salem-22
salem-22
أعمدة

إضاءة :الوقت ثمين

13 يوليو 2017
13 يوليو 2017

سالم الحسيني  -

الوقت أثمن شيء في حياة الأفراد والدول والمجتمعات، فالعالم اليوم يسابق الزمن في السير نحو التقدم والنمو واستثمار الموارد الاقتصادية والبشرية وفي تعزيز الأمن الفكري والاستقرار المالي والاقتصادي، فليس هنالك مجال لتضييع الأوقات في حياة الشعوب الراقية وعلى الحكومات العربية أن تكرس جهودها بشتى الطرق والوسائل نحو تثقيف الشعوب والمجتمعات وتغذيتها بشتى العلوم والمعارف فذلك من شأنه تعزيز أمنها الفكري والاجتماعي والاقتصادي وبالتالي معرفة الحقوق والواجبات نحو وطنها وأمتها والعالم بأسره فتكتسب بذلك الحصانة اللازمة التي تعينها على السير قدما بخطوات واثقة وثابة نحو التقدم والرقي بها وبأوطانها والنأي بها عن مستنقع الجهل والفقر والتخلف الذي هو الباب الواسع الذي يلج من خلاله المتربصون الذين يسعون في الأرض فسادا ولا يصلحون، فلذلك نرى المجتمعات التي يسودها ذلك الثالوث المخيف مجتمعات هشة تتناوشها السباع المفترسة بكل يسر وسهولة في عالم تسوده شريعة الغاب تسعى فيه القوى المهيمنة لتحطيم كل القيم الإنسانية والأخلاقية تحقيقا لمآربها الدنيئة وما يشهده الواقع المرير الذي تعيشه الشعوب المستضعفة اليوم أكبر دليل على ذلك حيث التوجه نحو استهداف الفكر وضرب اقتصاديات البلدان المستهدفة وإنهاكها فكريا وإضعافها اقتصاديا يسبق الاستهداف العسكري بفاصل زمني كبير لضمان السيطرة والتحكم والهيمنة بكل سهولة ويسر.

في حين يحدثنا الواقع نفسه أن الحكومات التي استطاعت تثقيف شعوبها والرقي بها نحو اكتساب شتى العلوم والمعارف اكسبها ذلك حصانة ذاتية مكنتها من مواجهة التيارات الجارفة التي تحاول أن ترديها نحو الحضيض فلذلك سعت وبكل تلقائية نحو العمل الجاد واستلهام الأفكار التي تعينها على الإبداع والابتكار الذي انعكس إيجابا على دولها والارتقاء بها نحو النمو والتقدم والازدهار بوّأها ذلك لأن تكون في مصاف دول العالم المتقدمة التي لها مكانتها المحترمة متمتعة باستقلالية الرأي والتوجه واتخاذ القرار.

وعلى الفرد كذلك ان يدرك ان نمو بلاده وقوته وتطوره وازدهاره هو انعكاس حتمي عليه فعلى قدر قوة البلاد التي ينتمي إليها يحظى بالقدر نفسه من التقدير والعناية والاحترام حيثما حلّ وارتحل فعليه ان يسعى بكل ما أوتي من قوة الى خدمة وطنه والرقي به نحو العزة والتمكين وإيثار المصالح الوطنية على المصالح الخاصة وليعلم ان الارتقاء بوطنه هو ارتقاء بذاته فلأن يكون فردا يعيش الكفاف ينتمي الى وطن قوي خير له من أن يكون مليونيرا ينتمي الى وطن ضعيف، حتى وان لم يعش في وطنه لابد من أن تلاحقه نظرات الناس وشكوكهم حول ثروته فضلا عن توفير الحماية والأمان على نفسه وماله.

وقد شدد الإسلام أيما تشديد على استثمار الوقت وتسخير الإمكانيات المادية والمعنوية للفرد والمجتمع في الرقي بالبلاد والعباد وجعل ذلك استثمارا مستقبليا يجده في مآبه إلى الدار الآخرة، فعنه صلى الله عليه وسلم انه قال: «اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك». وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه». فلذلك على المرء أن يدرك تماما أن استثمار هذه الأوقات وهذه الفرصة المتاحة في الحياة هي استثمار لصالح هذا الإنسان يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، فكم من أناس قدّر الله لهم العيش في هذه الحياة سنوات قليلة وببركة استثمار الأوقات فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة بارك الله لهم في أوقاتهم وأصبح ذكرهم في الدنيا شائعا وعند الله قدرهم كبيرا، وقد أخرج الله بهم خلقا كثيرا من ظلمات الجهل الى نور الهدى، ولهم من المؤلفات التي تستنير بها البشرية الى قيام الساعة، وكم من أناس عاشوا مديد العمر وانقضى بهم الحال وذهب بهم الزمن كأن لم يولدوا في هذه الحياة.. فأي الفريقين خير؟. فعلى العاقل أن يحدد هدفه في هذه الحياة وليعمل جهده في إفادة نفسه ومجتمعه ووطنه وليعقد العزم على تحقيق ما يصبو إليه من خيري الدنيا والآخرة حسب استطاعته ولا يركن الى الخلود والكسل والدعة حتى تتحقق بركة عمره، فان الإنسان لم يخلق في هذه الدنيا سدى وإنما خلق لتحقيق غاية وهدف، وليعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.