دراسة تاريخية فنية .. تبحث المخطوط المصوّر كتاب «المنمنمات الإسلامية» .. لماريا فونتانا «1»

عرض - عبدالرحمن المسكري -

«يتوارى خلف المنمنمات الإسلامية مفهوم عميق» هكذا تقدم الأستاذة الإيطالية بجامعة روما، والمتخصصة في الفنون الإسلامية دراستها الموسومة بـ «المنمنمات الإسلامية» التي نُشرت مترجمة في طبعتها الأولى عام 2015، عن دار التنوير للطباعة والنشر، ضمن سلسلة الدراسات الفكرية التي تصدر عن جامعة الكوفة، وبترجمة الأستاذ التونسي عز الدين عناية.

وهي بتلك المقدمة؛ لا تشير إلى الظروف التاريخية التي صاحبت نشأة فن المنمنمات وتطوره في البلاد الإسلامية وحسب، بل - بجانب ذلك - إلى ما تثيره من أسئلة تتصل بعلاقة التصاوير والرسومات بالنصوص المكتوبة من ناحية، وبالفضاءات الثقافية التي أنجزت فيها تلك الأعمال، أي الحواضر الإسلامية في مختلف العصور.

فالمنمنمات - كما تقول- ليست رسوما تتجاوز متن الكتاب المصوّر؛ بل تعمل على إعادة عرض مضمون النص بشكل مرئي من خلال وظيفتي رسم النص وتأويله، غير أنها بذلك تقيّد القارئ وتحد من قدراته التأويلية؛ فتسير به نحو مسار محدد من القراءة والتأويل. وتقدم تبعا لذلك تعريفا موجزا للمنمنمات فتقول: هو «فن توشيح النصوص بواسطة التصاوير، وهي بالإضافة إلى ذلك جزء من النص ذاته» ص7.

ومع أن المؤلفة تزعم أنها تقدم دراسة في المنمنمات الإسلامية متجردة من الأحكام السابقة التي ترشح بالمركزية الأوروبية، إلا أنها لم تشر إلى منهج محدد اتبعته في الدراسة، مع أنها تقول إن دراسة المنمنمات تتم عبر منهجين، الأول وهو أن يجري تحليل مقارن بين المتن والتصاوير، والمنهج الآخر يسير على خطى الدراسات الأسلوبية القديمة، وذلك باعتماد بعض الأمثلة السابقة وبعض الفضاءات المنتجة والمؤكدة، حيث تطبق معايير المشابهة، تبعا للتحليل الشكلي للرسم في حدّ ذاته، غير أن هذا المنهج يراعى فحسب في حال ورود المنمنمة منتزعة من النص الذي توشّيه، حينها تشكل بذلك ورقة مستقلة على حدة.

متتبعةً للظروف التاريخية التي صاحبت نشأة فن المنمنمات والتصاوير بوصفها تعبيرًا من تعبيرات الحضارة الإسلامية؛ بحثت ماريا فونتانا مسألة تحريم التصوير في المدونة الفقهية، وأثرها في حركة تطور الفن الإسلامي، فتقول : «تعدّ أجواء معاداة التصوير التي تسببت في عرقلة حركة تطور الفن الإسلامي مسألة في منتهى الخطورة، لا تزال إلى اليوم مثار جدل بين الدارسين»، فالمنمنمات بوصفها أحد تعبيرات التصوير الفني - بحسب فونتانا - كانت في غياب شبه تام في عالم الإسلام للفنون التي لاقت حفاوة كبيرة في الغرب، على غرار النحت والرسم، التي اصطدمت أو على الأقل تأثرت إلى حدّ ما بشكل من أشكال المنع.