أعمدة

توعويات: ثقافة وجبة «البوفيه»

19 يوليو 2017
19 يوليو 2017

حميد الشبلي -

[email protected] -

حياة المجتمع بها كثير من القضايا والظواهر التي تستحق التوعية حولها، ولذلك سوف نتطرق هذا اليوم وعبر هذه الزاوية التوعوية، حول ثقافة وجبة البوفيه التي يتم تقديمها في المناسبات والحفلات واحيانا هي نظام تختص به بعض المطاعم في عمليه تقديم الوجبات ، لكن للأسف الشديد لا يزال بعض أفراد المجتمع لا يجيدون التعامل مع هذه الثقافة الغذائية العصرية، ولذلك كثير من تلك المواقع التي تقدم الطعام بنظام البوفيه، قد سجلت مشاهد مؤلمة حول سلوك بعض الأفراد في هذا الخصوص، لقد هدفت تلك المؤسسات من هذه الطريقة في عمليه تقديم الوجبة إلى التنوع ووضع الطعام بالقدر الذي يحتاجه كل فرد إضافة إلى التقليل من الإسراف والتبذير، لكن ما يقوم به بعض الناس هو عمليه معاكسة لتلك الأهداف.

إن تناول هذه الظاهرة ليس الغرض منه مراعاة لتلك المؤسسات الربحية في المقام الأول ، مع العلم أننا نتمنى لكل مؤسسة التوفيق والنجاح في مشاريعها وتحقيق المكاسب، ولكن أيضا تناولنا لهذا الموضوع لما يمثله من ثقافة محرمة في الإسراف والتبذير، أوليس القرآن الكريم وسنة نبينا الشريف عليه افضل الصلاة والسلام ، قد وجهانا بعدم الإسراف حيث يقول رب العزة تبارك وتعالى في سورة الأعراف ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (31) ، ويقول الرسول الكريم في الحديث الشريف (ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محاله فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)، لذلك وجب علينا جميعا أن نتعاون في بث الوعي بموضوع عدم الإسراف والتبذير عند تناول وجبة البوفيه في مختلف المناسبات، ولقد وقفت بنفسي لمشاهد في بعض الحفلات ، حيث لم يجد بعض الأفراد الطعام على طاولات العرض، والسبب في ذلك أن الذين سبقوهم قد أخذوا من الأطعمة ما يزيد عن حاجتهم وبالتالي حرموا غيرهم الاستفادة من تلك الأطعمة، وما يزيدك ألما أن ربع او ثلث الطعام قد تم سكبه في براميل الفضلات ولم يتناوله أولئك الأفراد الذين قاموا بجمعه في أوعيتهم.

قبل كتابتي لهذا المقال قمت بالتواصل وزيارة بعض المطاعم التي تقدم الطعام بنظام البوفيه، وسألت أصحابها عن سلوك الزبائن الذين يأتون إليهم لتناول الطعام ، فأجابني أحد أصحاب هذه المطاعم بأنه في أحد الأيام حضر شخص مع زوجته لتناول وجبة العشاء ، حيث قام كل منهما بإحضار ما كان يشتهيه من الطعام حتى امتلأت طاولتهم بأنواع عديدة من الأطعمة، وبعد أن انتهيا من تناول وجبة العشاء كان معظم ما وضعوه من الوجبات لم يقوما بتناوله، حينها ذهبت اليهما وسألت الزوج الذي تربطني به علاقة شخصية لماذا بقيت هذه الكمية الكبيرة من الطعام، فأجاب الزوج لم نستطع أن نقدر الكمية التي كنا نتوقع أننا سنأكلها ولذلك أخذنا اكثر من طاقتنا.

أعزائي القراء إن ما قاله ذلك الزوج في عدم تقديرهم الجيد لكمية الطعام التي كانا يتوقعان بأنهما قادران على تناولهما، هي المشكلة التي يعاني منها كثير من أفراد المجتمع عندما يتناولون الطعام بنظام البوفيه، وبالتالي يجب على الجميع أن يساهم في توعية أهله وأصدقائه ومجتمعه بأن وجبة البوفيه ليس معناها أن نضع الطعام بلا قياس ولا تقدير، بل علينا أن نساهم في تحقيق هدفها الأسمى وهو أن نتناول الطعام بحجم حاجتنا إليه وبدون أن يكون هناك أي إسراف أو تبذير.