كلمة عمان

السـلطـنـة وحـوكـمـة المـوارد

01 يوليو 2017
01 يوليو 2017

لا شك أن حصول السلطنة على المركز الثاني عربياً في مؤشر حوكمة الموارد في العالم لعام 2017 يمثل إضافة مهمة على صعيد المؤشرات، التي تشجع على تحفيز صورة السلطنة كبيئة للاستثمارات، وغيرها من النقاط الإيجابية التي تعزز من موقعها بين الدول، في إطار السعي نحو مزيد من التقدم العصري.

وتعني حوكمة الموارد قدرة على التحكم فيها وتكييفها بشكل علمي وسليم، بحيث تتحقق أعلى استفادة ممكنة، وبحيث لا تستنفد على المدى القريب، وفي الوقت نفسه يكون هناك رصيد مستمر منها للأجيال المقبلة.

والمؤشر المذكور، له دلالته، خاصة أنه يصدر من معهد حوكمة الموارد الطبيعية في نيويورك، وهي جهة اعتبارية لها نظرتها الاستشرافية والدقيقة في هذا المجال المستقبلي والاستراتيجي.

وتستند العديد من الشركات والمؤسسات العالمية، وأيضا الدول إلى مثل هذه المؤشرات، في قراءة الأوضاع الاقتصادية وأساليب الإنتاج والإدارة وغيرها من سبل تشكيل صورة ذهنية عن الدول الأخرى، بحيث يساهم ذلك في بناء قاعدة معلوماتية وتصورات عن أي خطوات معينة يمكن أن يفكر فيها أي طرف بخصوص العلاقات الاقتصادية والاستثمارات وغيرها من سبل التعاون الحديث.

ومفهوم الحوكمة بشكل عام صار اليوم له تطبيقاته المختلفة على كافة أنماط الحياة، فهناك على سبيل المثال حوكمة الموارد البشرية، التي تعنى بالتأكد من أخلاقيات العمل والكفاءات المطلوبة وغيرها من سبل الالتزام السلوكي للأداء الناجح.

وعلى المنوال نفسه تقوم حوكمة الموارد في التوظيف الأحسن والإدارة الرشيدة والعادلة، التي تنظر إلى الواقع والراهن بمثلما تفكر في المستقبل، وتعمل على صرف أقل المال لأجل تحصيل النتائج الأعلى والمردود الأكبر من المورد المعين.

ولابد أن حصول السلطنة على هذه المكانة أو دخولها هذه الصورة الحديثة، جاء نتاج ثمرة من الجهود والعمل المستمر على مدى عقود من التنمية المستدامة، خاصة أن الأسلوب العُماني في التنمية كان له أهداف استراتيجية واضحة وسبل محددة لإدارة الموارد المتنوعة البشرية منها والطبيعية، وكان ثمة تصور واضح لكل خط من خطوط الإنتاج والقطاعات المتنوعة في الدولة منذ بواكير الدولة الحديثة.

إن موضوع حوكمة الموارد يعتبر في عالم اليوم من التحديات العالمية، التي تشغل بال صناع القرار، إذ يرتبط المفهوم كذلك بصيانة كوكب الأرض والحفاظ على موارده بالاستغلال الأمثل وتحقيق ما يعرف بالاستدامة البيئية، وفي الوقت نفسه صناعة العدالة الاجتماعية من خلال هذه الموارد كسبل للعيش ونهضة الشعوب.

وقد بدأت بعض البلدان في العقود الأخيرة الاهتمام بمثل هذه المفاهيم التي لم تكن جلية في الماضي، وهذا يعني أن السلطنة استطاعت فعلياً أن تدخل نادي الدول التي تتمتع بتجربة جيدة في هذا الإطار، وهذا رصيد مستقبلي مهم، نأمل أن يتم تعزيزه ليشكل خبرات للأجيال القادمة، يساعد في بناء التصورات الأفضل للتقدم المنشود.

كما يجب الإشارة إلى أن حوكمة الموارد، تدخل في معان أخرى عميقة مثل الشفافية وضبط أخلاقيات العمل وبيئة الإنتاج، والنهضة المتكافئة في الفرص وتغطية المتطلبات المختلفة للدولة من خلال أداء متسامح مع البيئة ومع فرص المستقبل.

وإذا كان المؤشر قد اهتم بقطاع النفط والغاز بشكل عام، باعتباره أكبر قطاعات الإنتاج والموارد في السلطنة، إلا أن دلالة التصور تنفتح إلى أبعد من ذلك لتشمل الصورة العامة لإدارة الموارد في البلاد من التعدين والصناعات الأخرى.