1043503
1043503
روضة الصائم

سيف بن محمد الفارسي.. فقيه وأديب ارتوى من العلوم فتولى التدريس وتقلّد القضاء

24 يونيو 2017
24 يونيو 2017

1043502

الشيخ سيف الفارسي[/caption]

بدأ حياته معلما للغة العربية وحفظ القرآن الكريم خلال سبعة أشهر -

«زاد الأنام في الأديان والأحكام» و«رياض اﻷزهار في معاني اﻵثار» و«باقات الزهور».. أهم مؤلفاته -

حاوره: سالم بن حمدان الحسيني -

ضيف حلقة اليوم علم من أعلام هذه الأمة. ورجل فريد صُنع على أيدي وأعين الرجال الفضلاء، والعلماء والحكماء، والزهاد والأتقياء، فكان رجلا فريدا وفكرا نيرا مجيدا، تقدم عصره بفكره وعقله. فتح قلبه لينفتح باب بيته قبلة لطلاب العلم، وأهل الحاجة وطلاب الفتوى إنه الشيخ القاضي اﻷ‌ديب الفقيه سيف بن محمد بن سليمان الفارسي، من سكان بلدة فنجاء بوﻻ‌ية بدبد، نشأ على حب العلم وهو صغير وتعلم على يد عدة من القضاة الموجودين بالوﻻ‌ية آنذاك منهم الشيخ القاضي منصور بن ناصر الفارسي، والشيخ القاضي حمد بن زهير الفارسي، والشيخ القاضي عيسى بن سالم الشامسي، ثم توجه إلى وﻻ‌ية نزوى لمواصلة طلب العلم، فتعلم هناك على يد عدد من المشايخ أشهرهم اﻹ‌مام محمد بن عبدالله الخليلي إمام المسلمين.

ولد بتاريخ 29 من شهر رجب سنة 134 للهجرة في بلدته فنجاء وتوفيت والدته وهو في عمر سبعة أشهر فقامت بشؤون تربيته والعناية به ضرتها زوجة أبيه الثانية وهي ابنة عم والدته. نستقرئ المزيد عن حياته من خلال الجلوس مع ابنه الشيخ سليمان بن سيف بن محمد الفارسي حيث قال:

يقول والدي - رحمه الله -: إن آباءه السابقين كانوا يسكنون بلدة محرم بالوادي الشرقي لبني رواحة، ولكن انتقل جده حزام بن سليمان إلى بلدة فنجاء وانضما إلى جماعتهما الفوارس ولا يدري سبب انتقالهما ولكن أكثر العمانيين ينقلهم المحل فلعله هو الذي أنقلهما.

نشأته وتعلمه

أما عن نشأته وتعلمه فيقول: نشأ الوالد متوسط الحال لا فقيرا مملقا ولا غنيا مترفا، وقد بدأ والدي الشيخ رحلته مع العلم عند بلوغه السابعة من العمر، فقد ألحقه والده بإحدى مدارس تحفيظ القرآن الكريم ببلدته فنجاء، حيث بدأ بحفظ قصار السور، ثم بدأ بعد ذلك بتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم حفظ القرآن الكريم كاملا خلال سبعة أشهر فقط. وعند بلوغه سن الثالثة عشرة وجهه والده إلى مدينة نزوى التي كانت حاضرة العلوم الإسلامية واللغوية لوجود فطاحل العلماء العمانيين بها آنذاك والذي كان في مقدمتهم الإمام الرضي محمد بن عبد الله الخليلي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ وكان ذلك سنة 1362هـ وقد نزل هناك بمنزل العلامة الشيخ منصور بن ناصر الفارسي الذي لازمه تلك الفترة ودرس على يد المدرس الكفيف البصر حامد بن ناصر النزوي وهو أحد أساتذة علم النحو في نزوى في ذلك الوقت، وقد كان يقرأ عنده مبادئ النحو. وبعد وفاة أستاذ النحو هذا رجع إلى بلدته فنجاء، إلا أن حافز طلب العلم والهمة العالية دفعتاه إلى مدينة سمائل التي كانت المدينة التوأم لمدينة نزوى في العلوم، لأنها كانت هي أيضا تزخر بعلمائها وفقهائها ومدارسها التي يروي منها طلبة العلم ظمأهم من شتى فنون العلم وصنوفه لذلك شد الشيخ سيف بن محمد الفارسي عزمه إليها وذلك في سنة 1356 هـ حيث التحق بمدرسة مسجد رجب في علاية سمائل، التي كان يدرس فيها المدرس سعيد بن سالم علوم النحو وقد قرأ على يديه ألفية بن مالك، ثم دفعته رغبته في سنة 1366هـ إلى مسجد الخور بمسقط حيث كان السلطان سعيد بن تيمور يتعهد طلابه بعنايته ورعايته، فالتزم الشيخ سيف حلقة الدرس التي كان يتصدرها العلامة الفقيه الشيخ أبو عبيد حمد بن عبيد السليمي ـ رحمه الله تعالى ـ و قد أخذ عن هذا العالم في علم الأثر عن السلف الصالح ـ رحمهم الله أجمعين ـ إلا أنه اشتاق إلى حلقات الدرس في مدينة نزوى، فعاد إليها في سنة 1367هـ مرة ثانية، وبقي ملازما ـ كما في المرة الأولى ـ للشيخ منصور بن ناصر الفارسي رحمه الله ـ كما كان يراجع الأمام الخليلي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ وباقي العلماء في بعض المسائل الأخرى إلى أن أحيل إلى التقاعد في الأول من يناير من عام 1994م.

