الملف السياسي

عندما يحلق الوطن بجناحيه !!

17 يوليو 2017
17 يوليو 2017

د. عبد الحميد الموافي -

إن مسيرة النهضة العمانية الحديثة تنطلق، بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه - نحو غاياتها، بخطى واثقة، ورؤية موضوعية، تتجاوب مع احتياجات التنمية الوطنية، وتطلعات المواطنين،

مما لا شك فيه انه من حق المرأة العمانية أن تسعد، بل وأن تفخر بالثقة الغالية التي تمتعت وتتمتع بها، و التي منحها إياها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - منذ انطلاق مسيرة النهضة العمانية الحديثة بقيادة جلالته، قبل سبعة وأربعين عاما.

كما يحق لها أن تسعد وتفخر أيضا، ليس فقط بريادتها على صعيد مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في عضويتها للمؤسسات البرلمانية، وفي التمتع بحق الترشح والانتخاب لعضوية تلك المؤسسات، وبنفس الشروط كمواطنة عمانية ، ولكن أيضا بما استطاعت تحقيقه عمليا في مختلف المجالات ،على صعيد العمل الوطني، وهو ما وضعها الآن في العديد من المواقع والمناصب الرفيعة، على المستوى الوزاري، وفي الجهاز الإداري للدولة وفي القضاء والادعاء العام، وفي شرطة عمان السلطانية وقوات السلطان المسلحة ، وفي مجالس أداره العديد من المؤسسات في القطاع الخاص، وفي مختلف مواقع العمل والإنتاج، التي دخلت إليها وأثبتت فيها قدرتها على العمل والعطاء كمواطنة عمانية قادرة على الوفاء بواجبات المواطنة وليس فقط التمتع بامتيازاتها. والإحصائيات في هذا المجال متوفرة وتظهر حجم المشاركة العملية للمرأة العمانية، في مختلف قطاعات التنمية وتطورها المطرد على مدى السنوات والعقود الماضية.

وإذا كان هذا الواقع والتطور الاجتماعي والاقتصادي، بل والسياسي، قد ارتبط وظهر كثمرة، من الثمار اليانعة، لمسيرة النهضة العمانية الحديثة، حتى أصبح أحد السمات الراسخة والمميزة للتنمية الوطنية فان ذلك يعود في الواقع إلى عدة عوامل، يأتي في مقدمتها الإيمان العميق، والثقة الكبيرة من جانب المقام السامي لجلالة السلطان المعظم - أبقاه الله - في قدرات المرأة العمانية، والإرادة السامية في إتاحة الفرص وفتح المجال أمامها، لتشارك في عمليات التنمية والبناء، وعلى قدم المساواة، ومن منطلق المواطنة، وفي إطار القانون أيضا، وبما يعبر ويتوافق مع القيم والتقاليد العمانية، في هذا الإطار، فانه من الأهمية بمكان الإشارة باختصار شديد إلى عدد من الجوانب، لعل من أهمها ما يلي:

*أولا: انه في الوقت الذي يؤمن فيه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - بقدرات المواطن العماني وا مكاناته التي تؤهله - خاصة اذا تم تطويرها والنهوض بها بشكل علمي وحقيقي - للقيام بدوره المنشود كشريك في التنمية الوطنية في كل المجالات، فان جلالته يثق تماما في قدرات المواطن العماني، ويعتبر المواطن والموارد البشرية العمانية ثروة وطنية بالغة الأهمية ، بل هي أغلى ثروات الوطن، حسبما اكد جلالته على ذلك منذ سنوات عديدة.

ومن هذا المنطلق كانت نظرة جلالته - حفظه الله ورعاه - ورؤيته للمرأة العمانية ولدورها الوطني، ومشاركتها، الهامة والضرورية، اجتماعيا واقتصاديا وفي مختلف المجالات، في جهود التنمية الوطنية، باعتبارها تشكل نصف طاقة المجتمع البشرية، وبحكم الدور الحيوي للمرأة العمانية على الصعيد الاجتماعي أيضا.

ومن هذا المنطلق بادر جلالته، وبإرادة واضحة وخطوات مدروسة ، في تهيئة الفرص والمجال أمام المرأة العمانية ، وذلك منذ انطلاق مسيرة النهضة المباركة ، ولم يكن التحاق الفتاة العمانية بالتعليم في كل المدارس التي تم إنشاؤها منذ تولي جلالته للحكم عام 1970 ، وكذلك التحاقها بفصول تعليم الكبار في الفترات المسائية ، وتشجيعها للعمل التطوعي، وإلحاقها بشرطة عمان السلطانية منذ عام 1972، وغير ذلك من الخطوات، سوى خطوات على الطريق الذي أوصل المرأة العمانية إلى ما هي فيه الآن.

ومع الحفاظ على التقاليد العمانية، فان القوانين المختلفة ، بما فيها النظام الأساسي للدولة، وقانون العمل، والقوانين الأخرى المعنية برعاية المواطن العماني، حرصت جميعها، ليس فقط على كمبدأ المساواة، من منطلق مبدأ حق المواطنة، ولكنها حرصت أيضا على صون ورعاية المرأة العمانية، ومراعاة الظروف الخاصة لها، خاصة خلال فترات الحمل والرضاعة، ومراعاة ظروف العمل والشروط الملائمة لها، وعدم تشغيلها في مهن صعبة او أوقات عمل ليلية، إلا بشروط محددة، وعلى امتداد السنوات والعقود الماضية، فانه ليس مصادفة أبدا أن تكون المرأة العمانية في مواقع الوزيرة ووكيلة الوزارة، وعضوية مجلس الدولة، ومجلس الشوري - حسبما تسفر عنه نتائج انتخابات مجلس الشورى في الفترات المختلفة - وفي الادعاء العام، وعلى رأس البعثات الدبلوماسية في العديد من العواصم في العالم ومندوبة للسلطنة في منظمات اقليمية ودولية عدة ، وذلك حسب قدراتها واجتهادها وتميزها.

