-------3-
-------3-
عمان اليوم

الطلبة العمانيون بالخارج يحيون شعائر العيد.. مفتقدين عبق الأرض والتراث

25 يونيو 2017
25 يونيو 2017

بعيدا عن أحضان السلطنة في الأيام المباركة -

إعداد – عامر بن عبدالله الانصاري -

أجواء أيام العيد استثنائية تمتزج فيها بركة اليوم والشعائر الإسلامية المتمثلة بصلاة العيد والتكبيرات وتجمعات الأهل والأصحاب والزيارات المتبادلة، إضافة إلى طابع خاص وعادات مختلفة تتميز فيها دول عن أخرى، بل وحتى في البلد الواحد تختلف من منطقة إلى أخرى، إلا أن الأجواء العامة تسودها الألفة والسعادة وتشمل الكبير والصغير.

بعيدا عن الدول العربية الإسلامية يعيش المغتربون أجواء العيد بصورة مختلفة، ولا سيما الطلبة في الخارج، وحديثنا في هذه الأسطر عن أيام العيد المبارك وكيف يعيشها الطلبة العمانيون بعيدا عن أهلهم وذويهم، وماهي المظاهر والاحتفالات التي يقومون بها في كل من هولندا واسكتلندا وأمريكا والنمسا وماليزيا.

هولندا

عاش الطالب مهند بن عبدالسلام الرواحي أجواء عيدي الفطر والاضحى المباركين طوال أربع سنوات مضت في هولندا حيث يدرس هناك، وفي صبيحة كل عيد يستقيظ باكرًا، ويزدان بالثوب العماني والمصر متجها برفقة أصدقائه من العمانيين وغيرهم من المسلين لأداء صلاة العيد حيث يجتمع بالجاليات المسلمة من المغرب العربي والعراق وسوريا ومصر، وبعدها يجتمع مع الاصدقاء في اجواء أخوية بمقر سكن أحد الطلاب العمانيين ليحلي يوم العيد بلقيمات من الحلوى العمانية وارتشافة القهوة العمانية والتي لا يحلو العيد إلا بها.

وكذلك لا تغفل جمعية الطلبة العمانيين والمحلقة الثقافية العمانية عن هذا اليوم، فيعقد لهم برنامج للعيد بهدف اجتماع الطلبة العمانيين ليعيشوا أجواء قريبة من أجواء العيد في السلطنة، باختلاف المكان والاجواء ولمة الأهل.

وهكذا في هذا العيد السعيد سيكرر مهند التجربة، كما هو الحال في كل الاعياد التي قضاها في هولندا.

اسكتلندا

ومن مدينة أدنبرة السكتلندية بالممكلة المتحدة، يدرس الطالب موسى بن يار بن عبيد الرواحي، بجامعة ادنبرا، حيث ابتعثته جامعة السلطان قابوس ممثلة بكلية الطب والعلوم الصحية، وقد مضى وما زال في المدينة الاسكوتلندية فترة من الزمان، عاش خلالها أيام الأعياد والمناسبات الدينية المختلفة، وهو ومع زملائه من أبناء السلطنة الدارسين في نفس المدينة، يحاولون في كل عيد أن يعوضوا ما فاتهم من أجواء العيد الروحانية في السلطنة بين الأهل والأقارب والاصدقاء عوضا عن البيئة العمانية وتراب الوطن، من خلال تهيئة أجواء مماثلة لما هي في السلطنة قدر استطاعتهم لإحياء أفراح العيد السعيد، فيبدأ صباح العيد بالتطيب ولبس الجديد من الازياء العمانية ذات الطابع الأصيل بالعمامة والدشداشة، ثم يتجه برفقة صحبه المسلمين من عمانيين وغيرهم إلى أداء سنة صلاة العيد، لتبدأ بعدها التجمعات مع الأسر العمانية المقيمة في ادنبرا لتناول وجبة العرسية والقهوة العمانية، محاولا ومن معه قضاء يوم كامل ممزوج ببرنامج لبعض الأنشطة والألعاب للأطفال، ولا يفوت الرواحي، إذا ما سنحت الاجواء، إعداد أصناف المشاكيك المقترنة بعادات العيد في السلطنة.

