أفكار وآراء

وسطاء أسواق المال وحساب المستثمر

28 يونيو 2017
28 يونيو 2017

د. عبدالقادر ورسمه غالب -

Email: [email protected] -

المعاملات من بيع وشراء، في أسواق المال، تتم عبر الوسطاء المرخص لهم بممارسة نشاط الوساطة في سوق المال المعني. والبيع والشراء يتم عبر الوسطاء، في الأساس، لحماية المستثمرين اللذين تنصب التشريعات الخاصة والممارسات في أسواق المال لحمايتهم باعتبارهم زاد السوق والشعلة المحركة لكل النشاطات الدائرة فيه، وإذا انطفأت هذه الشعلة أظلمت الأسواق وتوقفت أعمالها.

ومن هنا، تأتي أهمية العلاقة الخاصة بين الوسيط والمستثمر والدور الهام الذي يقوم به الوسيط من بداية العلاقة حتي نهاية العملية وقفل الأوراق والدفاتر. ومع تطور الأعمال اليومية في أسواق المال وتشعبها وخصوصيتها، ظهرت الحاجة لتقنين مسار العلاقة بين الأطراف خاصة الوسيط والمستثمر وعدم تركها فقط للعلاقة التعاقدية التي تتم في ما بينهما منذ الوهلة الأولى. ويوميا، للأهمية، تتطور التشريعات في هذا الخصوص.

إن العلاقة بين الوسيط والمستثمر أو المستثمر والوسيط تغطي عدة مجالات هامة، من الصعوبة تناولها جميعها في هذه العجالة. ولذا، سنتطرق فقط لموضوع الحسابات الخاصة بالمستثمرين لدي الوسيط. ونأمل أن نجد الفرصة لتناول الأمور الأخرى في القريب.

وفي هذا الخصوص، هناك حسابات «حساب» الوسيط المصرفية المفتوحة لدى البنوك باسم الوسيط. وهي الحسابات المخصصة لإيرادات الوسيط ورأسماله وأرباحه الناتجة عن ممارسة أعمال الوساطة أو السحب منها عند الضرورة. وهناك، حسابات «حساب» المستثمرين وهي الحسابات المفتوحة لدى البنوك باسم الوسيط ولكنها مخصصة لإيداع أمـوال الزبائن من المستثمرين وذلك كأمانة «حساب أمانة عهدة» لاستخدامها في عمليات تداول الأوراق المالية لصالحهم وبتفويـض منهـم للوسيط حتي يتمكن من القيام بواجباته في الوقت والزمن المحدد تماما، وإلا ضاعت الفرصة السانحة.

وبما أن أموال وحسابات المستثمر في يد و(عهدة) الوسيط، فهناك التزامات قانونية يجب أن يلتزم بها الوسيط، وهي تتمثل في قيام الوسيط بالفصل بين حساباته وحسابات زبائنه المستثمرين. ويجب أن يتم الفصل وفق كيفية معينة ومعلومة. وعلي الوسيط فتـح حسـاب /‏‏ حسـابات مصرفية باسمه لإيداع أموال زبائنه المستثمرين «كأمانة وعهدة» بغرض استخدامها في تنفيذ عمليات التداول الخاصة بهم. وعلى الوسيط عند فتح الحساب إضافة بند خاص ينص صراحة على تخصيص هذه الحسابات لأموال الزبائن المستثمرين فقط.

وعند فتح الحساب، تتم الإشارة أيضا، إلى استخدامها فقط عند قيام المستثمر بإيداع المبالغ اللازمة لتمويل عمليات شراء الأوراق المالية، وعند قيام الوسيط بإيـداع المبالغ المقدمة من المستثمر أو وكلائه لتمويل عمليات شـراء الأوراق المالية، وعند خصم المبالغ المستحقة على المستثمر نتيجة تنفيذ أوامر الشراء الخاصة به. وكذلك عند إيداع أو تحويل أو صرف المبالغ المستحقة للمستثمر الناتجة عن تنفيـذ أوامر بيع الأوراق المالية الصادرة عنه بعد انتهاء إجراءات التسوية المالية لدى المقاصة، وعند خصم وتحويل قيمة العمولات المستحقة للوسيط والناتجة عن قيامه بتنفيذ عمليات التداول لصالح المستثمر. وعند رد الأموال الخاصة بالمستثمرين من زبائن الوسيط عند الطلب.

ولوضع الأمور في نصابها الصحيح، هناك عدة محظورات ينص عليها القانون ويجب علي الوسيط التقيد بها في جميع الأحوال، ومنها، يحظر على الوسيط التصرف بالأموال المودعة في حسابات المستثمرين إلا وفق اتفاقية فتح الحساب. ويحظر الحصول على أية فوائد على الأموال المودعة في حسابات المستثمر. ويحظر الاحتفاظ بالأموال المودعة في حسابات المستثمر على شكل ودائع ثابتة أو الحصول على أية تسهيلات ائتمانية أو قروض مصرفية بضمان الأموال المودعة في هذه الحسابات. وأيضا، يحظر عليه الرهن أو الحجز أو التصفية أو الإفلاس أو أية إجراءات أخري قد بخضع لها الوسيط بسبب التزاماته الخاصة.

وعلي الوسيط الالتزام بالفصل بين حساباته وحسابات المستثمر عند إظهار أرصدة البنوك في البيانات المالية الخاصة به. كما يلتزم بتزويد الجهات الرقابية بالبيانات الخاصة بكافة الحسابات التي تم فتحها وبأية تغيرات تطرأ على تلك البيانات، مع ذكر الأشخاص المخولين من قبل الوسيط بفتح وإغلاق الحسابات المصرفية الخاصة به وبالمستثمرين وحدود الصلاحيات الممنوحة لهم بشأن هذه الحسابات. ويلتزم الوسيط باحتساب قيمة العمولات الناتجة عن التداول في الأسواق بصفة دورية وتحويلها إلى الحسابات الخاصة به لدى المصارف، وعدم إجراء أية تحويلات من حسابات المستثمر إلى حساباته إلا في حدود العمولات الناتجة عن التداول، أو قيمة صفقات الأوراق المالية التي تتم لصالح المستثمر وبتفويض منه. وبصفة يومية، يلتزم الوسيط بإجراء مراجعة في نهاية كل يوم عمل لحسابات المستثمر لاحتساب أرصدتهم. كما يلتزم، وبصورة دورية، بمطابقة إجمالي أرصدة المستثمر الدائنة مع إجمالي أرصدة الحسابات الخاصة بأموال المستثمرين وموافاة الجهات الرقابية بتقرير شهري يوضح ما تم.

ذكرنا أهم الملامح التي تحكم العلاقة والواجبات والالتزامات الخاصة بشؤون الحسابات بين الوسيط والمستثمر وهي متجددة بصفة يومية. ونظرا لأهمية هذه العلاقة وحساسيتها، فإن أسواق المال والهيئات الرقابية تحرص علي استمرار العمل فيها وفق الممارسات المهنية السليمة وبما يتماشى مع الأحكام والضوابط المنظمة. وعبر هذه الضوابط والممارسات يتطور العمل المؤسسي في هذا النشاط الهام ويتم تقديم كل الضمانات والحماية التامة للمستثمرين في أسواق المال، وهم كثر وتنتظرهم أسواق المال يوميا في لهفة ويأتون وهم في اطمئنان وراحة بال .