2011 لم تنعكس بقوة على الإنتاج المحلي إلا لمدة عام واحد، مما يعكس قدرة قطاعات الاقتصاد العماني على التغلب على مثل هذه الصدمات في سرعة ومرونة.

وقدمت الدراسة مقارنة بين أنماط ومعدلات النمو في السلطنة ونظيرتها في دول المجلس ودول العالم، وأظهرت المقارنة انه خلال التداعيات التي نتجت عن تقلبات عام 2011 تراجعت معدلات النمو في دول المجلس بحدة بالغة حتى وصلت معدلات النمو إلى نحو واحد بالمائة في عام 2014، كما انخفضت معدلات النمو على المستوى العالمي من نحو 4.1 بالمائة في عام 2010 إلى حوالي 2.5 بالمائة في عام 2014، في حين واصل الاقتصاد العماني النمو.

وكشفت الدراسة عن أنه مع بداية تراجع أسعار النفط، أظهرت معدلات النمو الاقتصادي في السلطنة حساسية تجاه هذا التراجع، غير أن الاقتصاد لم يتعرض لردة فعل عنيفة وهو ما يعود إلى أن اقتصاد السلطنة ليس اقتصاد نفط كليا، بل هناك قوة نمو جيدة من الأنشطة غير النفطية خاصة مع السياسات الحكومية التي تم اتباعها لدعم القطاعات غير النفطية وقيام الحكومة بضخ استثمارات لتشجيع النمو غير النفطي سواء استثمارات من قبل الحكومة بمفرها أو بمشاركة مستثمرين محليين ومن خارج السلطنة.

تشير الدراسة إلى أنه نتيجة هذه السياسات كان حدوث طفرة في النمو الاقتصادي، وتمت عملية إحلال تدريجي للأنشطة غير النفطية محل النفطية، وبحلول عام 2015 وصلت مساهمة الأنشطة النفطية في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 39.8 بالمائة مقابل 60.2 بالمائة للأنشطة غير النفطية.

ووضعت الدراسة تقسيما جديدا لأهم الأنشطة الاقتصادية التي ساهمت في تحويل الاقتصاد العماني إلى اتجاه غير نفطي، وهناك فئتان من المساهمات الأولى هي مساهمات القطاعات الأخذة في الاستحواذ أي تلك التي سجلت نموا متصاعدا من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، والفئة الثانية هي القطاعات الأقل استحواذا.

وفي الفئة الأولى تتصدر الصناعات التحويلية المشهد وتتراوح مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ما بين 14.8 بالمائة و19.7 بالمائة وهي تعد القطاع الأعلى مساهمة في الناتج المحلي على مدار 15 عاما الأخيرة. كما يمثل قطاع الإنشاءات نموذجا ثانيا للنمو المتزايد، وثالث القطاعات هو النقل والتخزين والاتصالات ويلقى القطاع دعما بشكل خاص من نمو قطاع الاتصالات.

وقدمت الدراسة بعد ذلك رصدا لأهم ملامح مؤشرات الإيرادات والمصروفات الحكومية، وهو من أهم الموضوعات التي تدخل في صلب تنافسية الاقتصاد العماني وبالتالي تحديد مسار المستقبل وتنافسيته، ومن النتائج التي توصل إليها هذا الرصد عدم تأثر الإيرادات الحكومية بالأزمة المالية العالمية في 2008 والتقلبات الإقليمية في 2011، وأيضا من النتائج أن إجمالي الإيرادات الحكومية يتحرك بصورة موازية تماما لتحرك الإيرادات النفطية، حيث تمثل مساهمة الإيرادات النفطية 80 بالمائة في المتوسط خلال الفترة محل التتبع في الدراسة. وفي حين أن البيانات الأولية لعام 2015 تظهر تراجع الإيرادات النفطية بنسبة 40 بالمائة مقارنة عام 2000 فقد تراجعت الإيرادات غير النفطية 13.6 بالمائة.

وعند استعراض تطور كل من الإيرادات من الضرائب والإيرادات من الاستثمارات الحكومية، وهما من أهم مكونات الإيرادات غير النفطية، ترصد الدراسة ثلاث مراحل مرت بها الإيرادات الضريبية خلال الفترة من 2006 وحتى 2014، وفي المرحلة الأولى اتجهت هذه الإيرادات للارتفاع وبلغت ذروتها في عام 2009، ثم شهدت تراجعا في المرحلة الثانية نتيجة تبعات الأزمة المالية العالمية في 2008، أما المرحلة الثالثة فقد بدأت في عام 2012، حيث تصاعدت الإيرادات بشكل متتالٍ، وبحلول عام 2014 حقق معدل نمو الإيرادات الضريبية زيادة بنسبة 60.4 بالمائة مقارنة مع عام 2011، وأوضحت الدراسة أن حجم الإيرادات الضريبية يظهر تضاؤل حجم الاقتصاد غير الرسمي في السلطنة مما يحفظ حق الدولة في الحصيلة الضريبية.

وفيما يتعلق بتحليل المسار الزمني لإيرادات الاستثمارات الحكومية من 2006 إلى 2014، يتضح أنها شهدت طفرة في 2012، وجاءت الطفرة بعد تراجعات محدودة خلال العامين اللذين أعقبا الأزمة المالية العالمية في 2008، وهو ما يدل على الدور الذي قامت به الدولة خلال الأزمة وما بعدها لدفع عجلة الاستثمار والأعمال والحفاظ على استقرار الاقتصاد العماني وتشجيع الاستثمار. وتلا الطفرة المشار إليها تراجع متتالٍ في حجم إيرادات الاستثمارات الحكومية التي انخفضت في عام 2014 بنسبة 37 بالمائة مقارنة مع عام 2012 وفي عام 2015 تراجعت بنسبة 52 بالمائة مقارنة مع عام 2012.

وأشارت الدراسة إلى أن نمط نمو أو تراجع حجم الإيرادات الحكومية وحجم مساهمته في الناتج المحلي يعكس عددا من العوامل بعضها ما هو مرتبط بارتفاع أسعار النفط في بعض الفترات والذي نتجت عنه وفورات مالية كبيرة، كما تعكس النتائج تحسن التحصيل الضريبي فضلا عن أنها تعكس أيضا الدور الذي لعبته السياسات الحكومية في السلطنة على مدار عدة عقود في تنويع الاستثمارات ومصادر الإيرادات الحكومية. ويعد نمو حجم الإيرادات الحكومية احد العوامل الداعمة لأداء الدولة لأدوارها المختلفة ومنها دور الدولة تجاه المستثمرين في أوقات الأزمات.

وفي جانب المصروفات فقد شهدت المصروفات الحكومية طفرة بدءا من عام 2009، وخاصة المصروفات الاستثمارية التي استهدفت إحداث طفرة في نمو كافة القطاعات وفتح آفاق جديدة للاستثمار، وكانت إحدى الأدوات المالية التي استخدمتها الحكومة لمواجهة الأزمات والتعامل معها. وفي معظم فترات السلسلة التي تغطيها الدراسة تمكنت الإيرادات الحكومية من تغطية المصروفات، وفي ظل التراجع الحالي في أسعار النفط ستنخفض نسبة التغطية إلى نحو 66 بالمائة فقط في البيانات الأولية لعام 2015 وفق آخر سنوات الرصد التي شملتها الدراسة.