1050353
1050353
عمان اليوم

نخطط للحفاظ على جودة الخدمات الصحية ومواكبتها عالميا في ظل الأزمة المالية الحالية

03 يوليو 2017
03 يوليو 2017

وزير الصحة في حديث لـ«عمان»:-

حوار - عهود الجيلانية -

1050345

أكد معالي الدكتور أحمد بن محمد بن عبيد السعيدي وزير الصحة على حاجة القطاع الصحي في رفع مستوى التمويل الصحي لتلبية التوقعات لدى المواطن العماني بتطوير نظام الرعاية الصحية إلى نظام يتمتع بمعايير دولية، وتطوير المؤسسات الصحية بأنظمة وتقنيات حديثة وتوفير أدوية وعلاجات ذات جودة عالية والتي تكون باهظة الثمن في معظم الأحيان. وموضحا معاليه أنه على مدى السنوات القليلة الماضية ومع المتغيرات الاقتصادية وتقلبات أسعار النفط التي قد تؤثر سلبا في الإنفاق على الصحة، علينا أن نخطط جيدا في كيفية الحفاظ على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمجتمع ومواكبتها على المستوى العالمي في ظل الأزمة المالية الحالية.

كما أشار إلى ما حققته السلطنة من إنجازات جلية في مجال التنمية الصحية خلال العقود السابقة، ظهرت في قيمة وسرعة خفض معدلات الوفيات ووفيات الأطفال خاصة وكذلك في التحكم بالأمراض المعدية. والتطور الكبير في البنية الأساسية لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية بالسلطنة كمًا وكيفًا التي بلغت العام الماضي أكثر من 241 مؤسسة.

وأضاف معاليه: إن الانتهاء من بناء المدينة الطبية بحلول عام 2021 سيضمن الاستمرار في كفاءة خدمات الرعاية الصحية ذات المستوى الثالث وإتاحتها لمعظم الناس في سلطنة عُمان، كما ستؤدي المدينة الطبية أيضا إلى تسهيل التدريب والتعليم للمهنيين في الرعاية الصحية مما يقلل من تكاليف التدريب خارج البلاد ويحقق الاكتفاء الذاتي في المستويات الرفيعة من التدريب ومن التعليم المتواصل للمهنيين في الرعاية الصحية، بالإضافة إلى أنها ستعزز أيضا من البحوث السريرية في المجالات ذات الأولوية على المستوى الوطني.

وقال حول أزمة مخرجات القطاع: وفقا للنظام الحالي المعمول به وهو تعيين الخريجين على موازنة احتياطية - الإحلال - وذلك لعدم توفر الدرجات الشاغرة، وهو النظام الذي أصبح لا يلبي حاجة الخدمات الصحية، حيث يقتضي بإنهاء خدمات الطبيب والفني غير العماني ذي الخبرة وتعيين العماني الخريج الجديد محله.

جاء ذلك خلال حديث خاص أجرته «$» مع وزير الصحة للكشف عن الجهود المبذولة في القطاع الصحي وما توفره الحكومة من البنى والموارد اللازمة لتقديم خدمة شاملة ومتكاملة تلبي احتياجات ورضا الفرد والمجتمع.

معاليكم، ما أثر المتغيرات الاقتصادية على الصحة إذ أن هناك علاقة إيجابية طردية بين الإنفاق على الصحة من الناتج المحلي وبين نصيب الفرد من الناتج المحلي، ومدى تأثر مستوى الخدمات الصحية في ظل تقلبات أسعار النفط؟

إن تمويل النظام الصحي في السلطنة يأتي بشكل أساسي من الحكومة. وتمثل إجمالي النفقات الصحية حوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي عند حسابه بأسعار السوق، ويعتبر هذا الإنفاق أقل من المستوى الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية (5%). ويتأثر الإنفاق على الصحة بنمط التحديات التي تواجه النظام الصحي والنتائج المتوقعة منه، حيث إن هناك عوامل كثيرة تشير إلى الحاجة لزيادات كبيرة في تمويل النظام الصحي كزيادة عدد المسنين والتحول الوبائي باتجاه الأمراض غير السارية التي تتسم بصعوبة معالجتها وارتفاع تكاليف علاجها وغيرها من التحديات.

