1053611
1053611
الاقتصادية

ضـرورة مواصلـة تنفيذ خطط التنويع الاقتصـادي والإصـلاحــات الهيكليــة لتعزيـز صلابــة الاقتصــاد

07 يوليو 2017
07 يوليو 2017

1053612

توقع تراجع العجز المالي بدول المجلس نتيجة ارتفاع النفط وخفض الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية -

كتبت - أمل رجب -

قالت دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي: إنه على الرغم من أن اتفاق أوبك ساعد على تحسين آفاق أسعار النفط على المدى القريب، فلا تزال الأسعار متقلبة لكن وفقا لتوقعات السيناريو الأساسي لأسعار النفط من المتوقع أن تزداد قوة مراكز المالية العامة والحسابات الخارجية في البلدان المصدرة للنفط، وسيساعد ذلك في دعم قوة النمو غير النفطي رغم أن النمو الكلي سينخفض في 2017 بسبب تخفيضات الإنتاج النفطي، ورصدت الدراسة وجود تحسن كبير في الوضع المالي العام في عام 2016، حيث انخفضت مستويات العجز الأولي غير النفطي بمقدار 5.25 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي في مجلس التعاون الخليجي (بقيادة عُمان وقطر) وبمقدار 11 نقطة مئوية في الجزائر. وتحقق هذا التحسن نتيجة إصلاحات أسعار الطاقة وتخفيضات الإنفاق (الجزائر وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية)، فضلا عن الزيادات في الإيرادات غير النفطية في بعض البلدان (الجزائر وعُمان والمملكة العربية السعودية).

وتوقعت الدراسة أنه بينما يجري حاليا بذل الجهود لتشجيع زيادة الاستثمارات الأجنبية فقد تؤدي قوانين الاستثمار الجديدة في كل من الجزائر (أقره البرلمان) وعُمان (قيد النظر حاليا) إلى إعطاء دفعة للاستثمار الأجنبي المباشر، وأشارت الدراسة إلى إن الانخفاض المستمر في إيرادات الهيدروكربونات «النفط» يعني أن نموذج التنمية الحالي القائم على إعادة توزيع الثروة النفطية من خلال الوظائف الحكومية وإعانات الدعم السخية لم يَعُد قابلا للاستمرار. ولذا يتمثل التحدي في وضع نموذج جديد للنمو الاقتصادي يتسم بالصلابة والاحتوائية على حد سواء، وعلى وجه الخصوص، هناك حاجة إلى تقليل الاعتماد على النفط وتوليد فرص العمل في القطاع الخاص للقوة العاملة سريعة النمو، وقد شهد العام الماضي تصميم خطط إنمائية استراتيجية طموحة، ولكن يتعين أن ينصب تركيز البلدان بقوة على تنفيذ تلك الخطط وعلى الإصلاحات الداعمة الأخرى كما أن هناك المزيد مما ينبغي عمله لتحسين بيئة الأعمال.

وأضافت: أنه على المدى المتوسط، من المتوقع أن تظل أسعار النفط منخفضة ومحاطة بدرجة عالية من عدم اليقين، وبالتالي فإن مواصلة تصحيح أوضاع المالية العامة سيظل مطلبا حيويا. كذلك، ينبغي أن تواصل البلدان المصدرة للنفط التركيز على تنفيذ خططها للتنويع الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية الداعمة بغية تعزيز صلابة الاقتصاد، وفي البلدان المصدرة التي في دائرة الصراعات، فقد ارتفع إنتاج النفط بصورة مفاجئة، وإن كان التعافي الاقتصادي طويل الأجل مرهونا بتحسن الأوضاع الأمنية.

كما توقعت الدراسة زيادة النمو غير النفطي في بلدان مجلس التعاون الخليجي من 2% تقريبا في عام 2016 إلى 3% في عام 2017، في حين يتوقع تسارع وتيرة النمو غير النفطي في إيران من 0.75% في عام 2016 إلى نحو 3.5% في عام 2017. وفي المقابل، من المتوقع استمرار تباطؤ النمو غير النفطي في الجزائر، وتشير توقعات خبراء الصندوق إلى احتمال انخفاض مستويات عجز المالية العامة في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى أقل من 1% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2022 وهو تحسن كبير مقارنة بعام 2016. وهذه التوقعات مشروطة باستمرار تنفيذ الإصلاحات المالية الطموحة، فعلى سبيل المثال، يعتزم صانعو السياسات إجراء مزيد من الإصلاحات في أسعار الطاقة (الجزائر والعراق ومجلس التعاون الخليجي)، بينما يخطط مجلس التعاون الخليجي لاستحداث ضريبة القيمة المضافة في عام 2018، ويمثل هذا التصحيح المتصور في أوضاع المالية العامة مطلبا ضروريا لاستمرارية أوضاع المالية العامة على المدى الطويل، رغم الجهود الكبيرة التي بُذلت بالفعل، ومع ذلك، ينبغي ضبط وتيرة التصحيح لكي تتواءم مع ظروف كل بلد على حدة.

