مرايا

مواقع التواصل أبعدتنا عن الواقع الاجتماعي

05 يوليو 2017
05 يوليو 2017

لسوء استخدامنا لها -

كتبت- رحاب الهندي -

جهاز بحجم الكف قد يكون أصغر أو أكبر قليلا أصبح من أساسيات الحياة المعاصرة نخزن به كل معلوماتنا ويعتبر هو الأهم من كل متطلباتنا، نستخدمه بإلقاء تحية الصباح أو المساء أو نشر الدعابة والخبر، هذا الجهاز الذي يحمله الجميع قدم لنا خدمات متعددة منها مواقع اجتماعية للتواصل مع كل ما نود أن نتواصل معه، لكنه أيضا في حقيقة الأمر أفقدنا التواصل الاجتماعي الحقيقي، فقد بدأ البعض يرسل بطاقات الدعوة لمناسبات متعددة لمعارفه عبر هذه المواقع بدلا من توزيعها للجميع.

والسؤال هنا هل فقدنا حميمية التواصل الاجتماعي بوجود هذه المواقع الاجتماعية؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن نعيش هذا الواقع الذي يلتقي به الأهل أو الأصدقاء في لقاء وتجد الغالبية كل يحمل هاتفه ويكتب، وكأن اللقاء أصبح مجرد تجمع ليعيش الغالبية في حالة توحد مع هاتفه النقال.

تواصل بلا تواصل

ضحك أحمد البوسعيدي (طالب جامعي) قائلا: ملاحظة حقيقية، وكأن الهاتف أصبح عضوا من أعضاء الإنسان لا يمكنه الاستغناء عنه أبدا، هو معه أثناء أكله وشربه ونزهاته ودراسته وحتى أثناء لقائه مع الأهل والأصدقاء، وكأن هذا الجهاز الصغير بما يحتويه يحتوينا إلى درجة غريبة، أذكر أن رساما كاريكاتيريا قدم مشهدا فعليا وحقيقيا عن الحالة حين رسم صورة الجدة وهي تلتقي بأبنائها وأحفادها لكنها تجلس وحيدة من حولهم، لأن كل منهم يحمل هاتفه ويعيش معه في حالة خاصة.

لكن لا ننكر أيضا فوائد الهاتف وما يتضمنه على ألا يكون هو أساس حياتنا عبر أناس وراء الشبكات، وننسى أو نغفل الناس الذين يعيشون معنا.

مشاكل اجتماعية

منى الحبسية (أخصائية اجتماعية) أجابت: فعلا معكم حق في طرح هذا الموضوع، لا أعتقد إني أبالغ لو قلت أن مثل هذه الأجهزة هي آفة أو وباء قد أصاب المجتمعات الإنسانية في كل مكان، أصبح هو الأهم من المهم في حياتنا، ونحن نؤمن أن لكل شيء وجهان به الخير والشر في حالة كيفية الاستعمال، فلا شك أن هذه الأجهزة المتطورة حملت في جوانحها خيرا للإنسانية من حيث معرفة أخبار العالم بكل دقيقة، وأصبح الإنسان متواصلا مع العالم الذي حوله، لكن المشكلة تقع حين نعيش أسرى هذه الأجهزة وما تحمله من مواقع تواصل وغيرها، ولا ندرك حقيقة بعض الخبث فيها إلا بعد أن نقع في مشكلة اجتماعية أو مالية لنكتشف مدى الحماقة التي ارتكبناها بحق أنفسنا.

وأضافت: هذه المواقع المتعددة والتي لا حصر لها في أيامنا هذه كانت سببا لمشاكل اجتماعية كثيرة بين الأزواج والأصدقاء والأهل، فالكثيرون يشتكون أن من معه في المنزل سواء الزوج أو الزوجة أو حتى الأبناء يسبحون في فلك هذه الأجهزة ومتعلقين بها في معظم الوقت، متناسين تماما حق الأخر عليهم، وهنا الكارثة، فلا يعقل أن الزوج أو الزوجة وهما يجلسان لمناقشة أي أمر يخصهما نجد أحدهما يهز رأسه لكن عقله في جهازه يبحث أو يرد على من يكتب إليه بينما الأخر يعيش قهرا، وإن احتج حصلت مشكلة، وللأسف الشديد مثل هذه المشاكل في تزايد، والحل لا يمكن إلا بتعقل المستخدم لهذا الجهاز وإدراكه أن من يعيش معه أهم بكثير من كل مواقع التواصل.

العيب فينا

محمد المعمري (موظف) قال: سأجيبك باختصار العيب فينا وليس بالأجهزة أو المواقع، فرائعة هذه التكنولوجيا، لكن علينا أن ندرك أن الأروع هو الإنسان الذي نعايشه ولكل شئ وقته، فمن غير المعقول ما نشاهده من البعض المعتكفين على أجهزتهم طوال الوقت.

نورة البلوشية (مدرسة) تقول: بصراحة الموضوع فعلا يدعو للقلق، والغريب أننا مجرد شعوب مستهلكة لكل هذه الأجهزة، أحيانا أتساءل عن انغماسنا في ملكوت هذه الأجهزة والمواقع التي وإن كان فيها فائدة ففيها أيضا شر يكمن في الداخل.

أذكر أنني كلما زرت إحدى صديقاتي تترك عاملة البيت للقيام بواجب الضيافة، وهي تعيش التوحد مع جهازها! عاتبتها اكثر من مرة، وحين لم أجد تغيرا لم أعد أزورها. هذا التوحد مع الأجهزة غريب عجيب ومن الممكن تحليله لألاف الأسباب، وبصراحة شخصيا أسميه «وباء» حين تجدين أن الصغار والكبار أصبحوا في حالة هذا التوحد مع أجهزتهم.

أذكر حالة صادفتها لأحد الطالبات وهي تعيش حالة من الحزن والكآبة، وحين حاولت سؤالها عن السبب كان ضياع هاتفها، والمشكلة ليس في ضياع الجهاز بل كانت قلقة من أجل تهديد والدها بعدم شراء جهاز جديد.

لا داع للقلق

سعيد المقبالي (موظف) أجاب: لا أرى في هذا الموضع أي قلق ولا يمكن لأي جهاز أن يفقد طعم التواصل الحقيقي، ممكن تكون حالة طارئة لكل ما هو جديد ليس أكثر. ونعم هاتفي اليوم أعتبره من أهم مقتنياتي حيث أصبح بالنسبة لي عاملا مهما، حتى في عملي. قد تكون المشكلة في طريقه تعاملنا مع الآخرين ليس أكثر، أنا شخصيا حين أضطر لاستخدام الهاتف أعتذر لمن حولي وأجيب على أسئلة الذين أتعامل معهم من خلال المواقع التي ساهمت بجزء من عملي وتواصلي مع الكثيرين، لكن أؤكد أنني لا أترك هاتفي والمواقع تتحكم بي.

خميس البلوشي أجاب وهو يشير إلى رأسه: هنا المشكلة، تأكدي أن التعقل في استخدام أي جهاز نمتلك وليس فقط الأجهزة الإلكترونية كالسيارة مثلا، هو أما يكون سببا للراحة والمعرفة أو سببا لمشاكل متعددة.