1048475
1048475
الرئيسية

العمل مع شركات ومنظمات محلية ودولية لمعالجة تلوث واستنزاف المياه الجوفية وتنميتها وتخفيف المخاطر الناجمة

02 يوليو 2017
02 يوليو 2017

السلطنة تسجل عجزا مائيا يصل لأكثر من 300 مليون متر مكعب -

جامعة السلطان قابوس تؤكد: الزراعـــة تتجـاوز 80% مـن اسـتهلاك الميـاه والتحـلية تسـد العجــز -

كتب: محمد بن حمد الصبحي -

أكد الدكتور عثمان عبدالله مدير مركز أبحاث المياه في جامعة السلطان قابوس أن أسباب تملح المياه الجوفية في المناطق الساحلية من السلطنة، الاستنزاف المبالغ للمياه، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الآبار في مزارع ساحل الباطنة، بحيث تستنزف المزارع الكثير من المياه ويكون ضخ جائر للمياه، يؤدي إلى انخفاض حاد في منسوب المياه الجوفي مما يدعو إلى التـأكد من وضع هذه الآبار وقانونيتها.

وقال: «إن الضخ المبالغ للمياه يفوق معدلات التغذية الجوفية الطبيعية، وبالتالي يحدث انخفاض دائم في مستوى المياه في المنطقة، مما يشجع مياه البحر على الدخول والاختلاط بالمياه العذبة، وهذا يؤدي إلى ارتفاع وزيادة الأملاح في المياه العذبة».

وأضاف: إن الآبار التي تحفر على أعماق مختلفة، ويكون عمق البئر أكبر يظهر التملح بصورة أكبر لأن المياه المالحة لديها كثافة أعلى من المياه العذبة، وبالتالي تطفو المياه العذبة على المياه المالحة، وبالتالي إذا تم استنزاف المياه العذبة التي تطفو على المياه المالحة ترتفع المياه المالحة في البئر وبالتالي يؤدي إلى تملح المياه في البئر، وتلاحظ مثل هذه الحالات كثيرا في ساحل الباطنة.

وأوضح أن أسباب التملح في المناطق الداخلية البعيدة عن الساحل هو ذوبان المعادن في المياه الجوفية ومثال على ذلك مناطق الغابة وأم السميم وقرن العلم التي تحتوي على صخور ملحية ومعادن تتميز بسرعة الذوبان في الماء، وذوبان هذه الصخور في المياه الجوفية يؤدي إلى ارتفاع نسبة الأملاح في المياه وبالتالي تملح المياه.

وأكد أن أهم مشكلة تواجه القطاع المائي في السلطنة هي العجز في الميزان المائي، حيث إن الحاجة السنوية للمياه أعلى من المياه المتوفرة، وتقدر وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه أن عجز المياه السنوي في السلطنة وصل في آخر إحصائيات صادرة عن الوزارة بحوالي أكثر من 300 مليون متر مكعب في السنة، والذي سببه الرئيسي في ذلك أن عُمان بلد تشح فيها الأمطار وتزداد فيها نسب التبخر.

العجز المائي

وأوضح أن الزراعة تستهلك أكثر من 80% من المياه، وتحاول السلطنة أن تسد حاجتها من العجز المائي من خلال الاتجاه إلى تحلية مياه البحر، الذي يعد مصدرا أساسيا لمياه الشرب، ولكن التحلية تحتاج إلى طاقة عالية الأمر الذي يعني كلفة عالية، وتقسم المياه في السلطنة إلى نوعين تقليدية وتتمثل في المياه الجوفية ومياه الأفلاج وغير تقليدية وتتمثل في مياه التحلية ومياه الصرف الصحي المعالجة، حيث إن الكلفة المالية للمياه غير التقليدية عالية جدا، وهناك أبحاث تعمل لتقليل تكلفة هذه المياه من حيث الإنتاج وإيصالها للمستهلك، ويمثل شح ونضوب المياه الجوفية أكبر تحدٍ لها نتيجة انخفاض التغذية الجوفية مقارنة بازدياد التبخر.

وأضاف: يصاحب إنتاج النفط إنتاج كمية كبيرة من المياه التي تتميز بأنها عالية الملوحة وتحتوي على مواد هيدروكربونية، وبعض العناصر الثقيلة غير المرغوب فيها في المياه، حيث إن التخلص الآمن من هذه المياه يشكل عائقا بيئيا كبيرا، كما أن تكلفة التخلص منها كبيرة جدا، ويمكن استخدام المياه المصاحبة للنفط بعد معالجتها من أشكال التلوث العضوي وتلوث غير العضوي الموجود في هذه المياه والذي يمثل موضوعا مثيرا للبحث العلمي.

