أفكار وآراء

دعم العمال والمجتمع المحلي لإنعاش قطـاع النفـط الليبي

22 يوليو 2017
22 يوليو 2017

حقل الشرارة النفطي (ليبيا) ـ رويترز: حين زار رئيس المؤسسة الوطنية الحكومية للنفط في ليبيا حقل الشرارة في أوائل يوليو، تزاحم وجهاء المنطقة وعمال داخل قاعة مؤتمرات للسؤال عن الوظائف والتدريب والخدمات التي يمكن تقديمها للسكان المحليين. تساءل هؤلاء متى سيظهر أثر زيادة إنتاج بلادهم النفطي على قراهم؟ ورد مصطفى صنع الله بأنهم تحلوا بالكثير من الصبر لكنه أشار إلى أنهم بحاجة إلى الاستمرار في التحلي بذاك الصبر قليلا. وزادت المؤسسة الوطنية للنفط الإنتاج إلى أكثر من مليون برميل يوميا بنهاية يونيو للمرة الأولى منذ 2013، في إنجاز بدا شبه مستحيل بعد الفوضى التي تلت الإطاحة بمعمر القذافي في 2011. وحققت المؤسسة الوطنية للنفط ذلك من خلال استرضاء الوجهاء وفضح من يقفون وراء الإغلاقات وشق طريقها في خضم الكثير من الخلافات القبلية المربكة حيث أعادت فتح حقول وأصلحت البنية الأساسية. لكن تعافي الإنتاج، المهم لبقاء ليبيا، هش. ولكي يستمر الإنتاج، يجد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط نفسه مضطرا إلى أن يجوب ليبيا بانتظام ويسترضي الفصائل المسلحة والجماعات المحلية في الوقت الذي يدخل فيه في شد وجذب مع الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس بشأن الموازنة والسيطرة على قطاع النفط.وحتى إذا استطاعت المؤسسة الوطنية للنفط الاستمرار في منع إغلاق الموانئ والحقول، والذي أعاق إنتاج ليبيا في السنوات الأخيرة، فإن هدفها المتمثل في زيادة الإنتاج إلى 1.25 مليون برميل يوميا في وقت لاحق من هذا العام سيكون صعب التحقيق.

والإنتاج متذبذب بالفعل بسبب مشكلات ترتبط بالإغلاقات الطويلة وقلة الصيانة ونقص الاستثمار. وصدأت خطوط الأنابيب المعطلة كما سرق اللصوص الكابلات النحاسية في منشآت النفط المهجورة بينما لم يتم تنفيذ أي أعمال حفر جديدة لثلاث سنوات وعاد القليل من المتعاقدين الأجانب.

وهناك حاجة ملحة للمال من أجل إحلال البنية الأساسية وصيانتها. وقال صنع الله لرويترز في طريق عودته من زيارة لحقل الشرارة وحقل الفيل الواقع في جنوب غرب ليبيا : “ما لم يتوافر لنا المال، لن نكون فحسب غير قادرين على زيادة الإنتاج بل إننا لن نستطيع الحفاظ عليه.. إلى الآن لم نحصل على درهم واحد”. ومن بين الأطراف التي تراقب الوضع عن كثب منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي ترغب في زيادة أسعار النفط العالمية. وأعفت أوبك ليبيا ونيجيريا العضوين في المنظمة من اتفاق لخفض الإنتاج دخل حيز التنفيذ في يناير، لكن المنظمة تدرس حاليا ما إذا كان يجب وضع سقف للإنتاج الذي يزيد سريعا ومتى. ومن المنتظر أن يعرض صنع الله خططه للإنتاج في اجتماع بين أوبك ومنتجين مستقلين للنفط سيعقد في روسيا يوم السبت القادم. لدى ليبيا أكبر احتياطيات نفط مؤكدة في إفريقيا. وقبل الانتفاضة التي قتل خلالها القذافي، كانت ليبيا تضخ كميات تصل إلى نحو 1.6 مليون برميل يوميا معظمها من الخام الخفيف المنخفض الكبريت والذي يجري شحنه إلى أوروبا. لكن منذ عام 2013 تسببت الإغلاقات والقتال المرتبط بالصراع الذي انتشر في أنحاء ليبيا في إضعاف القطاع بشدة.

وأغلق قادة جماعات مسلحة موانئ وخطوط أنابيب وأضرم مسلحون النار في صهاريج التخزين في الوقت الذي تعرضت فيه بعض المنشآت النفطية للنهب. ونفذت تلك الإغلاقات مجموعات مسلحة كانت إما تطالب بزيادة الأجور أو تسعى لاقتطاع مصدر من إيرادات الحكومة. وسعت حكومة تأسست في شرق ليبيا إلى بيع خامها عبر مؤسسة وطنية موازية للنفط في بنغازي لكنها عجزت عن ذلك. ونجت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس من الصراع دون أن تتأذى نسبيا، لتظهر باعتبارها ربما المؤسسة الكبرى الوحيدة التي كان بمقدورها العمل بفعالية في أنحاء ليبيا.

وسافر صنع الله، الذي جرى تعيينه رئيسا للمؤسسة الوطنية للنفط في مايو 2014، وزملاؤه بحرية ليجتمعوا مع السكان على عكس رجال السياسة الذي ينقسمون إلى حد كبير بين الشرق والغرب ونادرا ما يخاطرون بالخروج من أماكن تمركزهم. وفي الصيف الماضي، انخفض الإنتاج دون 250 ألف برميل يوميا ليبدأ صنع الله حملة ضد الإغلاقات وليتنقل عبر الأراضي الليبية الشاسعة على متن طائرة صغيرة. وقال صنع الله البالغ من العمر 65 عاما، وهو مهندس كيميائي ومدير سابق للعمليات عمل بالمؤسسة الوطنية للنفط لأكثر من ثلاثة عقود، “منذ يوليو الماضي، وعلى مدار عام وأنا أتنقل باستمرار (بين) جميع حقول النفط وجميع القبائل وجميع أماكن الإغلاق. جلست معهم كلهم وشرحت المشكلة، فلكي تحل المشكلات أنت بحاجة للحديث وجها لوجه”.