صحافة

الحياة الجديدة: قوانين الكنيست.. التدمير الذاتي!

14 يوليو 2017
14 يوليو 2017

في زاوية مقالات وآراء كتب موفق مطر، مقالاً بعنوان: (سؤال عالماشي) - قوانين الكنيست..التدمير الذاتي!، جاء فيه:

قد تساهم الحروب في تفكيك روابط قيم أخلاقية إنسانية، وتفجر طاقة عناصر الانحلال والانفراط الكامنة أصلا، فتنهار ركائز دولة أنشئت على الظلم.. ولن تقوى على القيام، لأن مركز عصبها فاقد لأسباب الحماية والوقاية، أما الدولة القائمة على أسس أخلاقية وثقافية وعلمية وعدالة فإن أعتى الحروب لن تدمرها أو تنهيها حتى وإن نالت من منشآتها العسكرية والمدنية التي سرعان ما ستعوض بنيتها التحية، فعناصر البقاء كما عناصر الزوال تكمن في الثقافة الشعبية، وسياسة النخبة الحاكمة.

دفع (هتلر العنصري) بالشعب الألماني إلى الحروب وكادت ألمانيا أن تصير في خبر كان لولا إرث شعبها الإنساني المعرفي والثقافي، واليوم يستدرج الائتلاف المتطرف الحاكم في دولة الاحتلال (إسرائيل) الانهيار، باستخدام منظومة احتلال عسكري واستيطان عنصري.

أفظع مصير يستدرجه المتطرفون المتحكمون بآلة السياسة في إسرائيل، إنهم يستخدمون مصطلح العدالة (القانون) لتسييد الظلم، فهؤلاء يسعون لطمس حقائق ووقائع تاريخ شعب فلسطين وحضارته وثقافته وهويته الوطنية، والاستيلاء بالقوة على أرضه التاريخية والطبيعية لإخضاعه إن لم يكن لاستعباده، في زمن انتشار دين الحرية والسلام! في أرض أمة الإنسان.

تغيب أحزاب الائتلاف في حكومة نتانياهو وعي المجتمع الإسرائيلي الفردي والجمعي وتعمل على طرد أفكار السلام لإحلال منطق الحرب والغطرسة، عبر ترسيخ مفاهيم (الصراع الديني)، وإعلاء النزعة العنصرية حيث تنفخ في شخصية اليهودي حتى يعتقد انه الآدمي الأوحد في البشرية الذي يستحق الحياة، وأن البشر في الدنيا مسخرون لخدمته، وما مقولة شعب الله المختار (وأرض الميعاد) إلا مثال حي على كينونة (عنصر التدمير الكامن).

قد لا تؤثر الأسلحة النووية في دول الإقليم على وجود إسرائيل نظرا لوجود أسلحة مماثلة وربما أقوى، لكن من يضمن ألا ينفجر عنصر التدمير الذاتي (النووي الكامن).

صحيح أن أركان إسرائيل أنشئت على قواعد صناعية وعسكرية ومعرفية وعلمية، وكذلك امتلاكها التكنولوجيا والسلاح ما وضعها في خانة التفوق على العرب مجتمعين لكن الأصح أن متغيرات جذرية قد حدثت في أنماط تفكير وعمل ونهضة وسياسات دول وشعوب عربية جعلت من المستحيل استدامة هذا التفوق، خاصة وان الشعب الفلسطيني قد أخذ المبادرة في الكفاح واستعادة هويته الوطنية وبلور عناصر وجوده الأزلي على أرضه بعد الفوز بجولات ميدانية نضالية وكفاحية وسياسية ودبلوماسية على مشاريع إنكار وجوده التي ساهمت امبراطوريات استعمارية ودول عظمى فيه!.

لن يقبل الفكر الإنساني المعاصر في القرن الواحد والعشرين وجود دولة احتلال، ولن تمر على معتنقي عقيدة الحرية والعدالة الإنسانية، لعبة (الديمقراطية والقوانين العنصرية).

أما مبررات إسرائيل وذرائعها الأمنية، وقوانينها الظالمة الخالقة لبيئة صراعات دموية وتحديدا دينية، واغتيال مبادرات السلام الفلسطينية والعربية، فإنها لن تنفع في اختراق وعي العلم المتمدن المتحضر، ذلك أنها تضع إسرائيل كدولة احتلال في الجبهة المعادية لحقوق الإنسان ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحقه في الحرية والاستقلال والسيادة على حدود دولته وموارد أرضه الطبيعية.

قوانين الكنيست الإسرائيلي الموظفة في خدمة عملية السيطرة على الشعب الفلسطيني ومحاولة إخضاعه ستضاعف من وتيرة تفاعل (عنصر التدمير الذاتي) إلى حد قد لا يمكن تدارك تسارعه ووصوله إلى لحظة الانفجار الشامل إلا عبر (ثورة ثقافية)، اجتماعية، سياسية (ثورة من أجل السلام) تقلب هرم منظومة القوانين والتشريعات السياسية والدينية الإسرائيلية رأسا على عقب، وتحررها من المفاهيم والتعاميم العنصرية الفوقية التمييزية، الاستعلائية، الشبيهة بتركيبة كيميائية قاتلة مدمرة للذات قبل إضرارها بالآخر، حينها سيكتشف الإسرائيليون الراغبون فعلا في العيش بكنف الاستقرار والسلام، مدى مصداقية شعب فلسطين في التعايش بسلام.

السلام ثقافة، والمصالح بين الدول والشعوب تقضي بجعلها السبيل الأنجع والأضمن للحياة، والإنسان قادر على إبداع حلول، ما دام مؤمنا بالسلام، ذلك أن الرؤية اللانهائية لآفاق السلام وتأمين متطلباته هي السبب الفريد لضمان الوجود.