ويمثل الإنفاق الحكومي على الصحة في السلطنة لعام 2015م حوالي 6.5% فقط من مجموع الإنفاق الحكومي، وتعتبر هذه النسبة قليلة مقارنة بالدول الأخرى (حيث تتراوح هذه النسبة من 1.3% إلى 29%). كما تقدر حصة الفرد من مصروفات وزارة الصحة حوالي 214.5 ريال عماني.

وتعتبر زيادة الموارد المالية (أو تثبيتها على الوضع الحالي على الأقل) مطلبا أساسيا لتلبية التوقعات لدى المواطن العماني بتطوير نظام الرعاية الصحية إلى نظام يتمتع بمعايير دولية، وتطوير المؤسسات الصحية بأنظمة وتقنيات حديثة وتوفير أدوية وعلاجات ذات جودة عالية والتي تكون باهظة الثمن في معظم الأحيان.

تمثل الرعاية الصحية الأولية إحدى أهم أولويات القطاع الصحي نظرا لما لها من تأثير بالغ ومباشر على المؤشرات الصحية الأساسية للسكان، كيف يتم الاهتمام بتطوير الرعاية الصحية الأولية؟

مؤسسات الرعاية الصحية الأولية هي أول نقطة اتصال بين المجتمع والنظام الصحي، وتمثل حلقة الوصل بين المجتمع والمستويات المختلفة للرعاية الصحية. وقد تبنت الوزارة في تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية فلسفة الرعاية الصحية الأولية التي وضعت في المؤتمر العالمي في الما آتا عام 1979م. والمبادئ الأساسية للرعاية الصحية الأولية هي: أن تكون متوفرة بالقرب من التجمعات السكانية، أن يسهل الوصول إليها، مع التأكيد على استمراريتها وشموليتها. وقد حدث تطور كبير في البنية الأساسية لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية بالسلطنة كمًا وكيفًا، حيث بلغ عدد مؤسسات الرعاية الصحية الأولية في 2016 أكثر من 241 مؤسسة، منها (183) مركزًا صحيًا و(23) مجمعًا صحيًا و(30) مستشفى محليا بالإضافة إلى (5) مستشفيات ولاية تقدم رعاية صحية ثانوية، بجانب خدمات الرعاية الصحية الأولية لسكان الولاية المقام بها المستشفى وبعض الولايات المجاورة. وتستقطب هذه المؤسسات حوالي 85% من إجمالي المراجعين للنظام الصحي بالسلطنة، حيث بلغت الزيارات لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية الصحية حوالي 12.7 مليون زيارة خلال عام 2016م.

وقد حققت الرعاية الصحية الأولية بالسلطنة تقدما كبيرا أشادت به المنظمات الدولية، مستدلة بالإنجازات التي تحققت في المؤشرات الصحية الحيوية فقد انخفض معدل الوفيات الخام إلى 2.9 لكل 1000 من السكان عام 2015م بعد أن كان 13.3 في عام 1980م، ووفيات الأطفال الرضع إلى 9.5 لكل 1000 مولود حي (64 في 1980م)، ومعدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى 11.4 لكل 1000 مولود حي (86 في 1980م)، وقد انعكس ذلك على توقع الحياة عند الولادة الذي ارتفع من 57.5 سنة في عام 1980م إلى 76.4 سنة عام 2015م.

وانطلاقا من شعار الوقاية خير من العلاج فإن وزارة الصحة أولت برنامج التحصين الموسع اهتماما كبيرا، وبموجبه تم اعتماد السلطنة كمركز تدريب لتخزين الطعوم. وطبقا لجدول محدد، يتم تحصين كل أطفال السلطنة ضد أمراض الطفولة الخطيرة. وحرصا من الوزارة على المحافظة على الإنجازات التي تحققت في العقود الماضية، فقد اهتمت بجودة خدمات الرعاية الصحية الأولية، حيث إن مفهوم الجودة بالرعاية الصحية الأولية يمثل توفير أفضل الخدمات بأقل التكاليف والحصول على أعلى مردود، بمعنى أن تكون خدمة مؤثرة وأن تمثل الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتحسين المهارات التقنية وتوفير البنية والموارد اللازمة لتقديم خدمة شاملة ومتكاملة تلبي احتياجات ورضا الفرد والمجتمع. ولعل من أهم جوانب مراقبة وضبط الجودة في الرعاية الصحية الأولية هو مراقبة العلاقة بين مقدم الخدمة والمستفيد منها، ومراقبة مدى رضا المستفيد من الخدمة وذلك للوقوف على ملاحظات المستفيدين وتحسين ما يقدم لهم من خدمات. وساعد إدخال برنامج الجودة في مؤسسات الرعاية الصحية الأولية على متابعة تقديم الخدمة وتقييمها، ثم تهيئتها لتواكب المتغيرات سواء بالنسبة لنوعية الخدمة أو الرضا عنها.

