المنوعات

منصة (كُتبنَا) الإلكترونية.. نافذة مصرية على مستقبل النشر والطباعة

20 يوليو 2017
20 يوليو 2017

القاهرة «رويترز»: بقليل من الصبر وكثير من الجرأة تحولت تجربة مصري في مقتبل الثلاثينات من محاولة فاشلة لطبع ونشر إبداعاته الأدبية إلى نموذج أعمال رائد في مصر والشرق الأوسط بمجال النشر الإلكتروني.

وتستهدف منصة (كُتبنَا) للنشر الإلكتروني على الإنترنت والهواتف الذكية، والتي أسسها المصري محمد جمال عام 2015، فئة الكتاب الهواة والمبتدئين الذين يبحثون عن فرصة أولى لنشر أعمالهم بعد أن يئسوا من وجودها لدى دور النشر التقليدية الكبرى أو حتى الصغرى.

وفي مقابلة مع رويترز قال جمال «عانيت في محاولة نشر مجموعتي القصصية الأولى سواء مع دور النشر الكبيرة التي لا تتعامل سوى مع دائرة محدودة من الكتاب أو من دور النشر الصغيرة التي تستغل الشباب وترهقهم ماديا».

وأضاف «بعد ثورة 25 يناير 2011 أصبحت الفرصة مهيأة تماما.. الجميع يحملون هواتف ذكية ونسبة استخدام الإنترنت زادت بشكل كبير. ففكرت لماذا لا تكون لدينا منصة جديدة لنشر كل ما نريده إلكترونيا».

وتمثل فئة الشبان خاصة من تتراوح أعمارهم بين 18 عاما و34 عاما الفئة الأكثر استهدافا لدى منصة (كُتبنَا) سواء على مستوى الكتاب أو مستوى القراء.

ويمكن لأي مؤلف مبتدئ نشر أعماله على المنصة من خلال إنشاء ملف خاص باسمه وتسديد اشتراك سنوي قيمته 200 جنيه (نحو 12 دولارا) ينشر بعده أي عدد من الكتب دون تدخل أو تعديل في المحتوى ومن ثم تصبح مؤلفاته متاحة للقراء مجانا.

وتكتسب الأعمال المنشورة قيمة مادية يستفيد منها المؤلف وكذلك المنصة بعد قراءة 25 مستخدما للمادة المنشورة وحينها يصبح سعر الكتاب خمسة جنيهات فقط. وإذا بلغت عدد مرات القراءة 100 يصل سعر الكتاب إلى عشرة جنيهات وهو أعلى سعر للكتاب بالمنصة.

ويحصل المؤلف على 60% من عائد شراء كتابه فيما تحصل منصة (كُتبنَا) على 40%.

وخلال عامين وبضعة أشهر وصل عدد الكتب المنشورة بمنصة (كُتبنَا) لنحو 500 كتاب في شتى مجالات المعرفة لمؤلفين من مصر وتونس والمغرب ولبنان والسعودية وأصبح لديها 20 ألف مشترك.

وقال جمال (33 عاما) الذي تخرج في كلية الهندسة وأصدر حتى الآن نحو عشرة كتب باسمه «لم نصل بعد إلى مرحلة الربحية.. نعتمد في دخلنا بالأساس على اشتراكات المؤلفين السنوية وعائدات شراء الكتب إضافة إلى بعض الخدمات الأخرى التي نقدمها لمستخدمي المنصة مثل تنظيم حفلات التوقيع والتدقيق اللغوي وتصميم الأغلفة».

وأرجع ذلك إلى انخفاض نسبة القراءة الإلكترونية في مصر مقارنة بمناطق أخرى من العالم. وقال إن النسبة تصل إلى 5% مقابل 95% للقراءة الورقية، لكنه يرى أن هذا التوجه قابل للنمو والزيادة خلال السنوات القليلة القادمة

بعد أن ثبتت منصة (كُتبناَ) أقدامها بمجال النشر الإلكتروني في مصر وجدت أن فئة كبيرة من القراء لا تزال تفضل الكتب المطبوعة، كما اكتشف المؤلفون الجدد حاجتهم لوجود نسخة ورقية من أعمالهم لفتح آفاق أرحب لأعمالهم الوليدة.

وقال جمال «في مارس الماضي خضنا المرحلة الثانية من المشروع وهي النشر الورقي لكن بأسلوب حديث يطلق عليه (النشر حسب الطلب)، ومن خلالها نقدم للقارئ المادة المنشورة لدينا إلكترونيا في هيئة ورقية لكن بناء على أوامر شراء محددة».

وأضاف «نحن لسنا دار نشر حتى نطبع مئات أو آلاف النسخ لكننا عقدنا شراكة مع مطبعة رقمية تقوم بطبع الكتب بناء على طلبات شراء مباشرة من الموقع وتتولى شركة خدمات نقل توصيل النسخة للقارئ خلال 72 ساعة».

ويرى جمال أن هذه الطريقة الحديثة تلغي الكثير من الأعباء المالية التي ترفع من سعر الكتب المطبوعة بشكل تقليدي مثل تكلفة شراء مخزن أو امتلاك شبكة نقل وتوزيع كما أنها في النهاية آلية طباعة ذكية وصديقة للبيئة تحافظ على الورق ولا تهدره.

وبالنسبة للمؤلفين، فحصولهم على نسخة ورقية تحمل رقم إيداع مسجل يفتح أمامهم المجال للمشاركة في المسابقات والجوائز المحلية والإقليمية كما يصبح بوسعهم إقامة حفلات توقيع خاصة والمشاركة في معارض الكتب بأي مكان.

ومنذ بداية مارس إلى منتصف يوليو أتاحت منصة (كُتبنَا) 12 كتابا للطبع بطريق الطلب المباشر، ومن المنتظر إضافة 20 كتابا آخر لهذه الخدمة قريبا.

ويدلل جمال على نجاح آلية الطباعة الجديدة في مصر بقوله «هناك طلب كبير بالفعل على آلية الطباعة حسب الطلب.. أدخل أحيانا مكتبات كبيرة فلا أجد إقبالا على الشراء بينما لدينا طوال الوقت طلبات طباعة ربما تفوق الطلبات لدى مواقع أخرى تنشر لكتاب ومؤلفين معروفين».

ويطمح جمال وفريق عمله المكون من خمسة أشخاص فقط في تحول منصة (كُتبنَا) في المستقبل إلى «وكيل أدبي»، وهو المفهوم الذي يرونه غائبا عن الساحة الأدبية المصرية.

وقال «نطمح في الوصول إلى نموذج الوكيل الأدبي المتعارف عليه دوليا وفيه يتفرغ المبدع للكتابة فقط بينما نتولى نحن كل المراحل اللاحقة من نشر وتسويق للعمل وحتى تحويله إلى عمل سينمائي أو تلفزيوني».

وأضاف «من يدري.. قد تتحول منصة كُتبنَا في المستقبل للإنتاج الفني ونحول منشوراتنا الإلكترونية إلى أعمال فنية مسموعة ومرئية».