روضة الصائم

جوانب تربوية: قرارات السعادة

24 يونيو 2017
24 يونيو 2017

هلال بن عبدالله الخروصي -

السعادة هي مطلب كل إنسان، الغني والفقير الصغير والكبير، والعبد والملك، والمسلم والكافر، والفرق بين المؤمن والكافر أن المؤمن يسعى لسعادة الدارين، وليس كل المؤمنين بهذا الفكر.

أقسام الناس أمام السعادة:

الناس في غالب أحوالهم لم يتعودوا أن يجمعوا بين الخيرات بل يعيشوا في مستنقع المقارنات والأفضليات، إن الناس في هذه المسألة أربعة أصناف:

ـ سعيد في الدنيا والآخرة، فذلك المؤمن الفطن، وذلك خير الناس..

ـ سعيد في الآخرة، غير سعيد في الدنيا، فذلك المؤمن غير الفطن..

ـ سعيد في الدنيا، غير سعيد في الآخرة، فذلك غير المؤمن الفطن..

ـ غير سعيد في الدنيا ولا في الآخرة، فذلك غير المؤمن غير الفطن، وذلك الخسران المبين.

فوائد السعادة:

1- تمنحك طاقة روحية تعبد ربك برضا ونفس مطمئنة.

2- تحميك من الأمراض العضوية والنفسية.

3- علاقة إيجابية مع أسرتك وأولادك.

4- تؤدي مهنتك بمتعة وإبداع.

5- تضفي على المجتمع سعادة وانسجاما.

العواقب والخسائر:

1-المشاعر السلبية من اليأس والإحباط والقلق والاكتئاب.

2-الأمراض الجسدية وتبدأ بأعراض الصداع وآلام المعدة والظهر وتنتهي بالسكري والضغط والقلب.

3-المشاكل الأسرية.

4- الذرية التعيسة: لأنك تصبح قدوة مزعجة لأولادك تتعامل بغضب وتوتر مع مجريات الأحداث والمواقف.

5- ضرر على المجتمع بدورك التشاؤمي والسلبي.

المتشائمون يعيشون التعاسة والنكد والهم والحزن، المتشائمون أشرار، وضررهم كبير على الشعوب والأمم لأنهم قرناء الشيطان كما صرح بذلك رسول الله.

«المتشائم خطر على نفسه وأسرته ووظيفته، فهو منفر غير نافع قليل الإنتاج دائم الشكوى والمقارنة والحسد والعدوانية لمن حوله»

مبادئ السعادة:

السعادة مسؤوليتك: فالسعداء يتحملون مسؤولية واقعهم أما التعساء يسقطون ذلك على العالم الخارجي، ويلقون اللوم على الظروف، هذه مخدرات لحظية مؤقتة، الفطن هو من دان نفسه، هو المسؤول: «وما أصابك من سيئة فمن نفسك»

السعادة نتاج فكرك: فحياتك من صنع أفكارك، وأفكارك هي نتائج مصيرك، الأفكار والحديث الداخلي يؤثر في حياتك، نظرتك الإيجابية أو السلبية تحدد مصيرك، فإذا نظرت إلى البذل والتعب على أنه تعاسة وعلامة شقاء، فكل الحياة في تعاسة، ولن تتذوق طعم الحياة، وعندما تتفكر في الثمرة والفائدة التي ستحققها ستتحول اللذة الى متعة.

قال تعالى: «وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».

السعادة عطاء: أعلى درجات السعادة ليست الأخذ، ولذلك عقلية الفقير والتعيس تريد ولا تعطي، أما السعيد يعطي وينصر المظلومين ويساعد المحتاجين، والفلسفة كما جاء في كتاب علمتني الحياة، أنّ الفلاسفة أجمعوا على أن أعلى درجات السعادة هي العطاء وليس الأخذ، فالسعادة في العطاء بأن تعطي مالا أو علما أو نصرة لمظلوم، أو إعانة محتاج أو مشيا في حاجة إنسان.

المقارنة مع الذات: لا تقارن نفسك مع الآخرين، اشكر ربك على كل نعمة ولا تنشغل بالآخرين، فالله يقسّم الأرزاق بعدل بين العباد، وهو المعطي والمانع، فلا اعتراض لحكم الله.

اللحظة: هنا والآن ، قوة الإنسان في اللحظة كما جاء في الحديث: « كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل»

يقول النبي عليه السلام: «الدنيا رحلة مؤقتة إلى دار خالدة فاعمل صالحا، واترك أثراً طيبا»

الفرح والاحتفاء: أن يفرح الإنسان بنعم الله عليه، شريطة أن ينسب الأمر الى الله وحده.

«قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ»

«وأما بنعمة ربك فحدث»

«ولئن شكرتم لأزيدنكم»

الأصدقاء: تصاحب السعداء الإيجابيين الذين يشجعونك ويدفعونك إلى الخير ويعززون خيرك، البعيدين عن التذمر والشكوى والغيبة والنميمة.

«المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»

أعداء السعادة :

الحديث السلبي الداخلي: وعلاجه ذكر الله وذكر نعمه، «ألا بذكر الله تطمئن القلوب»

تسول المشاعر: استجداء المشاعر من الآخرين، وتسول الاحترام والتقدير والمدح منهم هذا تسول للسعادة.

الشكوى: الشكوى بمختلف أنواعها فهي مضرة تبدأ من شكوى الراتب والأبناء والمجتمع والسكن والأصدقاء.

«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا، أو ليصمت»

النقد: النقد ناجم عن ضعف في تقدير الذات والثقة بالنفس، والشعور بالنرجسية، حيث البحث عن العيوب والعورات، فيصبح النقد قناعا لستر تلك النواقص، هذا الإنسان قد انشغل بعيوب الناس ونسي عيبه، وقد قذف الناس بالحجارة وبيته من زجاج، فهل هناك إنسان معصوم بين الخلائق، ومن منا كامل الأوصاف، كل أعمالنا تعتريها النقص، للأسف بعض الناس تصيد في الماء العكر.

إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى

ودينك موفور وعرضك صين

وعينك إن أبدت إليك معايبا

فدعها وقل يا عين للناس أعين

وعاشر بمعروف وسامح من العدى

وفارق ولكن بالتي هي أحسن

المقارنة: تدخلك في الذات المزيفة حيث جميع الأمراض القلبية من حسد وعدوانية.

فلان أفضل بيننا وأحسن منصبا وأفضل دخلاً وإلخ.

«أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله»

أنت في نعمة فاشكر الله تعالى.

النبي الكريم كان يستعيذ من سارقات السعادة، وفي الحديث يلخص لنا النبي أسباب التعاسة والشقاء في الدنيا، ويستعيذ بالله أن يدركه شيء منها، فيسلبه السعادة والهناء.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أخدم رسول الله فكنت أسمعه كثيرا يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال).

وهكذا فإن الفشل قرار، والنجاح قرار، والحياة قرار، والسعادة قرار، فإذا أردت السعادة فعليك أن تقرر وتعمل.