وأضاف: «بالنسبة للمناطق الداخلية والمناطق التي يوجد بها صخور الأفيوليت تعاني من ارتفاع قلوية المياه مما يؤدي إلى ازدياد ترسب الكربونات من المياه الذي يؤدي إلى تلف الكثير من المواد التي تمر فيها المياه مثل أنابيب المياه، وسخانات المياه في المنازل، ومن المشاكل التي تثير اهتمام الباحثين في المركز وتستحق الاهتمام والدراسة في الوقت الحالي التغير المناخي وأثره على مصادر المياه في السلطنة».

مركز أبحاث المياه

وقال: «تم إنشاء مركز أبحاث المياه في جامعة السلطان قابوس في عام 2002 نسبة لأهمية المياه كموضوع استراتيجي يجذب اهتمام الباحثين ويعتبر ركنا أساسيا لعمليات التطور والنمو. تم إنشاء المركز للقيام بإجراء بحوث علمية تعنى بحل مشاكل المياه ولتنسيق وتنظيم العمل البحثي داخل الجامعة ومد جذور التعاون العلمي مع جهات أخرى من خارج الجامعة، وكذلك مع جهات دولية وإقليمية لحل المشاكل التي تعاني منها المياه، والقيام بأبحاث تطبيقية للمساهمة في علاج مشاكل المياه، ويركز المركز على العديد من الموضوعات البحثية في المجالات المائية، حيث يوجد في المركز فريق علمي متخصص في بحوث المياه، مثل بحوث التحلية والمياه الجوفية، والمياه السطحية، ومعالجة مياه الصرف الصحي واستخداماتها، واستخدامات مياه الري، واقتصاديات المياه ودورها في البناء المجتمعي، والبيئة والهيدرولوجيا، وينظر المركز حاليا في المسائل المتعلقة بتغيرات المناخ وآثارها على مصادر المياه في السلطنة».

وأضاف: «إن المركز يسعى للتنسيق وتنظيم الأبحاث في مجال المياه في داخل الجامعة وخارجها وفي العالم، كما يعمل المركز مع الكليات المختلفة داخل الجامعة ومع الوزارات والجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بشؤون المياه في السلطنة.

وبالنسبة للبحوث، يحاول المركز إيجاد تمويل خارجي وداخلي للمشروعات البحثية ذات الأهمية العالية، وفي هذا الإطار استطاع المركز الحصول على التمويل السامي لحضرة صاحب الجلالة، وتمويل من مجلس البحث العلمي وأيضا تمويل من وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه وأيضا دعم من USAID لأربعة مشروعات من خلال شبكة مراكز بحوث المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهذه المشروعات تم استخدامها في بحوث مختلفة منها معالجة مياه الصرف الصحي واستخداماتها لتغذية بعض المكامن الجوفية لاستثمارها في الزراعة واستخدام تقنيات الري الحديثة لمعالجة مشاكل المياه، وتقدير التغذية الجوفية للمياه الجوفية وحسابها في مناطق شمال عمان.

تمكن الباحثون العاملون مع المركز من نشر العديد من الأبحاث العلمية المحكمة في مجلات علمية كبيرة كما تم إصدار كتاب بعنوان «مصادر المياه في المناطق الجافة: الطريق إلى الأمام Water Resources in Arid Areas: The Way Forward»، كمجهود متكامل لنتائج المؤتمر العالمي الذي تم عقده في مارس ٢٠١٦ والذي نظمه وأقامه مركز أبحاث المياه بعنوان «مصادر المياه في المناطق الجافة: الطريق إلى الأمام». وشارك فيه العديد من الباحثين والخبراء في مجالات المياه المختلفة ومن العديد من مناطق العالم.

ويعكف المركز بالتعاون مع وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه على دراسة أسباب ارتفاع مناسيب المياه الجوفية في بعض مناطق محافظة مسقط مثل الأنصب والعامرات حيث لوحظ ارتفاع لمناسيب المياه الجوفية مما يشكل خطرا على صحة البيئة، ويشكل أيضا تحديات لإنشاء وبناء بعض المساكن والمباني الكبرى، والذي سيشكل كلفة إضافية حيث نسعى لمعرفة مصادر هذه المياه لاقتراح وإيجاد بعض الحلول لمعالجة هذه الظاهرة.

ويحتفل المركز سنويا باليوم العالمي للمياه في 22 مارس حيث تتم دعوة الناشطين في مجال أبحاث المياه وعلومه وتقنياته من السلطنة والخليج والعالم، وتتم مناقشة أحدث البحوث والنتائج التي وصل إليها الباحثون في مجالات مثل ندرة المياه والصرف الصحي، واستخدامات المياه في الزراعة، حيث يكون لكل عام موضوع محدد تتم مناقشته واستعراض آخر ما توصل إليه البحث العلمي، وتكون هناك أنشطة طلابية لرفع الوعي في المجتمع والتعريف بأهمية المياه، حيث تكون هناك مجموعة من الأنشطة في عدد من المناطق في السلطنة، ويقوم المركز جزئيا بتدريب كوادر عمانية ورفع المستوى العلمي والتقني من حيث العمل الميداني أو حلقات العمل التي يقوم بها المركز ويقوم الباحثون في المركز بنشر العديد من الدراسات المحكمة في الدوريات العلمية.

