1053492
1053492
المنوعات

مدينة «مطماطة» التاريخية فـي تـونـس.. طابع معمـاري فريد

07 يوليو 2017
07 يوليو 2017

1053490

تونس «العمانية»: توجد الكثير من المدن التاريخية على امتداد الوطن العربي وجميعها تتميز بخصائص لا نجدها في غيرها، إلا ان مدينة «مطماطة» في الجنوب التونسي تبقى من أكثر المدن تميزاً وغرابة بحكم طابعها الذي عرفت به على امتداد العصور وأخذت اسمها من إحدى القبائل البربرية التي استوطنت مناطق شاسعة من تونس قبل الفتح الإسلامي.

وعرفت مدينة مطماطة باسمها البربري «أتوب» وهي تقع في الجنوب الشرقي التابع لولاية قابس وتبعد عن العاصمة التونسية 450 كم وعن مدينة قابس 43 كم، وبنيت المدينة تحت الأرض في الأماكن العصية الوعرة التي تحيط بها الجبال والصحاري وأنشئ هيكل المدينة بحفرة كبيرة تحت الأرض تجمع بينهما كهوف تؤدي إلى غرف منها ما يستخدم لحفظ المؤونة ومنها ما يستخدم للنوم وتربط بين ذلك جميعا ممرات أرضية، وكذلك تربط بين أفنية الكهوف سلالم محفورة في الأرض والمثير للدهشة أن هذه الخصائص المعمارية الفريدة قد أوجدت للمدينة آلية تكييف طبيعية تمنحها الرطوبة في الصيف والدفء في الشتاء وقد بنيت مدينة مطماطة في باطن الأرض للاختباء ولتجنب هجوم القبائل الإفريقية التي كانت تشن من المناطق المجاورة لهما.

ولا تزال المدينة العتيقة الأصلية قائمة بسكانها رغم أن كثيرين من أهل مطماطة قد اختاروا إنشاء بيوتهم من الحجر الحديث حول المدينة العتيقة، وتشهد المدينة زيارات لقوافل السياح القادمين من مختلف دول العالم بغية الاطلاع على هذا المعلم التاريخي الذي حافظ على تفرده طيلة قرون عدة، وقد قام أشهر منتجي الأفلام في العالم باستغلال محيط المدينة في تصوير مشاهد من أشرطة عالمية نالت جوائز كبيرة ومنها سلسلة أفلام

«حرب النجوم» الشهيرة.

وخلال الحرب العالمية الثانية تضررت بعض الأماكن في هذا المعلم الأثري من قصف الحلفاء للقوات النازية الموجودة في المنطقة، كما قامت بدور تاريخي في مقاومة الاستعمار الفرنسي للبلاد التونسية للجوء قادة المقاومة لكهوفها وبيوتها واتخاذها كقاعدة لتنظيم الهجمات ضد قوات الاحتلال.

ويشتغل سكان مدينة «مطماطة» في الزراعة والسياحة بحكم شهرتها السياحية فقد وجدت مهن مرتبطة بهذا القطاع وتقوم بتشجيع الصناعات التقليدية التي اتقنها السكان على مر العصور، ويزور المدينة تقريبا ألف شخص أسبوعياً وعادة ما يضع الزوار بعض المال في إناء خاص في مداخل البيوت للتعرف على المدينة وبيوتها وأفنيتها.

ويوجد بمدينة « مطماطة» 80 بيتاً محفوراً في جوف الأرض إلا أن عدد ما يتم استغلاله في المجال السياحي لا يتجاوز 12 بيتا فقط، ويقدم أهل «مطماطة» للزوار والسياح شروحات حول معيشتهم وطرق صنعهم للخبز والبيوت وعاداتهم في الزواج والأعياد والمناسبات بلغة هي خليط من «الشلحة» إي (الأمازيغية والعربية) وبعض الكلمات من اللغات الأجنبية العالمية.

كما أن أهل «مطماطة» قد حافظوا على لغتهم الأمازيغية رغم محدودية التواصل بها داخل أسوار المدينة بحكم تمسكهم بخصوصيتهم واعتزازهم الشديد بثقافتهم وانتمائهم الحضاري، ويحرص أهل المدينة على إكرام وإفادة ضيوفهم بطريقتهم الخاصة التي تقتضي على تقديم خبز الشعير واللبن والسمن والزيت البلدي.

ورغم قلة عدد سكان مدينة «مطماطة» الذي لا يتجاوز 5000 شخص فإنهم استطاعوا تقديم صورة أصيلة لهذه المدينة التاريخية التي حافظت على عاداتها وثقافتها وطابعها في عالم يشهد تحولات كبرى من حولها.