ومن منطلق المساواة ايضا بين المرأة والرجل ، ومن مبدأ المواطنة، منح جلالته المرأة العمانية حق الحصول على قطع أراض من الدولة، أسوة بأخيها الرجل، مع العناية بأسر الضمان الاجتماعي. وقد هيأ ذلك كله للمرأة العمانية ، فرص وإمكانيات التقدم، واثبات القدرة على الإسهام الفعال والملموس في جهود التنمية الوطنية، ولسنا في حاجة إلى الإشارة إلى ندوة المرأة العمانية وتوصياتها، وإلى تحديد يوم 17 أكتوبر من كل عام كيوم للمرأة العمانية، وللنهوض بجمعيات المرأة العمانية في مختلف محافظات وولايات السلطنة، وهي كلها وغيرها تمكن المجتمع من التحليق بجناحيه، الرجل والمرأة، وعلى نحو ينطلق به إلى السير لتحقيق الأهداف المنشودة اجتماعيا واقتصاديا، وهو ما انعكس وينعكس على رؤية أبنائنا وبناتنا وتعميق إيمانهم باحترام وتقدير دور المرأة وحقها في المساواة والمشاركة في مختلف مجالات العمل الوطني.

*ثانيا: انه في ظل الأهمية البالغة لدعم جلالته - حفظه الله ورعاه - للمرأة العمانية، والأخذ بيدها، والعمل على تمكينها وتفعيل دورها، فإن استعداد وترحيب المجتمع بهذه الخطوات المتتابعة، والإيمان العميق بأهمية وقيمة وفاعلية دور المرأة العمانية الاجتماعي والاقتصادي، هو أمر موجود في المجتمع والتقاليد العمانية، بأشكال مختلفة، ولعل ذلك هو ما ساهم بدوره في تحقيق النقلة الاجتماعية للنهوض بالمرأة العمانية بسهولة، ودون أية آثار جانبية، خاصة وان ذلك تم ويتم بالتوافق مع تقاليد المجتمع وطابعه المميز.

ولعل هذا الاستعداد والقبول والحماس الاجتماعي لقيام المرأة العمانية بدورها، ووفق ما تمكنها منه قدراتها، هو ما ساعد كثيرا في أن تشق المرأة العمانية طريقها، بل وان تثبت تفوقها في أحيان كثيرة، وفي مجالات عدة. ومن هذا المنطلق ربح المجتمع، وربحت المرأة العمانية أيضا، واصبح المجتمع العماني قادرا على الاستفادة من قدراته وموارده البشرية، كلها تقريبا، وعلى قدم المساواة بين الأبناء والبنات، وكل يحصل على ما توصله إليه قدراته ومهاراته وتميزه العلمي والمهني، في إطار القانون، كمواطن عماني، رجلا كان أو امرأة.

والمؤكد أن هناك الكثير من الأرقام والتفاصيل حول حجم وأعداد وطبيعة مساهمات المرأة العمانية، في مجالات التعليم والصحة، ومختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وفي مجالات ريادة الأعمال والقطاع الخاص وصاحبات الأعمال وغيرها، وهو بالتأكيد وسام على جبين الوطن، وضعه جلالته، وتحافظ عليه المرأة العمانية، وستحافظ عليه في الحاضر والمستقبل أيضا. ولا يقلل من ذلك أبدا أن انتخابات الفترة الثامنة لمجلس الشورى في شهر أكتوبر الماضي أسفرت عن فوز مرشحة واحدة في عضوية المجلس لهذه الفترة، فهذا الأمر يتطور بدوره ويتأثر بتفاعل عوامل عديدة ، خاصة وان الإسهام والتصويت النسائي في انتخابات مجلس الشورى، والمجالس البلدة في المحافظات كان كبيرا وملموسا ومتزايدا أيضا.

وإذا كانت المرأة العمانية تقوم بدورها الفاعل في النهوض بالمجتمع، والمشاركة في بنائه وتقدمه، ليحلق بقوة بجناحيه نحو آفاق ارحب، إن مسيرة النهضة العمانية الحديثة تنطلق، بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - نحو غاياتها، بخطى واثقة، ورؤية موضوعية، تتجاوب مع احتياجات التنمية الوطنية، وتطلعات المواطنين، وبما يتفق وتقاليد المجتمع العماني وتراثه، بعيدا عن حرق المراحل، أو نقل تجارب الآخرين، وهو الأمر الذي تم حسمه ورفضه منذ سنوات عديدة، واثبت قيمته وفائدته لصالح الوطن والمواطن، في كل مراحل التنمية، امس واليوم، وعلى امتداد مسارها نحو مستقبل مشرق يصنعه كل أبناء الوطن على امتداد هذه الأرض الطيبة بقيادة جلالته - حفظه الله ورعاه-.