1057077
1057077
المنوعات

منقذو الصحف.. دور نشر بلجيكية تصلح صحفا هولندية

12 يوليو 2017
12 يوليو 2017

1057078

أمستردام- «د.ب.أ»: طالما يتندر الهولنديون على جيرانهم البلجيكيين كما يتندر الألمان على سكان مناطق شمال شرق ألمانيا حيث يطلقون عليهم دعابات تنطلق من اعتبار البلجيكيين أقل دراية بآخر المستجدات.

ولكن عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام فإن الهولنديين فقدوا أي روح للدعابة والتندر بشأن البلجيكيين وذلك لأن معظم سوق الصحف الهولندية أصبحت الآن في أيدي دارَي نشر ميديا هويس و دي بيرسجروب.

في شهر يونيو الماضي اشترت دار نشر ميديا هويس دار نشر تلجراف ميديا جروب TMG.

كما نجح البلجيكيون في نزاعهم القضائي ضد ملياردير الإعلام الهولندي جون دي مول بعد سجال قضائي مرير وذلك بعد أن استحوذوا بالفعل على صحيفة NRC هاندلزبلات والعديد من صحف الأقاليم.

ويرى خيرت يزيبرت، رئيس مجلس إدارة مجموعة TMG الإعلامية بما فيها صحيفة «دي تليجراف» الشعبية، أشهر صحف المجموعة والتي تعاني من أزمة مالية، أن الاستحواذ على صحيفة دي تليجراف كان «أصعب مهمة تقوم بها مجموعة ميديا هويس» الإعلامية حتى الآن.

وتعتبر صحيفة «دي تليجراف» بما توزعه من نحو 380 ألف نسخة يوميا أقوى الصحف الهولندية توزيعا.

غير أنه بينما تجاوزت الصحف الأخرى الأزمة تدريجيا فإن هذه الصحيفة الشعبية الواسعة الانتشار لا تزال تنزف جراء الخسائر حيث فقدت أكثر من نصف نسخها منذ عام 2000 وحتى الآن، وخسرت الصحيفة 8% من النسخ عام 2016 أي نحو ضعف ما خسرته صحف أخرى في المتوسط.

هبت ثورة الإنترنت العارمة في ساحة الصحف الهولندية منذ أواخر التسعينيات وكانت صحيفة «دي تلجراف» أكثر من عانى منها حيث أصبح باستطاعة القراء الحصول على المعلومات والمواد المسلية والرياضة مجانا عبر الإنترنت، وكان رد فعل مجموعة النشر على هذه الثورة بطيئا.

وظهرت أعراض ذلك في أن صحيفة «دي تليجراف» لم تنتقل كآخر صحيفة غير محلية في هولندا إلى شكل التابلويد السهل إلا عام 2014 «حيث يجب أن تعود الصحيفة مرة أخرى لبؤرة الاهتمام وأن تصبح علامة قوية» حسبما رأى رئيس تحرير الصحيفة الجديد.

ويشتهر الناشرون البلجيكيون بأنهم مهوسون بصناعة الصحف ولكنهم يشتهرون أيضا بدقة حساباتهم التجارية وحرصهم على تحقيق أرباح حيث إنهم ربما وفروا في تكاليف إدارة الصحف ولكنهم يستثمرون في إدارات التحرير.

من جانبه يرى بيتر فان دير ميرش، رئيس تحرير صحيفة NRC هاندلز بلات أن «الصحف التي تتميز عن غيرها هي الصحف الأفضل حالا بشكل واضح الآن».

وتنتمي صحيفته الليبرالية هي الأخرى لمجموعة ميديا هويس، كما أن مجموعة بيرسجروب الإعلامية الأكبر بكثير من مجموعة ميديا هويس تحقق نجاحا وهي موجودة منذ عام 2009 في السوق الهولندية حيث استحوذت مثلا على صحف محلية مثل صحيفة «ألجيمين داجبلاد» وصحيفتي «تروف» و«دي فولكسكرانت» غير المحليتين.

ورغم استمرار تراجع نسخ هاتين الصحيفتين، إلا أن إدارتهما نجحت في كبح عملية السقوط حيث كانت صحيفة «دي فولكسكرانت» اليومية الكبيرة ذات التوجه اليساري الليبرالي تخسر أكثر من ربع نسخها سنويا في الفترة بين عام 1998 و 2008م

وتراجعت مبيعات الصحف الورقية عام 2016 وحده بنسبة 3% ولكن تم تعويض هذه الخسارة بتحقيق زيادة 23% في الاشتراكات الرقمية.

وينظر فيليب ريمارك، رئيس تحرير صحيفة فولكسكرانت، لمستقبل الصحيفة بشكل متفائل حيث إن الحاجة لـ «صحافة جيدة تتزايد بتزايد سيل المعلومات».

كما يرى ريمارك أن القراء يريدون «تحليلات وتفسيرا» للأحداث وليس مجرد أخبار.

هذا هو بالضبط الطريق الذي تسلكه الكثير من الصحف الهولندية حيث تقدم خلفيات وتعليقات والكثير من التحليلات التي تضعها بالفعل على صفحاتها الأولى.

أما الأخبار الآنية فيجدها القارئ على الموقع الإلكتروني للصحيفة بشكل خاص أو على تطبيق للهواتف الذكية.

ولا تزال هولندا بلد صحف حتى الآن حيث إن هناك أربع صحف يومية هولندية غير محلية توزع إجمالا نحو 5ر2 مليون صحيفة يوميا وهو عدد لا بأس به بالنسبة لبلد صغير نسبيا به 17 مليون نسمة.

يضاف إلى ذلك صحف الأقاليم والصحف المحلية التي تغطي مناطق محدودة فقط وصحيفة مجانية.

ولا يزال 95% من السكان يحصلون على المعلومات بشكل منتظم عبر وسائل الإعلام التقليدية مثل الراديو والتلفزيون والصحف وذلك حسبما أظهرت دراسة حديثة لمعهد أبحاث SCP في ‏يوليو الجاري.

ولكن الانتقال لوسائل الإعلام الإلكترونية في هولندا تم بالفعل حيث إن 11% من الهولنديين وخاصة الشباب يحصلون على معلوماتهم عبر تطبيقات الأخبار وحدها.

ولكن هناك مبادرات لحث القراء على الدفع من أجل الصحافة أشهرها ما تقوم به مجموعة بليندل للأخبار عبر الإنترنت حتى على المستوى العالمي حيث يستطيع مستخدمو هذه الخدمة اختيار عناوين الأخبار من إجمالي الأخبار الهولندية والدولية وقراءة مقالات بسعر يبدأ بـ 15 سنتا للموضوع الواحد. ويرى ريمارك، رئيس تحرير صحيفة «فولكسكرانت» إن «العصر الذهبي للصحافة الإلكترونية لم يحن بعد.. ولكن الاهتمام بالصحافة الجيدة لا يتراجع.. فستكون الجريدة موجودة دائما».