وعلى المدى المتوسط، رغم أن النمو الكلي في بلدان مجلس التعاون الخليجي والجزائر سيكون مدعوما بالتعافي المتوقع في الإنتاج النفطي، فإن النمو غير النفطي سيظل مقيدا نتيجة مواصلة التقشف المالي في البلدان التي تستلزم إجراء تصحيحات كبيرة، وفي إيران، لا تزال الآفاق المستقبلية تعترضها العقوبات الباقية وأوجه الضعف الهيكلي الداخلي، كما هو الحال في القطاع المالي.

وقالت الدراسة: «سوف تؤدي الزيادة المتوقعة في أسعار النفط والتصحيح المستمر في الأوضاع المالية العامة إلى تقليص ملحوظ في مستويات عجز المالية الكلي في عام 2017 إلى 4.25% من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط، فالتصحيح المقرر في مجلس التعاون الخليجي والجزائر، وعلى سبيل المثال، يعني أن مستويات العجز الأولي غير النفطي سوف تتحسن بمقدار 3.25 و5.5 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، على التوالي. وتشمل التدابير التصحيحية تطبيق زيادات أخرى في أسعار الطاقة (الجزائر والبحرين، ومقرر تطبيقها في المملكة العربية السعودية)، وفرض رسوم على الأيدي العاملة الوافدة (البحرين، ومقرر تطبيقها في المملكة العربية السعودية)، وفرض ضرائب انتقائية (الجزائر ومجلس التعاون الخليجي)، وتطبيق زيادات في المعدلات الضريبية (الجزائر وعُمان)، وضبط الإنفاق الجاري (الجزائر والبحرين وعُمان وقطر)، وإجراء تخفيضات في الإنفاق الرأسمالي (الجزائر وعُمان).

وسوف يسهم تعزيز مؤسسات المالية العامة في نجاح تطبيق خطط المالية العامة، وقد تم إحراز تقدم ملحوظ في جهود وضع أطر المالية العامة متوسطة الأجل (الجزائر والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية)، وإنشاء مكاتب إدارة الدين (الكويت والمملكة العربية السعودية)، رغم أنها لا تزال قيد التنفيذ في مختلف أنحاء المنطقة، وتعكف إيران حاليا على تحديث نظامها المعني بالإدارة المالية العامة، بما في ذلك استحداث نظام المحاسبة على أساس الاستحقاق، وتحديث نظام المعلومات الإدارية المالية، وإنشاء حساب الخزانة الواحد.

وتشير التقديرات إلى انخفاض عجز الموازنة الكلي التراكمي للخمس سنوات بين عامي 2016 و2021 إلى 375 مليار دولار، مقارنة بمبلغ 565 مليار دولار وفقا لما ورد في عدد أكتوبر 2016 من تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي، ويتوقف هذا التحسن الكبير على الاستمرار في تنفيذ هذه الخطط المالية العامة الطموحة، وبدعم من الاتجاهات العامة المتوقعة لأسعار النفط، ومع التسليم بالحاجة إلى تحقيق التوازن بين السحب من الأصول وإصدار سندات الدين، تزايد لجوء بلدان المنطقة إلى استخدام الديون لتمويل العجز، وهو ما يتوقع استمراره في عام 2017 فقد بلغت إصدارات سندات الديون السيادية الخارجية 50 مليار دولار في عام 2016، بزيادة تجاوزت خمسة أضعاف قيمتها في عام 2015، الأمر الذي ساهم بدور رئيسي في تمويل العجز الخارجي، ولا تزال أوضاع الأسواق العالمية مواتية للبلدان المصدرة للنفط القادرة على النفاذ إلى الأسواق، مما سيشجع على الأرجح الاستمرار في إصدار سندات الدين الدولية، وعلى سبيل المثال، ارتفعت عائدات سندات مجلس التعاون الخليجي السيادية المحررة بالدولار الأمريكي بنحو 10 نقاط أساس بين 1 نوفمبر 2016 و24 مارس 2017، أي أقل بكثير من الزيادة البالغة 60 نقطة أساس في سندات الخزانة الأمريكية المعيارية لمدة 10 سنوات، غير أن الاعتماد على التمويل الخارجي عُرضة للتغيرات المفاجئة في العزوف عن المخاطر على مستوى العالم، لذا يتعين إدارة المخاطر ذات الصلة بصورة فعّالة.