وعن أهم الأعمال التي كان يقوم بها الشيخ سيف فقال: بدأ الشيخ أعماله معلما لعلوم اللغة العربية ومبادئ العقيدة والفقه ببلدته فنجاء، وذلك في سنة 1375 هـ وفي نفس الوقت كان كاتبا للصكوك الشرعية وإماما للصلاة في مسجد الجماعة بنفس البلدة، إلا أنه ـ ولظروف خاصة ـ لم يستمر في هذه الأعمال، فقد استقال منها مع بداية سنة 1376هـ ليرحل إلى بعض دول الخليج العربية، كالمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، ولكنه لم يلبث طويلا، فسرعان ما عاد ـ مع نهاية نفس العام ـ إلى وطنه ليعمل في الحقول التي تركها له والده فلاحا يقلب الأرض بمعوله، ويقلم الأشجار بمنجله، ويروي مزارعه بنفسه، وعندما يعود إلى منزله، ينكب على كتبه ليروي منها ظمأه.

وأضاف: وفي نفس العام أيضا، طلبه السيد أحمد بن إبراهيم، ناظر الداخلية في حكومة السلطان سعيد بن تيمور ليتولى القضاء، إلا أن إحساسه بضخامة المسؤولية، وعدم رضاه عما تحصل إليه من علم وإحساسه أيضا بعدم كفاءته في ذلك الوقت لتولي هذا المنصب، كل ذلك دفعه للاعتذار، فقبل عذره. ومع بزوغ فجر النهضة الحديثة طلبه وزير العدل في حكومة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ أبقاه الله ـ ليتولى القضاء فقبل ـ مستعينا الله عز وجل على ذلك ـ ليساهم في هذه النهضة تلبية لنداء القائد المفدى.

وأشار إلى والده الشيخ بدأ رحلته مع القضاء في ولاية بدبد في سنة 1391هـ، ثم نقل منها إلى ولاية قريات، ثم إلى ولاية دبا البيعة فإلى ولاية صحم، ومنها إلى ولاية العوابي فولاية دماء والطائيين فولاية بدية فولاية شناص فولاية الخابورة، ثم عاد مرة أخرى إلى ولاية قريات حتى أحيل إلى التقاعد. إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة عطائه لخدمة هذا الوطن العزيز وأبنائه، فقد كان يعقد حلقات الدرس والتعليم في مسجد الجماعة ببلدته فنجاء، حيث يغترف من فيض علمه ومعرفته جمع من الراغبين في علوم اللغة العربية من نحو وبلاغة وغيرها، كما أنه يقوم بتدريس العلوم الدينية كالفقه وأصوله.

مؤلفاته

وعما تركه الشيخ الفارسي من كتب ومؤلفات فأشار إلى أن أهم مؤلفاته: «زاد الأنام في الأديان والأحكام» (جزءان) أغلبه أسئلة إلى عصره كشيخنا الخليلي والشيخ منصور الفارسي والشيخ سعيد بن خلف الخروصي والشيخ أبو عبيد وغيرهم. ومن مؤلفاته «رياض اﻷ‌زهار في معاني اﻵ‌ثار» و« ديوان شعر » و« شرح الشبراوية» في الميراث و«شرح الزاملية» في النحو و«تعليقات على قصيدة الخليل» وكتاب «حياتي» و«باقات الزهور.. فنجاء في أهم العصور» و«مختصر العقيدة الوهبية» و« كتاب في الآداب» و«ترجمة للشيخ أبو عبيد» وله ديوان مطبوع يحتوي على العديد من القصائد.

وفاته :

وعن تاريخ وفاته فقال: انتقل إلى رحمة الله فجر يوم 14 ذو الحجة 1433 هجري. 30 اكتوبر 2012 م. عن عمر يناهز التسعين.