صحافة

الحياة الجديدة: الصوت الفلسطيني في هرتسليا

30 يونيو 2017
30 يونيو 2017

في زاوية مقالات وآراء كتب عمر حلمي الغول، مقالاً بعنوان: نبض الحياة - الصوت الفلسطيني في هرتسليا، جاء فيه:

تعمل دولة إسرائيل على عقد مؤتمرات دورية في الداخل والخارج بالتعاون مع مؤسسات دولية لاستقراء واستشراف المستقبل، من بينها مؤتمر هرتسليا، الذي يحتل مكانة مميزة في الأجندة الإسرائيلية، وكان في البداية يقتصر على النخب الفكرية والسياسية الإسرائيلية الصهيونية، غير أنه في السنوات الأخيرة فتح الباب أمام نخب أممية وعربية وفلسطينية بهدف الوقوف على رؤاها وقراءاتها للواقع المتشابك وخاصة في مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، للاستفادة منها في رسم السياسات الاستراتيجية، وكمدخل لتوسيع دائرة التطبيع مع الجانبين العربي والفلسطيني الرسمي، وتعويم الوجود الإسرائيلي في المشهد العربي العام، ورغم أن مؤتمر هرتسليا تراجعت مكانته بالمعنى النسبي نتيجة تسييد الخطاب الإسرائيلي الشعبوي مع صعود اليمين المتطرف، وفي ظل الائتلاف اليميني الحاكم، إلا أنه ما زال المنبر الأكثر أهمية منذ مؤتمره الأول قبل 15 عاما، ومع الإدراك المسبق من قبل القيادة الفلسطينية للأبعاد والأهداف الإسرائيلية، غير أنها تنطلق في مشاركاتها من خلفية مختلفة تماما، ومتناقضة مع رؤية القوى القائمة عليه، حيث تستهدف إسماع الصوت الفلسطيني دون مواربة أو ممالأة عبر التأكيد على الثوابت الفلسطينية، ومحددات السلام الممكن والقابل للحياة، وهو ما تم خلال الأعوام الماضية وحتى آخر مشاركة هذا العام بمساهمة الدكتور نبيل شعث، مستشار الرئيس للشؤون الدولية، مع ذلك المشاركة الفلسطينية في المؤتمر تجد تحفظاً واعتراضا من قبل بعض القوى السياسية ونخب مختلفة في الشارع الفلسطيني، لأنها تفترض أن المشاركة لا تخدم الموقف السياسي، وتقدم خدمة «مجانية» للجانب الإسرائيلي، اعتقادا منها جميعا (الرافضة للمشاركة) ان إسرائيل تستغل المشاركة الفلسطينية لحساباتها الاستعمارية،لا سيما أنها الطرف الأقوى، ليس لأنها تحتل الأرض الفلسطينية، ولا لكونها تواصل الاستيطان الاستعماري صباح مساء، إنما لما تملكه من آلة إعلامية ضخمة، تستطيع تجيير المساهمة الفلسطينية لصالحها، وأيضا لاستخدامها المشاركة الفلسطينية كبوابة للتطبيع مع الأشقاء العرب، ومن موقع الاحترام لأصحاب وجهة النظر المذكورة آنفا، فإن المرء يطرح على الجميع عددا من الأسئلة للحوار وإغناء النقاش حول الموضوع المثار، ومنها: هل الغياب الفلسطيني عن المؤتمر سيوقف المشاركات العربية في ظل التحولات الدراماتيكية في الأوساط العربية، وعمليات التطبيع الجارية على قدم وساق بين الأشقاء وإسرائيل؟ وما الذي يضير القيادة الفلسطينية في إسماع صوتها بثوابتها الوطنية للشارع الإسرائيلي والنخب المشاركة، وهي من مختلف المشارب والاتجاهات السياسية، التي لا تسمع سوى صوت التحريض ورفض السلام أو الطروحات المشوهة له من قبل القيادات اليمينية المتطرفة؟ وهل القيادة الإسرائيلية مرتاحة للمشاركة الفلسطينية فعلا أم لا؟ هل هي معنية بسماع الصوت، الذي يؤكد بشكل مستمر عدم وجود شريك إسرائيلي لبناء صرح السلام؟ وألا يوجد في الشارع الإسرائيلي نخب وقوى سياسية واجتماعية وثقافية ترفض خيار قيادة نتانياهو وزمرته الحاكمة، التي لا هم لها سوى اختطاف المنطقة برمتها إلى دوامة الحروب والعنف والإرهاب؟ وفي ظل اتفاقات أوسلو، بغض النظر عن بقائها أو موتها، وفي ظل تمسك القيادة بخيار السلام القائم على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194، هل هناك ما يحول دون المساهمة الفلسطينية، ورفع الصوت الفلسطيني وسط النخب الإسرائيلية الحاكمة وغيرها؟ وما هي إمكانية آلة الإعلام الإسرائيلية ومن يدور في فلكها على تشويه الخطاب الفلسطيني أو التغيير في نمطية ومحددات الخطاب الإسرائيلي؟ ألا يقدم قادة اليمين المتطرف كل يوم سلاحا جديدا للقيادة الفلسطينية ومؤسساتها الإعلامية لتعرية أهدافها وغاياتها الاستعمارية؟ وبالتالي من هو الطرف الأقدر على الاستفادة من المنابر الإعلامية؟ وهل أزفت الساعة لإدارة الظهر لخيار السلام مع القيادة الإسرائيلية أم ما زال هناك متسع من الوقت لتأكيد الحرص الفلسطيني على الحضور القوي والفاعل داخل المجتمع الإسرائيلي ونخبة السياسية والإعلامية والثقافية والاقتصادية؟ وإذا لم تفعل وتحرث القيادة الفلسطيني داخل المجتمع الإسرائيلي والدولي، أين يمكنها فعل ذلك في الساحة الفلسطينية والعربية المقتنعة حتى النخاع بعدالة القضية والأهداف الوطنية؟ ولماذا لا نوسع الأفق ونقرأ الواقع بطريقة مختلفة بحسابات الربح والخسارة الوطنية؟ وهل تنازلت القيادة عن ثابت من ثوابتها الوطنية عبر مساهماتها المختلفة؟ وهل استخدام مفاهيم التخوين للمشاركين يصب في المصلحة الفلسطينية من قريب أو بعيد؟ وهل المساهمة الفلسطينية شبيهة بالمشاركات العربية الرسمية وغير الرسمية، أم هناك تباين كبير بين الجانبين؟ ألم تطالب القيادة الفلسطينية عبر منابرها المختلفة بأن يكف العرب عن الركض في متاهة التطبيع المجاني مع حكومة إسرائيل؟ وهل المشاركة الفلسطينية تعني التطبيع، أم تمثل فضح وتعرية السياسات الإسرائيلية ومن على المنبر الإسرائيلي الأهم؟ وما هي معايير التطبيع؟ هل الدفاع عن الرؤية الوطنية، وفضح الرؤية الإسرائيلية، وإماطة اللثام كل يوم عن وجهها الاستعماري القبيح يندرج في نطاق التطبيع؟ وأليس الاحتلال الإسرائيلي جاثما فوق رؤوس الشعب وقيادته على مدار الخمسين عاما الماضية؟ ما الذي يضير الضحية من المرافعة عن حقها في الحياة أمام أحد أهم المنابر الإسرائيلية لمحاكمته وإشهار جرائمه على الملأ أمام الإسرائيليين والعالم على حد سواء؟ ومن المستفيد من المشاركة على المستوى الإقليمي والدولي الفلسطينيون أم الإسرائيليون؟ أسئلة كثيرة يمكن طرحها في هذا المقام، ولكن لنفكر بشكل موضوعي وجيد فيما يخدم المصالح الوطنية بعيدا عن القراءات المبتسرة والقاصرة لبلوغ الأهداف الوطنية، لنحمي وحدة شعبنا ومصالحه الوطنية العليا..