المنوعات

«تريكلوسان» تتسبب في بكتيريا مستعصية على المضادات الحيوية

05 يوليو 2017
05 يوليو 2017

بِرمِنجهام، (د ب أ): قال باحثون من بريطانيا إن الاستخدام الشائع عالميا لمادة تريكلوسان المضادة للبكتيريا يمكن أن يساهم في تكون أنواع من البكتيريا المستعصية على المضادات الحيوية.

وأكد الباحثون تحت إشراف مارك فيبر من جامعة بِرمِنجهام البريطانية أنهم وجدوا أن هناك علاقة بين المناعة ضد المضادات الحيوية من مجموعة كوينولون واسعة المجال، وضد مبيد بيوتسيد شائع الاستخدام ضد البكتيريا.

وعبر الباحثون عن تخوفهم من أن تشجع مادة تريكلوسان تكَوُن أصول بكتيرية مستعصية على المضادات الحيوية.

تستخدم مادة تريكلوسان عالميا كمثبط للبكتيريا في مستحضرات تجميلية ومعقِمة وصناعة ملابس مثبطة للعرق ومنظفات منزلية وأدوات منظفة.

وأوضحت لورا بيدوك المشاركة في الدراسة أن «معرفة العلاقة بين كوينولون و الاستعصاء على مادة تريكلوسان مهمة لأن مادة تريكلوسان أصبحت خلال 20 عاما متواجدة في كل مكان في الطبيعة بل وفي الأنسجة البشرية نفسها».

تستخدم مجموعة مثبطات كوينولون المعروفة أيضا بمثبطات إنزيم جيراس في علاج الالتهابات البكتيرية في منطقة البطن والشعب الهوائية والعيون وكذلك المسالك البولية والأمراض التناسلية حيث تؤثر على إنزيم بعينه من البكتيريا وهو إنزيم DNA-Gyrase.

ويتركز دور هذا الإنزيم في فتح المجموع الوراثي الموجود بشكل ملفوف في نواة الخلية بسبب ضيق المساحة هناك وذلك عندما يكون من الضروري قراءة هذا المجموع من أجل إنتاج مكونات أجزاء جديدة من الخلية.

تقوم مثبطات كوينولون بحجب هذا الإنزيم وبذلك منع صناعة بروتينات مهمة لحياة الخلية مما يؤدي لموت البكتيريا الممرضة.

تعامل فريق الباحثين تحت إشراف فيبر خلال الدراسة مع بكتيريا الإشريكية القولونية وبكتيريا سلمونيلة كوليرا الخنازير.

وتم من خلال سلسلة من التجارب المختلفة دراسة العلاقة بين هذه البكتيريا ومادة تريكلوسان.

وتبين للباحثين عدم وجود تأثير متبادل بين هذه المادة وهذا الإنزيم البكتيري.

ولكن البكتريا التي تحورت إلى سلالات أخرى كانت أقل حصانة ضد مادة تريكلوسان، حسبما أوضح الباحثون تحت إشراف فيبر في دراستهم التي نشرت في مجلة «جورنال أوف أنتيمايكروبال شيمثيرابي» المتخصصة في دراسات العلاج الكيماوي المضاد للبكتيريا.

قال الباحثون إنه ونتيجة لحدوث تغيرات في المجموع الجيني، وتسبب البكتيريا أيضا في جعل المُمْرِض مستعصيا على مجموعة مثبطات كوينولون، فإن المجموعة تؤدي أيضا إلى إعادة ترتيب الحمض النووي للبكتيريا وتفعيل آليات دفاعية متعددة مما يؤدي إلى استعصاء البكتيريا على مادة تريكلوسان.

ويعني ذلك من الناحية العملية أن البكتيريا الممرضة التي يحدث فيها تغير في ترتيب إنزيم جيراس في المجموع الوراثي يمكن أن تتكاثر بشدة عندما توجد مادة تريكلوسان في الوسط المحيط بها؛ مما يعني أن مادة تريكلوسان التي أصبحت منتشرة في كل مكان يمكن أن تساعد على استمرار بقاء مثل هذه البكتيريا التي لا تجدي معها مضادات كوينولون الحيوية.

بدأ استخدام منتجات تحتوي على تريكلوسان في التطبيقات الطبية والمستشفيات كمادة معقمة قبل نحو ثلاثة عقود ثم ارتفع عدد المنتجات التي تحتوي على هذه المادة الفعالة وغيرها من المواد التي روج لها على أنها «ذات التأثير المضاد للبكتريا» أو «المثبطة للرائحة». ليس هناك أدلة كافية على وجود فوائد إضافية لهذه المادة مقارنة بالمواد المعقمة والمنظفة التقليدية.

وبدلا من ذلك فإن هناك قلقا متزايدا من أن زيادة انتشار هذه المواد في البيئة من شأنه أن يغير أنظمة بيئية بأكملها، ويعزز انتشار البكتيريا المستعصية على المضادات الحيوية.

تأكد لباحثين آخرين من خلال دراسات سابقة وجود مادة تريكلوسان في دم الإنسان، وبوله، ولبن الأم.

وبسبب المخاطر المحتملة لهذه المادة على الصحة فقد حظر الاتحاد الأوروبي منذ نحو عامين استخدامها في منتجات مثل مراهم القدم، أو مستحضرات غسول الجسم التي يتم وضعها على مساحات كبيرة من الجسم وتظل موجودة على البشرة.

ومع ذلك فلا تزال هناك في الأسواق العديد من المنتجات مثل مزيلات العرق تستخدم مادة تريكلوسان كأحد مركباتها.

ووجه أكثر من 200 باحث وطبيب نداء في مجلة «انفايرامنتال هيلث بيرسبكتيف» المعنية بأبحاث الصحة، طالبوا فيه بحظر مادة تريكلوسان عالميا وأشاروا في ذلك إلى دراسات حذرت من مخاطر مرتفعة للإصابة بالسرطان وغيره من الأمراض جراء استخدام هذه المادة.

وفي عام 2014 ذكر باحثون عبر مجلة « mBio» أن مادة تريكلوسان يمكن أن تشجع نمو بكتيريا خطيرة، وأن استخدامها يزيد من انتشار المكورات العنقودية الذهبية في الفم؛ وهو ما يعني بالنسبة لبعض الناس احتمال اتساع حجم الإصابة بالتهاب في أعقاب الخضوع لتدخل جراحي.

وأشار الباحثون إلى أن المكورات العنقودية الذهبية يمكن أن تتسبب في ظل ظروف معينة، أو في حالة ضعف المناعة في الإصابة بالتهابات تهدد الحياة، وربما الإصابة بمرض تعفن الدم.

ومن الممكن أن يكون توطن هذه البكتيريا في الفم عامل خطر بالنسبة لمثل هذه الالتهابات، حسبما أوضح الباحثون تحت إشراف بليس بوليس من جامعة ميشجيان الأمريكية.

وحسب الباحثين فإن مادة تريكلوسان منتشرة في إفراز الأنف لدى البشر.

وأوضح الباحثون أنه تبين لهم أن هذه المادة موجودة بكميات يمكن إثباتها لدى 37 من كل 90 بالغا سليما.