salem-22
salem-22
أعمدة

إضاءة :حليف المعالي

20 يوليو 2017
20 يوليو 2017

سالم الحسيني -

عندما يكون الحديث عن الوطن تتفجر مشاعر وأحاسيس النفوس العلية فتندفع بتلقائية شوقا ولهفة للتعبير عن الحب المكنون في قلوبها النقية لتخرج الكلمة منها صادقة عفوية.. معبرة عما يختلج في نفوسها.. ذلك الحب الفطري هو انعكاس لفضائل الوطن على الإنسان الذي تنسم هواءه وتفيأ ظلاله وتنكب أرضه واستمرأ فضله فكان الدين كبيرا، لا تفي حقه عبارات ترسمها أسنة الأقلام أو تلهج بها ألسنة الأقوام.. بل يكتمل الوفاء في الذود عن حياضه والتضحية والإيثار من أجله.

ولا يخفى على كل لبيب عاقل أن عز الوطن وتطوره وتقدمه ورقيه ونماءه ينعكس إيجابا عليه كمواطن تتحدد قيمته ومكانته بين الشعوب والأمم تبعا لمكانة وطنه وقوته الاقتصادية والعسكرية، فلا مكانة سامية في عالم اليوم للفرد مهما بلغت أرصدته المالية والعقارية ما لم يستظل تحت وطن قوي يحميه من المتربصين.. والتاريخ يسرد قصصا لذلك فكم من رؤوس أموال هجّرت كانت كفيلة بأن تنتشل أوطانها من مستنقع الفقر والتخلف عزت بها أوطان الآخرين فكان نصيب أهلها غرمها وإثمها.. وكم من أنفس ضعيفة انساقت وراء شعارات برّاقة ضحت بأوطانها لمآرب الدنيا وزخرفها وكانت نهايتها الخسران المبين في الدنيا والدين.

فبالانتماء للوطن روحا وبدنا تتجلى المواطنة الحقة، إذ العمل الجاد والسعي الدؤوب يثمر الثمار الطيبة اليانعة، والأوطان هي هبة الله للإنسان يجب شكرها والسعي لأجل عزها ونموها، وقد جعل الشارع الحكيم عقوبات تعزيرية وهي «التغريب عن الوطن» في حق الخونة وقطاع الطريق.. (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).. فالمحافظة على الوطن تثبيت لعرى الإسلام، وكلما قويت أوطان المسلمين عز الإسلام وقويت شوكته، وانتشر نوره ليعم أصقاع المعمورة لينشر السلم والسلام والأمن والإيمان الذي جاء ليخرج هذه البشرية من ظلمات الجهل والتخلف إلى الحضارة السامية الراقية لينعم الجميع بظلاله الوارفة في الدنيا ويبوئهم أسمى المراتب في الدار الآخرة.

ومن نعم الله علينا في هذا الوطن العزيز نعمة الأمن والأمان والهدوء والاستقرار، والعالم من حولنا على صفيح ساخن، وما ذلك إلا من فضل الله علينا وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون، كما أن طبيعة الإنسان السوي حبه الخير لأخيه الإنسان، وهذا الطبع المتأصل في نفوس أبناء هذا الوطن العزيز كان له الدور الأكبر في تلك النعمة العظيمة، مصداقا لقوله تعالى: (إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا)، كما أن النهج السامي الذي اختطه عاهل البلاد المفدى - أعزه الله - جنّب هذه البلاد والعباد الوقوع في الأمور الدنيئة وقد صدق فيه قول الشاعر:

ما زال صدرا في الصدور ولم يكن

من مهده إلا حليف معالي

نسأل الله سبحانه أن يديم علينا هذه النعمة ويجنبنا ووطننا وسائر الأوطان كل نقمة.. وأن يمن على جلالته بالصحة والعافية والعمر المديد.. إنه سميع مجيب.