1044641
1044641
الاقتصادية

النفط ارتفع لكنه فقد 4% في أسبوع - المتعاملون يختبرون تعهد أوبك «فعل كل ما يلزم» للدفاع عن سعر النفط

24 يونيو 2017
24 يونيو 2017

نيويورك - سنغافورة - لندن - (رويترز) - ارتفعت العقود الآجلة للنفط نهاية التعاملات في الأسبوع الماضي (يوم الجمعة) مدعومة بتراجع الدولار لكنها أغلقت على خسائر أسبوعية للأسبوع الخامس على التوالي مع فشل تخفيضات الإنتاج التي تقودها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في تقليص تخمة المعروض العالمي. وتحدد سعر التسوية لعقود برنت على ارتفاع 32 سنتا بما يعادل 0.7 بالمائة عند 45.54 دولار للبرميل. وأغلق الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط مرتفعا 27 سنتا أو 0.6 بالمائة إلى 43.01 دولار للبرميل.

وعلى مدار الأسبوع فقد خاما القياس 3.9 بالمائة وأسعار النفط الحالية لا تزيد سوى قليلا فحسب فوق أدنى مستوياتها في 10 أشهر متأثرة باستمرار المخاوف من زيادة الإنتاج. وتراجع السعر لـ5 أسابيع متتالية هو الأطول لعقدي أقرب استحقاق منذ أغسطس 2015. وقلصت الأسعار مكاسبها بعد أن قالت بيكر هيوز للخدمات النفطية إن الشركات الأمريكية أضافت11 حفارة نفطية هذا الأسبوع، وذلك في أكبر زيادة على مدى 3 أسابيع.

أوبك مصممة على تصحيح الأسعار

وفي تحليل لوكالة (رويترز) جاء فيه: حين تعهدت السعودية، أكبر منتج في منظمة أوبك، في مايو «بفعل كل ما يلزم» للدفاع عن أسعار النفط العالمية، فإنها لم تتوقع أن يختبر السوق تعهدها بعد شهر واحد فقط. وفي الوقت الذي مددت فيه منظمة (أوبك) تخفيضات إنتاج النفط، انخفضت أسعار الخام 18 بالمائة في 20 يوما فحسب. ويبدو أن أعضاء أوبك عازمون على عدم الاندفاع صوب تنفيذ تخفيضات أكبر في الإنتاج رغم ضغوط السوق.

واختار متعاملو النفط تجاهل الأنباء التي تدفع باتجاه صعود الأسعار، بما في ذلك انخفاض طال أمد انتظاره في مخزونات النفط الأمريكية أُعلن عنه يوم الأربعاء، وركزوا بدلا من ذلك على عوامل سلبية على غرار استمرار تخمة المعروض العالمي.

نتيجة لهذا، سجلت سوق النفط أسوأ أداء لها في الستة أشهر الأولى من العام خلال 20 عاما مما يشير إلى رفضها القبول بجدوى موقف أوبك ورغبتها في تخفيضات أكبر للإنتاج. وصدر تعهد «كل ما يلزم» عن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح خلال اجتماع في كوالالمبور في أوائل مايو، ليكرر تعهدا قام به رئيس البنك المركزي الأوروبي مايو دراجي قبل خمس سنوات خلال معركته التي تكللت بالنجاح في الدفاع عن اليورو. وقال بوب مكنالي رئيس مجموعة رابيدان لاستشارات السوق وسياسات الطاقة في واشنطن «لا يمكنك أن تحارب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لكن يمكنك محاربة أوبك... البعض في أوبك يجب أن يخفض الإنتاج أكثر لكن لا أحد يرغب في ذلك».

ويسلط انخفاض أسعار النفط ومدى قدرة السعودية عن الدفاع الأسعار الضوء على عاهل المملكة في المستقبل، الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر31 عاما، والذي عُين يوم الأربعاء وليا للعهد من قبل والده الملك سلمان.

والأمير محمد هو صانع القرار المطلق في قطاع الطاقة السعودي في العامين الأخيرين وقد تحولت استراتيجيته من توجيه الأوامر بزيادة إنتاج النفط للدفاع عن حصة أوبك السوقية إلى كبح الإنتاج لرفع الأسعار.

لعبة الانتظار

كان الفالح ووزراء آخرون في أوبك قالوا إن المنظمة لن تندفع صوب تنفيذ تخفيضات أكبر للإنتاج من المستوى الحالي البالغ أربعة بالمائة كي تكبح انخفاض الأسعار. وقالوا إن المنظمة بدلا من ذلك ستنتظر حتى تتمخض التخفيضات المشتركة الحالية مع روسيا غير العضو في أوبك عن هبوط المخزونات العالمية خلال الربع الثالث من العام حين يرتفع عادة الطلب على النفط الخام. وقالت مصادر في أوبك وفي روسيا لرويترز إنه لا مؤشرات تذكر عن أن المنظمة تستعد لإجراء استثنائي قبل اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في روسيا نهاية يوليو.

وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه يوم الأربعاء «نجري محادثات مع أعضاء أوبك كي نجهز أنفسنا لقرار جديد». وأضاف «لكن اتخاذ القرارات في المنظمة أمر صعب جدا لأن أي قرار سيعنى للأعضاء تخفيضات في الإنتاج».

وأطلق ارتفاع أسعار النفط بنهاية العقد الماضي وبداية هذا العقد مشروعات إنتاج متعددة في أنحاء العالم، بما في ذلك في تكوينات النفط الصخري الأمريكي، مما نتج عنه فائضا عالميا دفع الأسعار للانخفاض من 120 دولارا للبرميل في 2014 إلى أقل من 30 دولارا للبرميل في العام الماضي. وسعت أوبك وروسيا إلى تحقيق استقرار الأسعار عند 50-60 دولارا للبرميل عبر تخفيضات الإنتاج، لكن انخفضت أسعار خام القياس العالمي برنت انخفضت هذا الأسبوع صوب 44 دولارا للبرميل بسبب استمرار المخاوف بشأن فائض الإمدادات. وزاد المتعاملون والمستثمرون رهاناتهم على أن أسعار النفط ستظل تحت ضغط. وتظهر سوق خيارات الخام الأمريكي أن أكبر تغير منذ اجتماع أوبك في حيازات عقود المشتقات استحقاق ديسمبر هذا العام كان في خيار البيع عند 45 دولارا للبرميل.

وزادت المراكز المفتوحة، التي تظهر عدد العقود المفتوحة المتداولة التي لم تُسيل بعد، أكثر من خمسة آلاف مجموعة في الشهر الماضي إلى نحو 38 ألف مجموعة بما يعادل 38 مليون برميل من النفط.

النفط الصخري يعود بقوة

يقول أويستن برنتسن العضو المنتدب لشركة سترونج بتروليوم لتجارة النفط «توقفات الإمدادات العالمية تراجعت إلى مستوى منخفض جديد لم يسجل في سنوات. النفط الصخري الأمريكي يعود بكل قوة...(وهناك) مستويات مرتفعة من المخزونات العائمة وعلى الأرض». والولايات المتحدة ليست طرفا في أي اتفاقات لخفض الإنتاج ومن المتوقع أن تزيد الإنتاج من تكوينات النفط الصخري بما يصل إلى مليون برميل يوميا أو نحو 10 بالمائة من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من الخام. وقال برنتسن إنه ما لم تعمق أوبك التخفيضات أو تحدث توقفات كبيرة وغير متوقعة في الإنتاج فإن الأسعار ستظل منخفضة. وقال جريج مكينا كبير محللي السوق لدي أكسي تريدر للوساطة في العقود الآجلة «تعميق الخفض قد يكبح انخفاض الأسعار لكن أوبك بحاجة بالفعل للقيام بهذا بدلا من الحديث عنه فحسب».

وقالت مصادر في أوبك إن أحد الخيارات قد يتمثل في ضم عضوي أوبك ليبيا ونيجيريا في أقرب وقت إلى تخفيضات الإنتاج بعد أن نما إنتاجهما بقوة في الأشهر الأخيرة من مستوياته المنخفضة السابقة بسبب الاضطرابات. وفي الوقت الحالي فإن نيجيريا وليبيا معفيتان من اتفاق تخفيضات الإنتاج.

من جانبها تقول السعودية، ذات تكاليف الإنتاج الأرخص في العالم، مرارا إنها تعلمت من أخطائها السابقة عندما خفضت الإنتاج بقوة في الثمانينات لرفع الأسعار لكنها فقدت حصة سوقية لصالح المنافسين. وفي وقت سابق هذا العام، أبلغ مسؤولون سعوديون شركات نفط أمريكية مستقلة كبرى في محادثات مغلقة أنه ليس لهم أن يفترضوا أن أوبك ستمدد تخفيضات الإنتاج كي تبدد أثر ارتفاع الإنتاج الأمريكي. وقال جيفري هالي، المحلل لدى أواندا للوساطة إن الخيار الآخر لأوبك هو أن تسمح لأسعار النفط بالانخفاض إلى مستويات حتى «قطاع النفط الصخري الأمريكي الحديث الأقل تكلفة سيعاني كي يحقق تعادل الإيرادات والمصروفات عندها». وقد لا يكون ذلك بعيدا في الوقت الذي تقترب فيه الأسعار من مستويات التكلفة لشركات النفط الصخري الأمريكي المسؤولة عن زيادة الإنتاج التي تقوض جهود أوبك.

وقالت ريستاد إنرجي للاستشارات المتخصصة في التنقيب والإنتاج «فيما يخص (النفط الصخري في حوض باكن) فإن الآبار التي تم الانتهاء منها في 2016-2017، يبلغ متوسط سعر التعادل فيها نحو 38 دولارا للبرميل».

وبجانب متابعتها الوثيقة لأنماط الإنتاج الخاصة بمنافسيها، تحتاج أوبك إلى إبقاء نظرها على الطلب العالمي.

