أفكار وآراء

تطورات الحركة الجوية بمطار صحار

15 يوليو 2017
15 يوليو 2017

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

[email protected] -

خلال فترة وجيزة من الزمن بدأت الحركة الجوية بمطار صحار تشهد عدة تطورات إيجابية في عملية التشغيل لجميع مرافق المطار بعد فترة من التوقف وتباطؤ في حركة المسافرين إلى هذا الصرح عند تشغيله عام 2014 لأول رحلة جوية من قبل شركة الطيران العماني. فقبل أيام مضت أصدرت الهيئة العامة للطيران المدني موافقتها لطيران السلام - الخط الجوي الوطني الثاني للسلطنة - بزيادة رحلتين لها بين مطاري صحار وصلالة اعتبار من 20 يوليو الجاري، حيث أفاد سعادة الدكتور محمد بن ناصر الزعابي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للطيران المدني بوزارة النقل والاتصالات أن زيادة الرحلات من وإلى مطار صحار مؤشر جيد لنمو الطلب وازدياد حركة المسافرين، مشيراً إلى أن مطار صحار يعد بوابة جديدة للحركة السياحية وقيمة اقتصادية جيدة تضاف لشمال الباطنة والمحافظات المجاورة.

تأتي هذه الحركة الجوية في إطار تأهيل البنية اللوجستية للسلطنة في قطاع الطيران وبهدف تعزيز حركة السفر والسياحة والتجارة إلى المنطقة، حيث تم خلال العقد الماضي إنشاء العديد من الموانئ البحرية والمطارات الجديدة لتحقيق هذا الغرض.

ومنذ عدة أيام مضت استقبل مطار صحار في التاسع من الشهر الجاري أوّل رحلة دوليّة تابعة للشركة العربيّة للطيران التابع لإمارة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة، وكانت الرحلة مباشرة بين مطار صحار ومطار الشارقة إيذاناً بإدراج المطار كأحد المطارات الإقليمية التي تديرها الشركة العمانية لإدارة المطارات على الخارطة الدولية. ويتوقع أنّ يساهم المطار في ربط السلطنة بالمزيد من الوجهات الدوليّة وزيادة تدفق حركة السفر المتنامية بشكلٍ كبير في شمال الباطنة.

كما أكدت الخطوط الجوية القطرية من جانبها بأنها ستسير ثلاث رحلات أسبوعياً إلى مطار صحار بدءاً من يوم 8 من شهر أغسطس المقبل، حيث سيجري تشغيل الخط الجديد بواسطة طائرات إيرباص إيه 320 التي تستخدمها الناقلة القطرية أيضا في خطوطها بالشرق الأوسط. ومما لا شك فيه فإن الخطط الطموحة للشركات الجوية لكل من شركة الطيران العماني وطيران السلام بجانب الخطوط العربية والقطرية سوف تعمل على تسريع وتيرة خطط التوسع في المطار وربطها بين مختلف دول ومدن المنطقة في المرحلة الأولى، الأمر الذي يعطي المزيد من الفرص للمسافرين للوصول إلى الأماكن القريبة والبعيدة، والتأكيد على رؤية ورسالة هذه الشركات بأنها متواجدة في كل مكان، في الوقت الذي تركز فيه الخطوط الجوية القطرية على اتخاذ مطار صحار كمطار آخر لها لتعزيز حركة اسطولها الجوي خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي سوف يعزز من حركة التكامل الجوي بين المطارات الخليجية التي لا تهدأ على مدار العام، ويعطي الفرصة لرجال الاعمال العمانيين والخليجيين بتعزيز العلاقات التجارية وتنمية المبادلات التجارية بين دول المنطقة. فمدينة صحار أصبحت اليوم قبلة في استقبال كبريات السفن العالمية من جهة نتيجة لوجود ميناء صحار الصناعي الذي تم تزويده بأحدث السبل والأجهزة، بجانب وجود العديد من الأرصفة والرافعات العملاقة المختصة لتناول مختلف البضائع والسلع والحاويات، ووجود مطار صحار من جهة أخرى.

المسؤولون العمانيون من جانبهم يؤكدون على أن مطار صحار قد تمّ تطويره بشكلٍ استراتيجيّ لدعم طموحات السلطنة في قطاعات السياحة والصناعة والخدمات اللوجستيّة، باعتبار أن هذا المطار يمثّل بوابة حيويّة لحركة المسافرين والبضائع على الصعيدين المحليّ والدوليّ، وأن ربطه بالوجهات الدوليّة سيعزز من نمو القاعدة الصناعيّة في صحار على مستوى المنطقة ويزيد من ميزتها التنافسيّة على الساحة العالميّة. ولتفعيل عمل هذه المؤسسات اللوجسيتة المهمة وتشغيلها بصورة جيدة من المطارات والموانئ البحرية الجديدة، فقد تم توجيه الدعوات لشركات الطيران العالمي وشركات الحاويات والبواخر في العالم بتسيير سفنها وطائراتها إلى هذه المرافق العمانية الحديثة، خاصة وأن مطار صحار وميناء صحار البحري يبتعدان حوالي 200 كيلو متر من كل من العاصمة مسقط من جهة، ومدينة دبي التجارية بدولة الامارات العربية المتحدة من جهة أخرى.

