abdallah
abdallah
أعمدة

هوامش .. ومتون: العيد .. ضجيج الأفراح

24 يونيو 2017
24 يونيو 2017

عبدالرزّاق الربيعي -

[email protected] -

حين يطل علينا العيد، بأفراحه، تنشرح الصدور، وتتجلى النفوس، والأرواح قبل أن يتجلى هلاله في الأفق، كما يقول ابن الرومي:

ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله

تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ

فالعيد يظل عنوانا كبيرا من عناوين الفرح، يأتي ليتجّدد، ويجلو صدأ الأيام، وقبل أن «يتجلى هلاله» تنهال التهاني، والتبريكات، المغلفة بالأماني، بأن يكون سعيدا، ومع صباح العيد تنطلق الأفراح، وترتفع في الأفق شمس المسرّة، يقول الشاعر معروف الرصافي التي مطلعها:

أطلَّ صباح العيد في الشرق يسمع

ضجيجا به الأفراح تمضي وترجعُ

ويصف أجواء العيد التي تضج بالأفراح، وصفا بليغا بقوله:

وفي الحي مزمار لمشجي نعيره

غدا الطبل في دردابه يتقعقع

فجئت وجوف الطبل يرغو وحوله

شباب وولدان عليه تجمعوا

لقد وقفوا والطبل يهتز صوته

فتهتز بالأبدان سوق وأكرع

ترى ميعة الأطراب والطبل هـادر

تفيض وفي أعصابهم تتميع

فقد كانت الأفراح تفتح بابهـا

لمن كان حول الطبل والطبل يقرع

ومن اهتزاز الأبدان، وقرع الطبول، إلى كلمات التهاني، والدعوات بتحقيق الأماني، يقول ابن زيدون مهنئا الوليد بن جهور بالعيد:

هَنِيئاً لَكَ الْعِيدُ الَّذِي بِكَ أَصْبَحَتْ

تَرُوقُ الضُّحَى مِنْهُ وَتَنْدَى الأَصَايِلُ

تَلَقَّاكَ بِالْبُشْرَى وَحَيَّاكَ بِالْمُنَى

فَبُشْرَاكَ أَلْفٌ بَعْدَ عَامِكَ قَابِلُ

و«هنيئا لك العيد» قالب لفظي يستدعي مباشرة قول المتنبي حين هنّأ سيف الدولة بالعيد:

هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده

وعيد لمن سمّى وضحّى وعيدا

ولازالت الأعياد لبسك بعده

تسلم مخروقا وتعطي مجددا

وكما جاء في شرح البرقوقي لديوان المتنبي «سمى: أي ذكر اسم الله، يعني عند ذبح الضحايا، يقول: ليهنك العيد الذي أنت عيده: أي تحل فيه محل العيد في القلوب - إذ أن العيد مما يبتهج به الناس، فكذلك هذا العيد يبتهج بك»، ومن الغريب أن الكثيرين يستحضرون في كل عيد قول المتنبي:

عيد بأية حال عدت يا عيد

بما مضى أم لأمر فيك تجديد

وينسون تهنئته تلك لسيف الدولة، وبينهما فرق كبير، فالأبيات التي مدح بها سيف الدولة الحمداني مهنئا بعيد الأضحى، تعطي طاقة إيجابية، بينما تطفئ أبيات قصيدته التي قالها بعد هروبه من مصر في عيد الأضحى فرحة العيد بما تحمله من طاقة سلبيّة، والنسيان يطال أجمل ما قال ابن المعتز:

أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه

فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ

وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ

قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ

والبيت الأخير يعد من أجمل ما قيل في التشبيه، لذا أستغرب لمن يكتب في وسائل التواصل الاجتماعي إنّه غير مستعد لاستقبال التهاني في العيد، تضامنا مع من حرم منه في ضوء ما يجري في العالم من مآس، وأحداث، وبذلك يغلق الباب أمام موكب الفرح، متناسيا أن العيد مناسبة تأتي ترمّم بعض الخراب الذي يصيب الأرواح، فتجدّد النفوس، وتعيد لنا الأمل، وتذكّرنا ببعضنا البعض، ونتفقد من حرم من العيد، فنتواصل معه، ونواسيه، داعين للجميع أن يكون عيدا سعيدا مليئا بالأفراح.