معاليكم، ما هي مكامن القوة والضعف في القطاع الصحي من خلال تحليل الوضع الراهن؟

حققت السلطنة إنجازات جلية في مجال التنمية الصحية خلال العقود السابقة، ظهرت في قيمة وسرعة خفض معدلات الوفيات ووفيات الأطفال خاصة وكذلك في التحكم بالأمراض المعدية.

كما عكفت وزارة الصحة على وضع رؤى لاستراتيجية طويلة المدى لتطوير النظام الصحي تمثلت في «النظرة المستقبلية 2050» وهي استقراء ورؤى في الكيفية أو الوضعية التي نود أن يكون وضع النظام الصحي في سلطنة عمان في المستقبل حتى 2050 وهي فترة طويلة دون شك، وقد يكون من الصعب التنبؤ بالكيفية التي ستحدث بها التطورات في مجال التكنولوجيا وفي المجالات الأخرى ضمن المجال الصحي والذي يتطور بوتيرة متسارعة خاصة أن النظام الصحي يتأثر بعدد من العوامل والمحددات مثل العوامل الديموغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية والقانونية.

إلا أنه على مدى السنوات القليلة الماضية فإن المتغيرات الاقتصادية وتقلبات أسعار النفط قد تؤثر سلبا في الإنفاق على الصحة، ولهذا فعلينا أن نخطط جيدا في كيفية الحفاظ على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمجتمع ومواكبتها على المستوى العالمي في ظل الأزمة المالية الحالية. كما تشهد السلطنة (كغيرها من دول العالم) تحولا ديموغرافيا ووبائيا، فأعمار السكان آخذة في الازدياد، وأنماط الأمراض تُظهر غلبة الأمراض غير المعدية والإصابات وهي حالات من الصعب التحكم فيها بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة علاجها، وبسبب هذه التحولات، مع ما رافقها من ازدياد في توقعات المجتمع من النظام الصحي وكذلك جوانب التطور في التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، ومعظم هذه الأمور قد تمت دراستها بتمعن في النظرة المستقبلية 2050م وعمل الخطط الممنهجة للتحكم بجميع المتغيرات وبكفاءة عالية قدر الإمكان.

هل لكم أن تشيروا إلى المشروعات والخدمات التي ستضاف للمنظومة الصحية والتي ستسهم في تجويد الخدمة المقدمة الفترة القادمة؟

يعتبر توفير الخدمات الصحية وسهولة الوصول إليها من أولويات وزارة الصحة في السلطنة. وفي عامي 2015م و2016م قامت الوزارة بالانتهاء من تسعة مشروعات كبيرة لتكون رادفا للمؤسسات الصحية في مختلف ربوع السلطنة، وتمثلت في إنشاء مركز الخوير الشمالية الصحي بمحافظة مسقط، وإنشاء مستشفى مدينة الحق ومستشفى طوي اعتير ومركز هرويب الصحي بمحافظة ظفار، وإنشاء مركزين صحيين في محافظة الظاهرة وإنشاء مركز طب الأعماق ومواقف متعددة الطوابق بالمستشفى السلطاني وإنشاء مركز البشائر الصحي بمحافظة الداخلية. وتتنوع هذه المشروعات بين إنشاء مؤسسات صحية جديدة وتحديث للمؤسسات القائمة. كما يوجد 55 مشروعا تحت الإنشاء.

كما شملت النظرة المستقبلية للنظام الصحي «الصحة 2050» إنشاء مدينة طبية لتقديم الرعاية الصحية ذات المستوى الثالث، حيث من المخطط أن تستوعب المدينة الطبية التخصصات الفرعية الموجودة وإضافة تخصصات فرعية فائقة التخصص وإضافة خدمات جديدة.

