1039998
1039998
العرب والعالم

استئناف الدراسة في جامعة الموصل رغم الدمار ونقص الخدمات

18 يونيو 2017
18 يونيو 2017

الموصل (العراق) - (أ ف ب): بين أبنية مدمرة جزئيًا وأخرى سويت بالأرض، استأنف طلاب الكليات الإنسانية في جامعة الموصل دروسهم من حيث توقفوا حين سيطر المتطرفون على مدينتهم، بينما يخوض عدد منهم امتحاناته في قاعات تطايرت نوافذها والكهرباء مقطوعة عنها.

ورغم أعمال التنظيف التي تشهدها كليات الجامعة المترامية على مساحة 251 هكتارًا وتتميز بتنوع اختصاصاتها التي كانت تجذب نحو 39 ألف طالب، إلا أن أبنية وكليات عدة ما زالت خارج الخدمة بانتظار إطلاق مشروع إعادة الإعمار، وفق ما يؤكد مسؤولون إداريون.

على مدخل الجامعة الرئيسي، ينتشر عناصر أمن وحراس يتولون التدقيق في هويات الطلاب وتفتيشهم الواحد تلو الآخر.

وفي الحرم الجامعي ينهمك عمال في تنظيف الحدائق والشوارع الملتفة حول الكليات وإزالة الدخان الأسود الذي صبغ الجدران.

بعد توقف عن الدراسة لثلاث سنوات تقريبا، تعود الطالبة سناء نافع (21 عاما) إلى مقاعد الجامعة لإنهاء امتحانات الفصل الأول في اختصاص اللغة الإنجليزية في كلية التربية.

وتقول العشرينية بحماسة لوكالة فرانس برس قبل دقائق من بدء الامتحانات «لم يمر شهر بعد على تحررنا من غرب الموصل وعدت فورا إلى الدوام». وتضيف «أشعر بالراحة رغم كل الدمار الذي أراه. مجرد تنشق الهواء يعني أننا سلمنا وأن الأمور تعود إلى طبيعتها في الموصل». وتستعيد الشابة التي ترتدي حجابا ازرق وثوبا أسود طويلا كيف أمضت السنوات الأخيرة.

وتوضح «في هذه الفترة كوننا بنات كنا نلازم البيت، في البدء كانت الكهرباء موجودة وتنقل وسائل الإعلام، وكان بإمكاني أن أستعين بالإنترنت لتحميل الكتب وقراءتها. لكن بعد أشهر عدة قطع عنا الإنترنت والإعلام، وأمست فترة ظلام، يمكن للإنسان أن يستعين فقط بفكره ومخيلته حتى يتأمل ويحس بما يجري في العالم».

وتأمل سناء أن تنهي تحصيلها العلمي لتصبح مدرسة. وترى أن «داعش انبعث من الظلام.. ومن لحقوا به هم من لم يكن لديهم الوعي الكافي»، مشددة على أن «ديننا الإسلامي الحقيقي والتعلم هو ما نحارب به داعش».

«الحياة تستمر»

خلال سيطرتهم على المدينة، وضع المتطرفون يدهم على الجامعة التي تضم 124 مبنيا. أبقوا على بعض الكليات قيد الخدمة فيما أقفلوا بعضها الآخر.

وبحسب موظف إداري رفض الإفصاح عن اسمه واستمر في مزاولة عمله خلال سيطرة المتطرفين، فإن «معظم الطلاب الذين ارتادوا الجامعة خلال سيطرة الدواعش كانوا من أقاربهم وأفراد عائلاتهم».

وبعد بدء القوات العراقية في أكتوبر هجوما لطرد التنظيم من المدينة، حول المتطرفون الحرم الجامعي مركز عمليات.

وتبدو ملامح الدمار والتخريب واضحة على أبنية عدة، لا سيما المكتبة المركزية التي أحرقها التنظيم قبل انسحابه.

ويقول زيد محيي الدين أحد موظفي الجامعة أثناء التقاطه صورة عبر هاتفه للمبنى الذي يلفه السواد، «قضى داعش على مئات الآلاف من الكتب والموسوعات القيمة والمخطوطات النادرة»، مضيفا «أول مرة رأيت المكتبة بهذه الحالة، وجدت نفسي أبكي من دون أن أشعر».

ويؤكد المشرف السابق على المكتبة المركزية لجامعة الموصل محمود أبو مهند لفرانس برس «كان هناك ما يقارب مليون ونصف المليون كتاب داخل مكتبة الجامعة، منها كتب التداول المحدود، التي يمنع إخراجها لقيمتها النادرة كالمخطوطات والدواوين».

ورغم الصعوبات اللوجستية والمادية التي تعيق عودة الجامعة إلى سابق عهدها قبل المتطرفين، يبدي الطلاب تفاؤلهم.

ويقول أحمد شهاب أحمد (23 عاما) «وجودنا مع أصدقائي هنا اليوم دليل على إصرارنا وعلى مقاومتنا لهذه الظروف القاهرة، نأمل أن نحقق ما في بالنا رغم كل هذه العراقيل الموجودة في طريقنا».

وفي هذا الإطار، يقول ماهر (25 عاما) وهو طالب في اختصاص الجغرافيا، سنة ثالثة، «طالما أن هناك دوام، فلا يهم إن كانت الأبنية محروقة أو مدمرة».

واستؤنفت الدراسة والامتحانات في الاختصاصات الإنسانية فقط، فيما لا تزال الكليات العلمية التي تضم العدد الأكبر من طلاب الجامعة مقفلة بقرار من وزارة التربية بحجة عدم جهوزية المختبرات بعد.

«آلاف أطنان الأنقاض»

تخطط إدارة الجامعة لاستئناف الدروس بشكل طبيعي مطلع شهر أكتوبر على أن يتم في الفترة الفاصلة عن هذا الموعد إنهاء الامتحانات وإكمال العام الدراسي من حيث توقف في عام 2014.

ويقول مدير قسم الإعمار والمشاريع في الجامعة أسامة حمدون لوكالة فرانس برس: إن «أعمال التنظيف أنجزت حقيقة في كل الكليات تقريبا بجهود تطوعية من شباب المدينة، سواء أكانوا طلابا في الجامعة أو في مدارس المدينة»، موضحا أنهم «خلال أربعة أشهر رفعوا آلاف الأطنان من الأنقاض ومخلفات الحرب».

ولحق الدمار الكامل بـ12 مبنيا بينها مقر رئاسة الجامعة فيما تتراوح نسبة الدمار بين خمسة و20 %، وفق حمدون.

وتصارع الجهات المختصة في الجامعة الوقت لإعادة الخدمات الرئيسية وتأهيل بعض الأبنية قبل انطلاق العام الدراسي.

وبحسب حمدون الذي يتخذ من بيت جاهز مقرًا له، «يشكل عامل الوقت والضائقة المادية التي تؤثر على حركة الإعمار في الجامعة، التحديين الأكبر الذين نواجههما حاليا».

ورغم هذا الواقع، يكرر حمدون كما طلاب وأساتذة وموظفين، أن «إعادة فتح الجامعة هي رسالة للعالم كله».

ويقول «الموصل مدينة حضارية لا داعش أو سواه سيكون قادرا على أن يكسر إرادة شعب الموصل في الحياة».