كلمة عمان

كنز لا غنى عنه

04 يوليو 2017
04 يوليو 2017

المكتبة ودورها المجتمعي، عنوان رائع أخذ به مجلس الدولة، بأمل أن يعمل عليه بمزيد من البحث، بعد أن وافق أمس على مقترح بهذا الخصوص يتعلق بدراسة «واقع المكتبات العامة والأهلية والخاصة ودورها المجتمعي»، التي تقدمت بها لجنة الثقافة والإعلام والسياحة.

ولا شك أن القراءة والمطالعة هي أول الطرق نحو المعرفة والتلقي والتطوير الذاتي وتنمية المجتمعات بشكل عام، فلا نهضة حقيقية لأي مجتمع دون تعزيز هذه المهارة، التي يعتبر الكتاب وسيطها الأول، والمكتبة هي ساحتها الرئيسية التي تقوم عليها.

وعندما يكون الحديث عن القراءة والمكتبات في القرن الحادي والعشرين، أي في الراهن، فلابد أننا سوف نضع في الاعتبار كافة التطورات في هذا الجانب، فالمكتبة اليوم مفهوم كبير ومعقد ولم تعد مجرد مجموعة من الكتب المرصوصة على الأرفف.

فالمفهوم الحديث يعني بالضرورة إدخال كافة العناصر، المتعلقة بالتطور الرقمي والتكنولوجيا، وهي تلك الوسائط التي باتت سمة العصر الجديد، فالآن أكثر الشباب يرغب في تلقي المعارف عبر هذه الوسائط الحديثة، ولا يميل إلى الكتاب الورقي التقليدي.

لكن مفهوم المكتبة ورسالتها المفترضة في مثل هذا العصر، سوف تتعدى مجرد ناقل ووسيط للمعرفة، بل ستكون أقرب إلى بيئة تفاعلية يتم من خلالها تواصل الأجيال وإنتاج المعرفة أيضا وتدويرها بشكل مفيد للكل.

وهذا يعني أن المكتبات الأهلية على سبيل المثال سوف تتولى عمليات مثل الأرشفة وجمع المعلومات في المجتمعات المحلية والتوثيق لعدد من الأمور التقليدية ونشاط المجتمع بالكلمة والصورة والوسائط الحديثة الذكية، بما يخدم في تحويل المكتبة إلى بيئة حقيقية للمعرفة وليس مجرد واجهة لمجرد عرض الكتب للقراء، كما كانت في طابعها الكلاسيكي.

ولكن من ناحية مبدئية فإن طرح الفكرة بشكل عام، من حيث الاهتمام بالمكتبات ودورها وتفعيلها في مختلف ولايات السلطنة، يعبر عن خطوة جيدة في سبيل الاتجاه نحو المجتمع القارئ، ويشجع الشباب والأجيال الجديدة على الالتصاق بالبيئة المعرفية والثقافية وهو المطلوب في سبيل الغد المشرق.

فالمجتمعات ترتقي من خلال المعارف والعلوم والاستزادة المعرفية المستمرة، بحيث إن موضوع التعليم والتلقي يتحول إلى واجب مستمر في حياة الأفراد، ولا ينتهي بمرحلة التعليم الرسمي في المدارس والجامعات.

فالدول المتطورة تعمل دائما إنتاج بيئة تساعد على الإبداع والأبحاث والرغبة في فهم المكان بما يساهم في تحفيزه واستنطاق ما يحفل به من مقومات ومن ثم استثمارها، ولا سبيل سوى ذلك إلا بالعلم والكتب التي تشكل أدوات لا غنى عنها لكل نهضة.

وهذا المشروع لا شك أن العديد من الجهات سوف تساهم فيه من وزارات وشركات خاصة، بحيث يكون عملا تشاركيا تنعكس فيه المسؤولية الوطنية والاجتماعية، باعتبار أن الفائدة ستكون للجميع من أبناء الوطن، حيث إن هذا الكنز الذي اسمه المكتبة سوف يظل يهب عطاءه للجميع.

ولا ننسى أن لدينا تجربة في المكتبات العامة والأهلية، يجب الاستفادة منها وهو ما شرع فيه أصحاب الفكرة منذ البدء، ولابد أن كل خطوة ومع المزيد من الدراسة والعمل سوف تصبح أكثر وضوحا وتصل لنتائج مثمرة وأكثر من التوقع القريب، وفي هذا الإطار فإن الخطوات التي تم البدء فيها من التفكير في نظام وطني موحد لهذه المكتبات هو أول الغيث وأوضح تأكيد.