الملف السياسي

خبير ألماني يرى أن مواجهة الإرهاب زادت صعوبة

03 يوليو 2017
03 يوليو 2017

سمير عواد -

رفض نويمان الجدل الدائر في أوروبا، وقول بعض السياسيين أنه ينبغي علينا التعود على مثل هذه الاعتداءات وقال: للأسف لا أعتقد أن الاعتداءات الأخيرة عبارة عن «موجة مؤقتة» سوف تتوقف في القريب.

أكد بيتر نويمان، الأستاذ المحاضر في «كينجز كوليدج» بمدينة لندن، والخبير الألماني في شؤون الإرهاب، أن الاعتداءات الأخيرة التي وقعت في بريطانيا، ليست عبارة عن «موجة مؤقتة» وأن مواجهة الإرهاب أصبحت أكثر صعوبة. وقال نويمان: إن تنظيم داعش يريد نقل الحرب إلى العواصم الأوروبية، وضرب الغرب حيث يوجعه على الأكثر. كما أوضح أن التنظيم يهدف إلى دق إسفين بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمعات الغربية.

وقد عادت أجواء الحذر والترقب والخوف والتوتر إلى شوارع المدن الأوروبية، بعد الاعتداءات الأخيرة في مانشستر ولندن، ويسأل الأوروبيين بعد اعتداءات وقعت سابقا في فرنسا وبلجيكا وألمانيا، متى وأين ستقع الضربة القادمة للإرهاب.

وقال نويمان: «مما لا داعي للشك، أن مواجهة الإرهاب أصبحت أكثر صعوبة، وهذا هو هدف تنظيم داعش الذي خلافا لتنظيم «القاعدة»، يركز على استراتيجية «أضرب في الداخل حيث يؤلم الأوروبيين على الأكثر»، بعدما أدرك فائدة هذا النوع من الاعتداءات في المدن الأوروبية وخاصة أماكن التجمعات لإلحاق أكبر عدد من الضحايا. وهو يريد من مؤيديه عدم الوقوع في أخطاء، مثل تشكيل الخلايا والاتصال فيما بين أفرادها، كي لا يقعوا باكرا بأيدي الشرطة، والاستعاضة عن التخطيط المركز، بطرق سهلة وبدائية والتنفيذ المباغت، فهذه الاستراتيجية الجديدة للتنظيم، لا تتيح الفرصة للشرطة للكشف باكرا عن الاعتداء ولا التعرف مسبقا عن منفذيه. وبرأيي فإن الفرصة الوحيدة لدى الشرطة هي فرض مراقبة صارمة على المشتبه بأنهم ينتمون إلى شبكة الأصوليين وخاصة المعروفين منهم لدى الشرطة.

وأكد أن الارتفاع الملحوظ في عدد المشتبه بهم، وإجراءات مكافحة الإرهاب وخاصة الاكتشاف الباكر لخطط التفجير زادت صعوبة وهو ما أوضحته الاعتداءات الأخيرة في مانشستر ولندن التي نفذها أشخاص إما ولدوا في بريطانيا أو كانوا يقيمون فيها منذ سنوات طويلة. وهذه برأي الخبير الألماني ليست مشكلة تواجه البريطانيين فقط، وإنما جميع السلطات الأمنية الأوروبية. ففي ألمانيا ارتفع عدد المشتبه بهم خلال أقل من عامين من خمسة آلاف إلى عشرة آلاف، وتخشى السلطات الأوروبية استمرار ارتفاع عددهم مع عودة المقاتلين الألمان الذين يشاركون في النزاعات المسلحة في كل من سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان. فكلما ارتفع عدد المشتبه بهم، خاصة الذين يشكلون خطرا على الأمن العام، كلما دعت الحاجة إلى زيادة عناصر الشرطة ولذلك ينبغي علينا التوقف عن التوفير في مجال الأمن. وقد أكدت الاعتداءات الأخيرة، وجود عدد كبير من الأشخاص الخطرين على الأمن العام، ولذلك ينبغي العمل في مراجعة ملفاتهم للتعرف على الأشخاص الأكثر خطورة وإذا هم على صلة مع داعش ويخططون لاعتداءات جديدة، ليتم إفشالها في وقت باكر وهو أقل ما يمكن عمله في الوقت الراهن.

ورفض نويمان الجدل الدائر في أوروبا، وقول بعض السياسيين أنه ينبغي علينا التعود على مثل هذه الاعتداءات وقال: للأسف لا أعتقد أن الاعتداءات الأخيرة عبارة عن «موجة مؤقتة» سوف تتوقف في القريب. كما من الخطأ أن نبدأ نقول في الغرب أنه يتعين علينا التعود على هذه الاعتداءات التي تستهدف النيل من مجتمعاتنا وأمننا العام وطريقة حياتنا، بل لا يجب التعود عليها أبدا. بل أعتقد أنه مهم جدا أن تسأل أجهزة الأمن في أوروبا نفسها بعد كل اعتداء، عن الأخطاء والثغرات التي أدت إلى وقوع الاعتداء، وكيف السبيل لوقاية أنفسنا بصورة أفضل. حتى دولة كبيرة مثل بريطانيا، المحصنة أمنيا بشكل جيد، مضطرة للبحث عن الأخطاء والثغرات الأمنية، ولا يجب التعود أبدا على هذه الاعتداءات لأن هذا هو هدف الإرهابيين.

وحول اعتقاده بأن يكون هدف تنظيم داعش الرئيسي هو خلق هوة واسعة بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمعات الغربية أوضح نويمان: نعم أعتقد ذلك وأضاف: أتصور أن التنظيم يسعى إلى هدفين أولا: «نقل الحرب إلى مدن أوروبا، بحيث يقول للغرب: «أنتم تحاربوننا في العراق وسوريا وها نحن نوجه لكم ضربات موجعة في عقر داركم». ثانيا: المؤكد أن التنظيم يسعى إلى تحقيق الانقسام داخل المجتمعات الأوروبية، كما شهدنا ذلك في فرنسا خلال العامين الماضيين، حيث ارتفعت شعبية اليمين المتطرف هناك بصورة كبيرة نتيجة الاعتداءات الإرهابية. فهذا يعود بالمنفعة على تنظيم داعش، لأن المسلمين في أوروبا يشعرون بالتمييز وبالعزل مما يجعل التنظيم يعتقد أنه يصبح سهلا له الحصول في أوروبا على متعاطفين ومجندين.

وانتقد نويمان تصرفات بعض القادة السياسيين مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يعلن قراراته وآراءه عبر «تويتر» أكثر من الاعتماد على المتحدث الرسمي باسمه وإدارته، حيث اختتم نويمان تصريحاته فقال: نحن نعلم من خلال مواقف تنظيم داعش ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها أو المتعاطفة معها، أن التنظيم يرحب بقرارات ترامب وتصريحاته المعادية للمسلمين والداعية إلى عزلهم. لقد كان ترامب أفضل هدية لتنظيم داعش ويُعتبر زعيما يقدم الخدمات الجمة للتنظيم. وقد كان التنظيم يتمنى فوزه لأن ترامب يجسد شخصية الرئيس الأمريكي الذي يحتاجه التنظيم لكسب المزيد من المؤيدين والمتعاطفين لتجنيدهم.