أفكار وآراء

4 دروس من قمة العشرين

14 يوليو 2017
14 يوليو 2017

سمير عواد -

تنفس سكان مدينة هامبورج الألمانية الصعداء بعد اختتام قمة العشرين التي استضافتها مدينتهم، حيث تحولت على مدى يومين كاملين إلى ساحة حرب، ذكّرت الألمان بالصور التي يشاهدونها في التلفزيون والقادمة من أفغانستان وسوريا والعراق. 

وردا على اتهام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بإصرارها على استضافة القمة التي ترأسها ألمانيا هذا العام في مدينة هامبورج، صرح مارتن شولتس، مرشح الاشتراكيين الألمان لمنافستها في الانتخابات العامة في سبتمبر المقبل «يجب على ميركل وترامب التوقف عن الزعم بأن القمة كانت ناجحة».

فقد ارتبطت قمة هامبورج بأعمال العنف والشغب والنهب التي ألحقت أضراراً مادية كبيرة بالمدينة، في حين كانت ميركل تتمنى انتشار «صور جميلة» عن القمة، وهي تقف بين أبرز قادة العالم، لكي تصل بيوت الناخبين الألمان. وعوضا عن ذلك، شاهد الناخبون على مدى يومين صور أعمال الشغب وتساءلوا فيما لو كانت الضرورة تستدعي انعقاد مثل هذه القمة في ألمانيا.

واستنادا إلى مجلة «دير شبيجل» الألمانية، كان الرابح الوحيد من القمة، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لسبب وجيه، وهو أنه استطاع أن يتحمل على مدى يومين، الانتقادات من ميركل وسائر القادة الذين شاركوا في القمة، بسبب قراره إلغاء التزام بلاده بمقررات اتفاقية المناخ التي تم إبرامها في باريس قبل فترة.

وهيمنت على القمة مناقشة مواضيع مكافحة الإرهاب والتجارة الحرة ومبادرة ألمانيا لمساعدة إفريقيا غير أنه أزعج الجميع برفضه بحث موضوع حماية المناخ العالمي، كما أزعج بعضهم عندما كان يطلب من ابنته «إيفانكا» أن تنوب عنه في المحادثات، ومثل هذا السلوك، ليس متبع في الأنظمة الديمقراطية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية. وهو التصرف الذي أكد للمراقبين أن ترامب يتعامل مع بلاده كرجل أعمال يحول البيت الأبيض إلى مكتب تجاري أحيانا.

ويرى كريستيان شتوكر المحرر في مجلة «دير شبيجل» أن قمة العشرين في هامبورج، أسفرت عن أربعة دروس هي:

1- أصيبت مدينة هامبورج بالشلل قبل أن يطير أول حجر وتحترق أول سيارة وقبل أن تبدأ أعمال القمة، فقد تم إغلاق الشوارع المؤدية إلى مركز المعارض حيث انعقدت القمة وانتشر في المدينة أكثر من عشرين ألف شرطي ألماني وفرق أمن تابعة للوفود المشاركة، بينما حلقت طائرات المروحيات في أجواء المدينة على مدى يومين كاملين، شهدا أعمال عنف وشغب غير مسبوقة قام بها شبان ملثمون يرتدون سراويل وتي شيرت سوداء اللون ويلبسون نظارات سوداء يطلقون على أنفسهم اسم «الجناح الأسود»، ودخلوا في مواجهات دامية مع الشرطة. وكتبت المجلة تقول بعدما أكدت أنه باختتام القمة، فإن آثار الشغب والعنف والنهب سوف تُشغل سكان المدينة فترة من الزمن، وتمنت لو أن مثل هذه القمة التي سوف تستضيفها الأرجنتين في العام القادم، تنعقد مستقبلا في مناطق نائية، وسط الصحراء، أو في جزيرة، أو على متن حاملة طائرات.

2- صدم الألمان العدد الكبير لمثيري الشغب الذين أتوا من ألمانيا ومن الخارج إلى مدينة هامبورج والذين يصفون أنفسهم بالمتطرفين السياسيين ومناهضي الفاشية والاستبدادية، بينما قدموا الدليل على أنهم ليسوا أكثر من مثيرين للشغب لا يعيرون أهمية حتى لو تسببوا بإيذاء المواطنين العاديين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يقيمون في المدينة الخطأ في الوقت الخطأ، وقام الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، بتفقد الخراب الذي تعرضت له المدينة، في خطوة لحصر الخسائر التي نقلت إلى الخارج صورا لم تكن ميركل تتمناها، حول العنف المفرط إن كان من قبل مثيري الشغب أو الشرطة التي يعتقد بعض عناصرها أن لهم امتيازات في استخدام العنف ضد المتظاهرين مثل اجتياح بعضهم «حانة» يقصدها طلبة الجامعة واعتدوا على بعض الزبائن ومزقوا البطاقة الصحفية لأحدهم، وقالت المجلة أن الخطط الأمنية لحماية القمة كانت سيئة جدا على حد وصفها.

3- البيان الختامي للقمة الذي ألقته المستشارة الألمانية، لم يأت بجديد لشعوب العالم، فترامب ظل متصلبا في قراره رفض التزام بلاده بمقررات اتفاقية المناخ في باريس، وحتى الأفارقة أنفسهم، ليسوا متأكدين إذا سيحصلوا على دعم من مجموعة العشرين، وخاصة في بناء اقتصادهم تفاديا لاستمرار تدفق اللاجئين من دولهم باتجاه أوروبا، هربا من النزاعات المسلحة والفقر، ويعتبر قادة دول المجموعة أن التجارة الحرة، فكرة جيدة لا خلاف عليها، لولا أن عيبها استغلال الكبار الدول الصغيرة والفقيرة، مثل استغلال الغرب والصين الدول الإفريقية.

4- مثل هذه المقررات، لا تحتاج إلى قمة، أصبح معتادا أن تتحول المناطق التي تستضيفها إلى ساحات حرب، لأن قادة دول مجموعة العشرين، يتخذون قرارات، لا تحظى برضى منظمات غير حكومية وفئات واسعة من الناس في أنحاء العالم، وخاصة ترامب، الذي تثير قراراته السياسية القلق والخوف بين الناس، ويرى شتوكر، انه ليس هناك ضرورة لانعقاد قمم من هذا النوع، يكلف تنظيمها ملايين الدولارات وتتسبب في خسائر مادية لسكان المدن التي تستضيفها، وتوفر فرصة لمثيري العنف والشغب ووقوع ضحايا، حيث من الممكن انعقاد مؤتمرا للنقاش عبر الفيديو.

وقد كان واضحا عندما تم وضع الخطة الزمنية لانعقاد قمة العشرين في مدينة هامبورج، إنه لم يكن ترامب قد فاز بمنصبه، وبغض النظر عن ذلك، فإن القمم العالمية للدول الأكثر نفوذا في العالم، أصبحت في السنوات الماضية، لا تجتذب قادة العالم فحسب، بل جماعات يسارية ترى أن ثروة العالم لا يتم توزيعها بشكل عادل وهو ما يتضح من خلال تدفق المهاجرين من إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا على أوروبا.