صحافة

وثائق سرية تكشف عن الشهور الأخيرة في حكم تاتشر

24 يوليو 2017
24 يوليو 2017

نقلت وسائل إعلام بريطانية عدة تقارير حول مضمون حزمة جديدة من الوثائق الحكومية تم رفع السرية عنها، تتعلق بالأشهر الأخيرة لحكم رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر، التي اضطرت لترك منصبها في أكتوبر عام 1990، وكانت تاتشر تحث واشنطن خلال هذه الفترة على اتخاذ خطوات حازمة ضد صدام حسين.

صحيفة «فاينانشال تايمز» نقلت عن احدى هذه المذكرات أن مارغريت تاتشر خططت لتهديد صدام حسين بالسلاح الكيميائي بعد توغله في الكويت عام 1990، موضحة أن التهديد البريطاني باستخدام الأسلحة الكيماوية لأول مرة منذ عام 1919 لعبة عالية المخاطر.

وكشفت الوثيقة أن وزير الدفاع الأمريكي ديك تشيني، تصدى لخطة تاتشر، واستفسر منها عما إذا كانت مستعدة لدراسة خيار استخدام السلاح النووي، فردت عليه قائلة، إنها تكره دراسة مثل هذا الخيار، وستستبعده بالتأكيد، على الرغم من «بقاء الأسلحة النووية دائما وسيلة مطلقة للردع»، وذكرت الصحيفة أن بريطانيا وقعت على اتفاقية دولية خاصة بحظر الأسلحة الكيماوية بعد ثلاثة أشهر من رحيل ثاتشر عن منصبها في نوفمبر1990، لذلك كان باستطاعة تاتشر، نظريا، استخدام هذا النوع من الأسلحة. وأضافت أن ثاتشر أمضت الشهور الأخيرة لها في السلطة في محاولات بائسة لحشد الدول الغربية والعربية لمواجهة صدام حسين. وكانت تاتشر تؤكد التزامها بالدفاع عن سيادة الكويت، وآبار النفط السعودية. وأنها حذرت الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب من «التذبذب» تجاه صدام. كما كانت الأسلحة الكيميائية محل خلاف بينها وبين الرئيس الأمريكي». وكشفت وثيقة سرية أخرى تعود إلى سبتمبر 1990، عن أن مارجريت تاتشر درست، إجراء عملية خاصة في الكويت المحتلة لمساعدة الدبلوماسيين البريطانيين المحاصرين بالسفارة، وذكرت «الجارديان» نقلا عن هذه الوثيقة أن تاتشر طلبت من مستشارها بيرسي كرادوك، دراسة إمكانية إرسال وحدة من القوات الخاصة لنقل الماء والأغذية والوقود إلى السفارة، حيث عاش 4 دبلوماسيين أمريكيين بينهم السفير متحصنين بسور ارتفاعه 4 أمتار مغطى بالأسلاك الشائكة.

وقالت الصحيفة: إن صدام حسين بعد توغله في الكويت في أغسطس عام 1990، أمهل الدبلوماسيين الأجانب 3 أسابيع للانتقال إلى بغداد، لكن بريطانيا وعددا من الدول الأخرى رفضت إخلاء سفاراتها.

وأعد المستشار كرادوك تقريرا لتاتشر أوضح فيه أن السفارة تخضع للرقابة من قبل الحراس، وان مدينة الكويت نفسها مكتظة بالمشاة العراقيين، ويعتقد أن المحاصرين يملكون من المؤنة ما يكفي لـ50 يوما، وقال أن وزارة الدفاع درست باهتمام إمكانية إجراء عملية عسكرية لنقل مواد التموين إلى السفارة البريطانية، ووصل إلى نتيجة أن مخاطر هذه العملية تفوق الغرض المرجو منها.

كما أوضح صعوبة تنفيذ طلب ثاتشر، فالقوات العراقية تتواجد عند مداخل المدينة، والألغام مزروعة في السواحل، والدفاعات الجوية للجيش العراقي منتشرة بكثرة. والمسارات البحرية باتت تحت رقابة دوريات من الزوارق العراقية السريعة، ولا توجد هناك غواصة بريطانية جاهزة، ولذلك سيتطلب الوصول عن طريق البحر إرسال مدمرة أو فرقاطة إلى مسافة قريبة من الساحل، واستبعد خيار الإنزال الجوي، فإدخال مروحية إلى المدينة يستبعد تمكنها من المغادرة.

ومن الخيارات الأخرى التي ذكرتها الصحيفة في هذا الشأن، إرسال عدد من السكان المحليين لإلقاء الأغذية بكميات صغير عبر السور خلال ساعات الليل، لكنها ستكون صعبة وخطيرة، وبقي الدبلوماسيون البريطانيون مثل الأمريكيين والألمان والفرنسيين في الكويت.

وبعد مرور شهرين، تلقى مقر رئاسة الوزراء برقية كتب عليها «من رجلنا في الكويت»، تصف قائمة الطعام للدبلوماسيين. وجاء في البرقية أنهم كانوا يأكلون وجبة واحدة يوميا، يوم من الأرز والثاني من المعكرونة، مع التونة المعلبة، وبقي الدبلوماسيون متحصنين داخل السفارة حتى 16 ديسمبر عام 1990، عندما انتقلوا نهائيا إلى بغداد، فيما بدأ التحالف بقيادة أمريكا عملية «عاصفة الصحراء» بعد شهر من تاريخه.