وسيؤدي الانتهاء من بناء المدينة الطبية (بحلول عام 2021) إلى الاستمرار في ضمان كفاءة خدمات الرعاية الصحية ذات المستوى الثالث وإتاحتها لمعظم الناس في سلطنة عُمان، كما ستؤدي المدينة الطبية أيضا إلى تسهيل التدريب والتعليم للمهنيين في الرعاية الصحية مما يقلل من تكاليف التدريب خارج البلاد ويحقق الاكتفاء الذاتي في المستويات الرفيعة من التدريب ومن التعليم المتواصل للمهنيين في الرعاية الصحية. بالإضافة إلى أنها ستعزز أيضا من البحوث السريرية في المجالات ذات الأولوية على المستوى الوطني.

كيف تعملون على رفع مساهمة القطاع الخاص في الإنفاق على الرعاية الصحية وأهمية الشراكة والتعاون بين القطاعين العام والخاص وتفعيلهما بما يخدم مصلحة الوطن والمواطنين؟

لقد أولت الحكومة اهتماما خاصا لدور القطاع الخاص في مجال الخدمات الصحية من حيث تشجيعه على الاضطلاع بدوره في تقديم هذه الخدمات وكانت الوزارات تنطلق في ذلك من ثلاثة اعتبارات أولها أن دخول القطاع الخاص في مجال الرعاية الصحية من شأنه أن يخفف العبء المتزايد على الخدمات التي تقدمها الحكومة، وثانيها أن وجود منافس للخدمات التي تقدمها الحكومة سيوجد مناخا أفضل لجودة هذه الخدمات، وثالثها أن تولي القطاع الخاص لهذه المهمة ولو جزئيا من شأنه تنشيط الاقتصاد الوطني.

وسعيا من الحكومة إلى ترجمة هذا التوجه إلى واقع ملموس، فقد قامت بعدة خطوات مهمة في هذا الاتجاه، حيث سهلت إجراءات فتح المؤسسات الصحية الخاصة بما في ذلك منح الأراضي لإقامة المستشفيات عليها بالإضافة إلى القروض الميسرة، كما سمحت وزارة الصحة والمستشفى الجامعي للأطباء الاستشاريين والاختصاصيين العاملين بهما بالعمل في المستشفيات الخاصة خارج أوقات الدوام الرسمي وضمن حدود لا يؤثر على أدائهم لعملهم، كما قررت وزارة الصحة أن يتم إجراء كل العمليات غير الطارئة وغير المستعجلة بالنسبة للوافدين في المستشفيات الخاصة إذا وجدت الإمكانيات الفنية لديها. كما فرضت وزارة الصحة رسوما للعلاج والإقامة في مستشفياتها بالنسبة للوافدين قريبة نسبيا من التكلفة الفعلية.

ولذلك فقد وصل عدد المؤسسات الخاصة إلى (1.124) مؤسسة في نهاية عام 2016م، منها 19 مستشفى و310 عيادات تخصصية و251 عيادة أسنان و48 عيادة للطب الصيني و27 مختبرا طبيا و7 مراكز للتشخيص الطبي، أما البقية فهي عيادات عامة وقد بلغت القوى العاملة بهذه المؤسسات 11.662 من الموظفين الصحيين منهم 2.162 من الأطباء من بينهم 44% أطباء اختصاصيون و868 طبيب أسنان 1.789 من الصيادلة 3.515 من الممرضين والممرضات والبقية الأخرى تعمل في المجالات الطبية المساعدة والمجال الإداري وتمنح الوزارة تراخيص استقدام هؤلاء العاملين بعد أن يتم إجراء اختبارات تحريرية وشفوية لتتأكد من صلاحيتهم.

مدى تطور التركيبة الهيكلية للقوى العاملة في ضوء التحديات المستقبلية وضرورة مواجهتها.