فالطاقة الاستيعابيّة لمطار صحار تبلغ 500 ألف مسافر، والتعامل مع 50 ألف طن من البضائع كل عام. كما يتوفر لديه مدرج قادر على استقبال أكبر الطائرات في العالم بما فيها طائرة الإيرباص من طراز “A380”، الأمر الذي يرسخ مكانته على الساحة الدوليّة إلى جانب مطاري مسقط وصلالة الدوليين، ويتطلب توسعته خلال السنوات المقبلة ليستوعب الحركة الجوية القادمة إلى المنطقة سواء للمسافرين أو البضائع والسلع الأخرى، خاصة في ضوء التطورات السياسية الايجابية التي تشهدها المنطقة في كل من العراق وسوريا من جهة، بجانب الآمال العريضة لأبناء المنطقة في إنهاء الأزمة الخليجية التي تواجهها دولة قطر الشقيقة مع بعض الدول الخليجية الأخرى من جهة أخرى.

إن مطار صحار يبتعد حوالي ١٠ كم من شمال غرب ولاية صحار، ما يعني أنه باستطاعة المسافرين في تلك المناطق تجنب مشقة السياقة من وإلى مسقط. فهو يعد بوابة جديدة لنقل الركاب والبضائع والبريد السريع في شمال عُمان، فضلاً عن كونه بديلاً محليَّاً في الحالات الطارئة لمطار مسقط الدولي، ويلعب دوراً إضافياً على تحفيز النمو الاقتصادي في السلطنة. وقد سبق للمطار أن تم تشغيله بتاريخ 18 نوفمبر 2014م بهدف الاستفادة من الحزم الجاهزة، وهو مجهز الآن لاستقبال المزيد من الرحلات الدولية، حيث من المتوقع أن يتم استخدامه من قبل خطوط جوية عمانية وخليجية وإيرانية وهندية لتسيير الرحلات إلى بعض مناطق تلك الدول. اما مساحة مبنى المسافرين بمطار صحار فتبلغ 5600 متر مربع، ويعمل المطار بطاقة استيعابية قدرها (نصف مليون) مسافر سنوياً، ويتكون من جسور للطائرات (خراطيم)، ومناضد لتخليص إجراءات السفر، فيما يبلغ طول المدرج 4 كم، وبعرض 75 مترا، ويحتوي على برج للمراقبة بارتفاع وقدره 37 مترا ويحتوي على منظومة الطرق الخاصة وفق المواصفات الدولية.

يعد مطار صحار اليوم إضافة ونقلة نوعية في محافظة شمال الباطنة، وهو مكمل رئيسي لمنظومة المنطقة الاقتصادية في السلطنة، وبابا للحركة الجوية من وإلى العالم، حيث من المتوقع أن يكتمل دوره مع وجود الميناء البحري وحركة العبارات البحرية الحديثة من محافظة مسقط إلى مدينة صحار ومحافظة مسندم. كما من المتوقع أن تتوسع خطوط الرحلات إلى هذا المطار خلال الفترة القادمة، ويتم جلب مزيد من الخطوط الجوية الأخرى، ويصبح بذلك معروفاً على مستوى المنطقة والعالم خلال السنوات القليلة القادمة. فأي تطور حديث بالمطار يعني أن مساهمته سوف تزيد في تطوير محافظة شمال وجنوب الباطنة من جهة، ويساعد في النمو الاقتصادي للبلاد، بجانب تحفيزه لتشجيع وجذب الاستثمار الاجنبي إلى البلاد، وتسهيل عملية تنقل المواطنين والسياح وموظفي الشركات العاملة في المنطقة من والى صحار ومسقط وصلالة من جهة أخرى. فهو مكمل رئيسي لمنظومة المنطقة الاقتصادية التي تروج لها السلطنة في المجال التجاري والسياحي. ففي قطاع السفر والسياحة هناك الكثير الذي يمكن العمل به واستغلاله في إطار المقومات التي لم تستغل في هذا الشأن، بالإضافة إلى استغلال موقع السلطنة الاستراتيجي المتوسط بين قارات العالم الكبرى الثلاثة ( آسيا وإفريقيا وأوروبا) والعمل على تعزيز قدرتها على استضافة وتنظيم المزيد من الفعاليات الدولية والإقليمية الكبرى لجذب المزيد من المستثمرين والسياح للبلاد.