وفي الوقت الذي تشير فيه التوقعات الصادرة عن مؤسسات كبرى بما في ذلك وكالة الطاقة الدولية إلى نمو الطلب العالمي بمعدل قوي يبلغ 1.5 بالمائة العام المقبل، فإن هناك مؤشرات على أن الطلب يتباطأ في مركزين آسيويين رئيسيين هما الصين والهند محركا نمو الطلب في السنوات الأخيرة.

الصين والهند واليابان تعرقل نمو طلب آسيا على النفط

في الوقت الذي تشكو فيه سوق النفط العالمية من تخمة مستمرة في المعروض، يعرقل تباطؤ نمو الطلب في أسواق آسيوية رئيسية مستوردة للنفط الجهود التي تهدف إلى استعادة السوق لتوازنها. وتكبح تخمة الوقود في الصين، والتأثيرات الباقية من إلغاء أوراق النقد ذات الفئات الكبيرة في الهند، وتقدم أعمار السكان وانخفاض أعدادهم في اليابان نمو الطلب على الخام في 3 من أكبر 4 مشترين للنفط في العالم. وتسهم الدول الثلاث بما يصل إلى خمس استهلاك النفط العالمي البالغ 97 مليون برميل يوميا، وأي مشكلات في هذه الدول ستعني نموا يقل عن التوقعات للطلب على النفط في آسيا مما سيسهم في تقويض المسعى الذي تقوده أوبك لدعم الأسعار.

وقال مايكل كوريلي العضو المنتدب لدى ميركاتوس إنرجي ادفيسورز «نلحظ بالفعل انخفاضا في الطلب من عدد ليس بالقليل من الزبائن في قطاعات الطيران والنقل البحري والطرق والصناعة... إنهم في الواقع يستهلكون وقودا أقل من المتوقع».

وفي الصين، التي تتنافس مع الولايات المتحدة على صدارة مستوردي النفط في العالم، تظل الواردات في مايو قرب مستوى قياسي عند 9 ملايين برميلا يوميا، لكن من المنتظر أن يؤثر انخفاض متوقع في عمليات شركات التكرير سلبا على الطلب على النفط الخام في الربع الثالث من السنة.

وفي الهند، التي تجاوزت اليابان لتصبح ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم في العام الماضي، هبطت واردات الخام أكثر من 4 بالمائة في الفترة بين أبريل ومايو إلى نحو 4.2 مليون برميل يوميا، في الوقت الذي تضرر فيه الاستهلاك بفعل التأثيرات المتبقية من البرنامج لإلغاء أوراق النقد من الفئات الكبيرة والذي طبقته الدول حديثا.

وفي الخمسة أشهر الأولى من العام، لم تشهد واردات الهند تقريبا تغيرا يذكر مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، بعد زيادة سنوية بلغت 4.7 بالمائة العام الماضي.

وفي اليابان، أكثر اقتصادات آسيا تقدما، يمر الطلب على النفط بانخفاض هيكلي منذ سنوات بسبب تقدم أعمار السكان وانخفاض أعدادهم وظهور سيارات أكثر توفيرا للوقود أو تستخدم الوقود البديل. واستوردت اليابان في أبريل نحو 3.5 مليون برميل يوميا انخفاضا من مستوى الذروة البالغ 5.9 مليون برميل يوميا في 2005. ومع وفرة الإمدادات، فإن تقلب الطلب في آسيا ساهم في انخفاض سعر خام القياس العالمي برنت 20 بالمائة إلى نحو 45 دولارا للبرميل في أكبر انخفاض في النصف الأول من أي عام منذ 1997.

المخزونات العائمة

وفي أحدث مؤشر على فائض المعروض، يقول تجار إنه جرى تأجير 5 ناقلات نفط عملاقة في الأيام الأخيرة لتخزين النفط غير المبيع. وبإمكان كل ناقلة عملاقة حمل مليوني برميل من النفط، وتضاف الناقلات الخمس المستأجرة إلى نحو 25 ناقلة عملاق ترسو بالفعل في مياه جنوبي ماليزيا.

وفي وضع للسوق تتسم فيه أسعار النفط للتسليم الفوري بالانخفاض عن أسعار التسليم الآجل، فإن تخزين النفط من أجل بيعه في وقت لاحق أمر مربح. وفي الوقت الحالي، يقل السعر الفوري لخام برنت 1.50 دولار عن سعر تسليم أوائل 2018. وقال أشوك شارما العضو المنتدب لشركة بي.آر.اس باكسي لسمسرة الشحن في سنغافورة «إذا اتجهت أسعار النفط للانخفاض، فإن المخزونات العائمة ستصبح أكثر جاذبية».

يأتي انخفاض السعر الفوري رغم الجهود التي تقودها منظمة (أوبك) لخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا منذ يناير. وأدت المخاوف بشأن التزام أوبك بمستهدفاتها وارتفاع الإنتاج الأمريكي إلى شكوك في أن تستعيد الأسواق توازنها قريبا. وقال بنك ايه.ان.زد امس الأول «الانخفاض في أسعار النفط مستمر... في الوقت الذي تظل فيه الأسواق متشككة في قدرة أوبك على موازنة الإمدادات».