لقد أولت الوزارة اهتماما بالغا بالقوى العاملة، فهي تشكل إحدى أهم الركائز للنظام الصحي، ليس فقط لأنها تستهلك حوالي 80% من النفقات الصحية، ولكن لأن جودة الرعاية الصحية تعتمد على جودة العاملين. هذا وقد شهدت سلطنة عمان تطورات ملحوظة سواء في أعداد الموارد البشرية الصحية أو في المؤشرات ذات الصلة التي رافقت التطورات التي حدثت في الخدمات الصحية. فقد تضاعف عدد الأطباء الذين يقدمون خدماتهم لكل 10 آلاف من السكان في العقدين الماضيين، فبعد أن كان يتوفر 9 أطباء لكل 10 آلاف من السكان في عام 1990 أصبح 19.6 في عام 2016م، كما تضاعف تقريبا عدد الممرضات خلال هذه الفترة، فبعد أن كان 26 ممرضة لكل 10 آلاف من السكان أصبح 44.8 في عام 2016م. وبالمثل، زاد عدد أطباء الأسنان بالنسبة للسكان بمقدار خمسة أضعاف، وكذلك بالنسبة للصيادلة بمقدار ثلاثة أضعاف خلال الفترة ذاتها. ولم تقتصر الزيادات على الأعداد الإجمالية فقط، بل تجاوزتها إلى الزيادة في نسبة الأطباء المتخصصين من 28.3٪ إلى 44.7٪ من مجموع الأطباء خلال الفترة المذكورة ذاتها وإن كان ما زالت هناك حاجة ماسة لزيادة أعداد الأطباء الاستشاريين والاختصاصيين لمواجهة التحول الوبائي للأمراض غير المعدية التي تشهدها البلاد.

خلال المراحل الأولى من تطوير النظام الصحي في السلطنة، كان على الحكومة أن تعتمد على الموارد البشرية الصحية من الوافدين للعمل في المجال الصحي. وبجانب الجهود التي بذلت لتطوير وتنمية الخدمات الصحية والموارد البشرية للصحة تم توجيه وبذل الجهود القصوى لتطوير وزيادة أعداد العاملين العُمانيين في الفئات الصحية المختلفة من أجل استدامة النظام الصحي وعدم تأثره بالمتغيرات الخارجية. وفي هذا المجال بلغت نسبة الأطباء العمانيين في وزارة الصحة 33٪ من إجمالي الأطباء عام 2016م مقارنة مع 9٪ في عام 1990م. وكذلك فقد ارتفعت مستويات التعمين في الفئات الطبية الأخرى، فبلغت 74% في أطباء الأسنان و87% في الصيادلة.

هل هناك حوافز تقدم لجذب أصحاب الخبرة والكفاءة للعمل في المؤسسات الصحية الحكومية؟

من واقع الظروف الاقتصادية الراهنة التي تشهدها السلطنة بعد تداعيات انخفاض أسعار النفط، فقد اتخذت وزارة الصحة العديد من الإجراءات الاحترازية اللازمة لترشيد وتخفيض الإنفاق بكافة بنود موازنتها التشغيلية، حالها في ذلك حال سائر الوزارات الخدمية الأخرى في الدولة، والتي من بينها تقليص البعثات الدراسية والتدريب حسب الاحتياجات العلمية واقتصار صرف البدل أو الإيفاد في مهمة رسمية ووضع الخطط والآليات المناسبة لتعمين كافة الوظائف بالوزارة وتقنين المهمات الرسمية الداخلية والخارجية وتقليل عدد الموفدين واتخاذ السبل الكفيلة لتقليلها ومراجعة عقود الخبراء والمستشارين الوافدين والاستغلال الأمثل للمنشآت الحكومية وتقييم وتحديث معايير الموارد البشرية لكل مؤسسة صحية والتخصصات المختلفة وإعادة توزيعها وشغل الوظائف الضرورية بالهياكل الجديدة ومراجعة بعض عقود الخدمات والصيانة وترشيد استخدام الأدوية والخدمات الأخرى كالأشعة والفحوصات المختبرية، وتفعيل وتطوير نظام الربط الإلكتروني بين كافة مؤسسات الوزارة لتقليل تكاليف الطباعة والأدوات القرطاسية والمكتبية، وتقليص أعداد الدورات التدريبية وحلقات العمل والندوات المتعلقة بالتعليم المستمر، وعلى الرغم من ذلك فإن الوزارة تعمل بكل طاقتها في المحافظة على تقديم الخدمات بما هو متوفر لديها.

وقد بلغ إجمالي مصروفات وزارة الصحة 792.96 مليون ريال عماني لعام 2016م منها 757.96 ريالا عمانيا مصروفات متكررة و35 مليون ريال عماني مصروفات إنمائية. هذا وقد تم تقدير إجمالي الإنفاق الصحي في السلطنة بما يقارب من 2.7% من إجمالي الناتج المحلي، وتقدر حصة الفرد من النفقات الصحية ما يقرب من 218.1 ريال عُماني.