دائما ما يحمد موسى الرواحي ربه جل شأنه، أن كتب له الدراسة في المملكة المتحدة، فهي بلدة تتميز بوفرة المساجد، فيوجد في مدينة ادنبرا ما يقارب الخمسة مساجد، واشهرها المسجد المركزي، ومسجد اقرأ، وبالنسبة لصلاة العيد فهي تقام على فترتين إحداها عند الساعة الثامنة والأخرى عند الساعة العاشرة، وذلك حتى يتسنى لجميع المصلين من أداء الصلاة في الفترة التي يرغب الصلاة فيها، وتوجد جاليات كثيرة من جنسيات عدة تشارك في أداء شعيرة الصلاة منها الجالية السودانية، والباكستانية، والمصرية، ومن دول شمال أفريقيا ودول بلاد الشام.

واستمر الرواحي وبحكم دراسته على قضاء أيام الاعياد ولمدة 3 سنوات في أحضان مدينة أدنبرا الاسكوتلندية، وكذلك حالة اليوم حيث سيقضي أيام العيد في نفس المدينة وفي نفس الاجواء الجميلة.

ومن خلال منبر «عمان»، بعث الرواحي رسالة قال فيها: «اتقدم بالتهنئة إلى والدي الغاليين وجميع إخواني الأجلاء بمناسبة العيد، وأقول لهم كل عام وأنتم ترفلون بثوب الصحة والسعادة والسرور والحبور، وأسأل الله أن يعيد علينا وعليكم أفراح العيد أعواما عديدة وأزمنة مديدة، كما لا يفوتني في هذا المقام من رفع اسمى آيات التهاني والتبريكات إلى المقام السامي مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، حفظه الله وأبقاه وأمد في عمره بالصحة والعافية دوما وأبدا يا سميع ويا مجيب الدعاء، والتهنئة حافلة لكل فرد وأخ وصديق وعزيز يقطن أرض عماننا الغالية».

أمريكا

ولا يختلف الوضع كثيرا عند سلمان بن اسحاق الفارسي، الطالب المبتعث إلى الولايات المتحدة الامريكية، ففي كل عيد يقضيه في الولايات المتحدة يوجه نفسه وبرفقة زملائه لصلاة العيد في أحدى المساجد في لوس انجلوس أو في مدينة «لونج بيتش»، ولكن التنسيق لفعاليات العيد تكون من قبل جمعية الطلبة العمانيين في الولايات المتحدة فرع مدينة «لونج بيتش»، حيث يتم الاعداد المسبق لجميع الطلبة المشتركين فيها، في محاولة للم شمل الطلبة العمانيين مقابل مبلغ رمزي يساهم فيه الطلبة، وذلك بهدف تجهيز المواد الغذائية من أرز ولحم ومن ثم اعداد الوجبات العمانية التقليدية والمشاكيك وغيرها.

ويتجمع الطلبة العمانين في موقع تم تحديده مسبقا، سواء بحديقة او موقع يُسمح فيه بالطبخ، وذلك بصورة يملؤها التكافل والتعاون، فترة مجموعات الطلبة تنهمر على المكان، وكل من لديه سيارة يقل معه مجموعة، ليعيش الجميع أجواء مختلفة عما هو عليه طيلة أيام السنة فمن خلالها يتبادلون عبارات التهاني بالعيد ويتزينون بأفضل الحلل وأحسن العطور، لقضاء فترة تمتد من الظهر وحتى المغرب، يتخللها العديد من المسابقات والفعاليات الشيقة التي تتضمن جوائز رمزية تضفي على الاجواء روح الحماس والتحدي الاخوي.

النمسا

وفي جمهورية النمسا تعيش الطالبة خديجة بنت عبدالله علي العجمية أيام الدراسة الجامعية، وعاشت أجواء العيد لعدة مرات في تلك البلاد، وترى أن طقوس العيد تختلف من مكان إلى آخر، رغم البعد تحاول العجمية احياء العادات والتقاليد العمانية في النمسا من خلال تجمع الطلبة والطالبات وتناول وجبة الغداء الجماعية وتبادل التهاني، وكل كذلك تحت إشراف جمعية الطلبه العمانيين في جمهورية النمسا، التي تقوم بتحديد المكان والاتفاق المسبق على تنظيم واعداد الوجبات.

كما أن النمسا يعيش بين رقعتها الجغرافية ‎هناك كثير من الجاليات المسلمة، التي تحيي شعائر العيد وتؤدي صلاة العيد في المركز الاسلامي بفيينا، الامر الذي يضفي نوعا من الروحانية على الطالبة خديجة في هذه الايام المباركة.