ومن شأن إصدار سندات الدين المحلي أن يحد من المخاطر المتعلقة بالتمويل الخارجي، وأن يساعد على تطوير الأسواق المالية المحلية، ومع ذلك، يجب النظر بعناية في أي إصدارات محلية لتجنب مزاحمة القطاع الخاص في الحصول على الائتمان، وخاصة إذا كانت أوضاع السيولة ضيقة بالفعل.

وبعد عامين من مستويات العجز المرتفعة، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط وتصحيح أوضاع المالية العامة إلى إعادة الحساب الجاري الكلي للبلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى وضع قريب من التوازن هذا العام. غير أن التحديات الخارجية لا تزال قائمة، وسوف يسهم في تخفيفها ذلك التصحيح المالي المتوقع الذي سبق تناوله بالنقاش، ففي بلدان مجلس التعاون الخليجي، نظرا لاعتمادها أسعار صرف ثابتة.

ارتفعت أسعار الصرف الحقيقية بفضل تزايد قوة الدولار الأمريكي مؤخرا، مما أدى إلى خفض القدرة التنافسية وزيادة الطلب على الواردات، كذلك شهدت الجزائر ارتفاع أسعار الصرف الفعلية الاسمية والحقيقية في الأشهر الأخيرة، وفي إيران، لا تزال الاستعدادات جارية لتوحيد سعر الصرف، وقد تسبب الصراع الدائر في اليمن وليبيا في انخفاضات حادة في قيمة العملة في أسواق الصرف الموازية، مما يعكس المخاوف الأمنية ونقص العملات الأجنبية.

الائتمان بدأ في التباطؤ

ولا تزال البنوك في المنطقة تتمتع بمستوى جيد من الرسملة بوجه عام، غير أن مستوى الربحية آخذ في التراجع، واتسمت أوضاع السيولة بالضيق في معظم البلدان، وتواصل الإصلاحات التنظيمية في القطاع المصرفي تقدمها، فيعكف عدد من البلدان على تعزيز أطر تسوية الأوضاع في المؤسسات المصرفية، بما في ذلك استحداث قوانين الإفلاس (تم إقرارها في الإمارات العربية المتحدة ومن المقرر وضعها في المملكة العربية السعودية ووضع أطر إدارة الأزمات في الكويت).

وكانت أسواق الائتمان بمأمن في البداية من تباطؤ نمو الودائع من جراء انخفاض أسعار النفط وبينما قامت البنوك بزيادة التمويل الأجنبي بالجملة في البحرين وقطر، فقد استعانت بلدان بأصولها الأجنبية (عُمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)، وقد تباطأ نمو الائتمان بشكل كبير في عام 2016. وبالنسبة لما بعد عام 2016، قد تتراجع وتيرة الطلب على الائتمان نظرا لانعكاس ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على أسعار الإقراض، وإن كانت هناك عوامل منفردة - مثل كأس العالم لكرة القدم 2022 التي ستستضيفها قطر ومعرض إكسبو 2020 (دبي) ستدعم الطلب على الائتمان في قطر والإمارات العربية المتحدة.

وأكدت الدراسة على أنه يلزم على البلدان أن تتكيف مع هذه البيئة من انخفاض أسعار النفط والسيولة لضمان استمرار توافر الائتمان لدعم القطاع الخاص، وتشمل التدابير المتخذة مؤخرا تيسير القيود على نسبة القروض إلى الودائع، واستحداث اتفاقيات إعادة الشراء الأطول أجلا (المملكة العربية السعودية)، وتصميم برامج مزادات أذون الخزانة على نحو يلائم أوضاع السيولة (قطر)، وسوف يتعين على البنوك المركزية أن تزيد من فعاليتها في إدارة أوضاع السيولة، الأمر الذي سيتطلب إدخال التحسينات على الإطار المؤسسي في بعض البلدان وهذه العملية قيد التنفيذ حاليا، وعلى سبيل المثال، في الجزائر، حيث بدأ البنك المركزي مؤخرا بالعمل مجددا بأدوات إعادة التمويل، وسوف يتعين مواصلة الجهود الرامية إلى زيادة فرص القطاع الخاص في الحصول على التمويل لدعم التنويع الاقتصادي الناجح.