ويتلقى النظام الصحي تمويله من الحكومة بشكل رئيسي، إذ تنفق الحكومة 81.1% من إجمالي الإنفاق الصحي، وهي من النسب المرتفعة على المستوى الدولي لتحمل الحكومات نصيبا في الإنفاق الصحي كما يقدر الإنفاق الشخصي من جيوب المستفيدين على الخدمات 11.6% من إجمالي الإنفاق الصحي مما يعكس سعي الحكومة لتوفير الرعاية الصحية وحماية المواطن من الإنفاق على الصحة. وفي الجانب الآخر فإن إنفاق حكومة سلطنة عُمان على الصحة بلغت فقط 6.2٪ من مجموع إنفاقها، وهذه النسبة هي من بين الدول الأعضاء الأقل إنفاقا على الصحة كنسبة من إجمالي الإنفاق الحكومي.

معاليكم كيف تعملون على توفير الوظائف التخصصية بالقطاع الصحي واستيعاب مخرجات المعاهد والكليات الصحية في ظل شكوى بعض الخريجين من عدم استيعابهم في المؤسسات الصحية؟

إن وزارة الصحة تضطلع بدور مهم وحيوي في نشر مظلة الخدمات الصحية على كافة محافظات السلطنة، ولا يتأتى لها ذلك إلا بتوفير الكوادر البشرية المتخصصة ومن المسؤولية الملقاة على عاتقها أيضا توفير فرص عمل لخريجي جامعة السلطان قابوس وخريجي المعاهد التعليمية التابعة لهذه الوزارة وكذلك خريجي الجامعات والكليات الأخرى من داخل السلطنة وخارجها بمختلف تخصصاتهم، وفقا للنظام الحالي المعمول به وهو تعيين كل هؤلاء الخريجين على موازنة احتياطية - الإحلال - وذلك لعدم توفر الدرجات الشاغرة، وهو النظام الذي أصبح لا يلبي حاجة الخدمات الصحية، حيث يقتضي بإنهاء خدمات الطبيب والفني غير العماني ذي الخبرة وتعيين العماني الخريج الجديد محله، وبما أن الخدمات الصحية خدمات متنامية بالتوازي مع النمو السكاني، مما يضطر الوزارة إلى الاحتفاظ بالموظف غير العماني بل واستقطاب الكثير من الخبرات العالمية للحفاظ على جودة الخدمة الصحية.

وقد أولـت وزارة الصحـة اهتماما كبيـرا بإنشاء المعاهـد التعليميـة الصحيـة في المحافظات، حيث تمكنـت هـذه المعاهـد مـن ترجمـة رؤى الوزارة فـي إمداد المؤسسات الصحيـة التابعـة لها في المحافظات - وكذلـك بعض الجهـات الحكوميـة المعنيـة بتقديـم الرعايـة الصحيـة - بأعداد من الخريجين المجيدين. فمسيرة التعليم الصحي بالوزارة واكبت مسيرة النهضة المباركة منذ بدايتها، وعلى وجه الخصوص مسيرة تنمية الموارد البشرية، وسعت بلا شك في دفع عجلة التنمية الشاملة بالبلاد، حيث مرت مسيرة التعليـم المهني الأساسي للتمريض والمهن الطبية المساعدة بمراحل تطويرية على مدى العقود الأربعة الماضية.

ومن أجل توفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة فإن ذلك يستدعى إيجاد عدد كبير من الموارد وتتمثل في المنشآت كالمستشفيات والمجمعات والمراكز الصحية والمراكز الطبية المتخصصة وما يلزمها من معدات طبية ومستلزمات وخلافه من متطلبات الخدمات الصحية المعقدة ذات التقانة العالية.

وبنظرة سريعة إلى العائد المادي جراء إيجاد فرص عمل لعدد كبير من المواطنين، كما هو عليه الحال بالوزارة، فإن هذه الأعداد تشكل جزءا كبيرا من الإنفاق المالي السنوي للوزارة وأن جميع الأموال التي تصرف لهم تعود لتطوير الاقتصاد الوطني.

ونظرًا لعدم توفر المخصصات المالية في ظل الظروف والأوضاع المالية الحالية، فإن وزارة الصحة ليس بمقدورها استيعاب جميع المخرجات لعدم توفر شواغر أو مخصصات مالية للتعيين إلا أنها أخذت خطوات أخرى لاستيعاب أغلب الخريجين من الفئات الطبية والطبية المساعدة حتى نهاية عام 2016م، وتأمل عند تحسن الظروف الاقتصادية أن يتم استيعاب جميع الخريجين.