أما الطالب محمد بن عبدالغفار الشيزاوي، والذي يدرس في جمهورية النمسا كذلك، فبالنسبة له سيكون هذا العيد هو السابع له في النمسا، ويرى أن العيد في الخارج هو تجمع الاصحاب و اللمة الجميلة، وقبل كل عيد يقضيه الشيزاوي في النمسا يتمنى من الله تعالى أن يتصادف يوم العيد مع إجازة نهاية الاسبوع لانه في جمهورية النمسا لا توجد اجازة رسمية للعيد. فإذا توافق مع نهاية الاسبوع تكون الفرصة سانحة لتجمع الطلبة من فيينا مع الطلاب من المناطق المجاورة في فيينا، أما إن لم يتوافق العيد مع الاجازة الاسبوعية فيكون التجمع بعد الدراسة مع الطلاب الموجودين في المنطقة.

و بالنسبة للوجبات التي يعدها محمد مع زملائه، فهي ما تعود عليه العمانيون أيام العيد المبارك، فلا تخلو من شوي اللحم، ولكن في النمسا يكون شوي اللحم على ضفاف نهر الدانوب مع التجهيز المسبق للكبسة و الهريس، ولكن حاله لا ينفك عن الشوق للشواء على الطريقة العمانيه التقليدية.

ومن ناحية الاسلام، فإن الاسلام في النمسا يعتبر الدين الثالث، مما يجعل المساجد متوفرة في جميع المناطق و بكثرة، لكن اغلب المسلمين يؤدون صلاة العيد في مركز فيينا الاسلامي و يتجمع فيه سنويا أكثر من ١٠٠٠ مسلم ومسلمة.

ماليزيا

ماليزيا، دولة مسلمة تحيي شعائر العيد في كل اقطارها، ويعيش فيها العديد من الطلبة العمانيين، ومنهم الطالبة أبرار بنت سيف بن ناصر المشيفرية في جامعة ليمككوينج، التي عاشت عددا من الاعياد في ماليزيا، ولكنها ترى أن العيد مهما كان في ماليزيا لا يقارن بالعيد في السلطنة وسط حميمية الأهل والاصحاب والعادات والتقاليد والاجواء الروحانية، في الغربة تكون مظاهر العيد مختلفة عن مظاهر العيد في الوطن بشكلٍ جذري، و لكنها تحاول مع الطلبة أن يستمتعوا بالعيد بالتجمع و تبادل هدايا العيد و إعداد بعض المأكولات العمانية في محاولة للشعور بالعيد وكأنهم وسط الأهل و الجيران.

ولكن تلك الاجواء مهما كانت لا تغني أبرار عن اجواء العيد مع الاهل فلا تستطيع الاستمتاع بشكلٍ كامل بأجواء العيد ، العيد لا يكتمل الا بتجمع العائلة مع بعضها البعض.

وكذلك الطالب محمود بن حمد الشعيلي، الذي قضى الأعياد السبعة الماضية في ماليزيا، وأما اليوم فسيكون بين أحضان أهله في ولاية عبري يحتفل معهم بالعيد السعيد في أجواء انتظرها منذ أعوام وآن له ذلك.

أما في ماليزيا كان يقضي الشعيلي أيام العيد في بيئة مسلمة يحتفل بها الصغير والكبير والنساء والرجال، بجميع مناطق ماليزيا حيث ينتشر الاسلام، فكان يخطط مع اصدقائه قبل كل عيد للسفر إلى احدى القرى، ليقضوا اجازة تمتد لأسبوع كامل، فكانت فرصة لهم للتعرف على عادات تلك القرى المختلفة والاطلاع على طقوسهم واحتفالاتهم الاستثنائية.

هكذا يعيش الطلبة العمانيون في الخارج أجواء العيد، تشترك في احتفالاتهم العديد من التفاصيل، فالتجمع واعداد الوجبات العمانية واحياء صلاة العيد صفة مشتركة بينهم جميع، فكل التوفيق والنجاح والسداد لخطواتهم المثمرة، فآمال السلطنة بهم كبيرة بأن يعودوا بعد مشوار الجهاد والكفاح والمثابرة، بُناةً للوطن وعمودا يساهم في الارتقاء بالسلطنة لتولي زمام التطور والرقي والقيادة.