تقنية النانو

ويتبع للمركز كرسي تقنية النانو في مجال تحلية المياه الممول من مجلس البحث العلمي، ويعمل حاليا ليكون مركزا بحثيا خاصا باستخدام تقنية النانو في مجالات متعددة، حيث انطلق الكرسي من مركز أبحاث المياه وكان له دور كبير في هذا المجال نسبة لأهمية مجال التحلية في السلطنة.

وأضاف الدكتور عثمان: إنه بالنسبة لاستراتيجية المياه في السلطنة فإنها تعمل على توفير مياه الشرب من خلال الاعتماد على مياه التحلية بحيث تظل المياه الجوفية والأفلاج مخزونا استراتيجيا يمكن الاعتماد عليه في حالات الندرة وحالات الطوارئ ويترك أيضا للأجيال المستقبلية وتقوم السلطنة بدعم وتشجيع التقنيات الحديثة في مجال الري، التي تؤدي إلى خفض الاستهلاك المائي، كما أن القوانين والتشريعات المائية الموجودة في السلطنة تحد من استنزاف المياه وتمنع التغول على مصادر المياه.

كما أن من مميزات المياه التقليدية المتمثلة في المياه الجوفية والأفلاج في السلطنة، حيث تعتبر الأفلاج إرثا حضاريا كبيرا جدا، والذي يمتلك قيمة حضارية عالية، ويمثل ركيزة للمجتمع بالذات المجتمعات غير الحضرية في السلطنة، بالنسبة للمياه الجوفية حيث تتوفر العديد من الآبار في السلطنة والتي تستخرج المياه من عدة خزانات جوفية تختلف خصائصها الكيميائية والفيزيائية، وبالتالي المكونات المائية لهذه الخزانات الجوفية تختلف باختلاف المكونات الجيولوجية لهذه الخزانات، وبعضها يحتوي على نسبة ملوحة عالية ومعظمه يمتاز بجودة عالية، كما أن الأمطار تهطل بشكل أكبر في جبال الحجر الشرق والغربي اللذين يمثلان خط تقسيم المياه في السلطنة، وتعتبر الجبال مصدرا أساسيا لتغذية المياه الجوفية، التي تتغذى عن طريق الأودية التي تسير بعد هطول الأمطار وتنحدر لتبلغ السهول وتتم تغذية المياه الجوفية.

المكونات الجيولوجية

كما أن من أهم المكونات الجيولوجية التي تكون مصدرا جيدا للمياه هي رسوبيات الأودية في سهول الباطنة والمناطق الداخلية والصخور الكربونية التي تشكل مخزونا جيدا للمياه معظمها موجود في ظفار وحوض المسرات، أما حوض رمال الشرقية فهو يخزن كميات جيدة من المياه في الرسوبيات الرملية الصحراوية، وكذلك الصخور الكربونية الموجودة في صخور قريات التي تعد مصدرًا لتدفق المياه عبر العيون والأودية، ويشكل سد وادي ضيقة مثالا جيدًا للاستفادة من تدفق العيون عبر هذه الصخور الكربونية.

يذكر أن مركز أبحاث المياه الذي يعنى بالجوانب البحثية للتحديات المتصلة بالمياه، يقوم بمهام التنسيق بين الدراسات النظرية والتطبيقية، وجمع وأرشفة البيانات المتعلقة بتقانات المياه التقليدية والمبتكرة والخبرات وبناء الشبكات والتدريب وتنمية الكفاءات، وتقديم الخدمات الاستشارية. وترتبط كل هذه الجوانب في الغالب بالظروف المحيطة بالمناطق الجافة وشبه الجافة التي تصعب فيها إدارة موارد المياه وتعد عملية شاقة.

وأنشأت جامعة السلطان قابوس هذا المركز الذي يركز على المجالات الرئيسية التالية المياه الجوفية، وتحلية المياه، والمياه السطحية، والجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمياه في المناطق الجافة، وإدارة المياه لأغراض الزراعة، ودراسات البيئة والمياه.

ويعمل المركز على نحو وثيق مع العديد من الشركات والمنظمات المحلية والدولية ومع الكليات والمراكز البحثية داخل جامعة السلطان قابوس في سبيل معالجة المسائل المتعلقة بتنمية المياه الجوفية واستنزافها وتلوثها وتخفيف المخاطر الناجمة عن الفيضانات، وتوفير المياه للزراعة والصناعة والبلديات وترشيد الري وإنتاج المحاصيل، والكائنات الحية المستدامة بالمياه وغيرها من المسائل.

ويتضمـــــن المركـــز كرسي تحلية المياه والتقانة الدقيقة أو تقانة النانو الذي يضطلع بمهام التنسيق وتقديم مشروعات أطروحات وتوفير الدعم المالي للطلاب المنخرطين في برامج الدكتوراه والماجستير في التخصصات المختلفة.