1037744
1037744
روضة الصائم

رياضة كرة القدم من الرياضات المفيدة التي تقوي البنية الجسمية والجسدية

18 يونيو 2017
18 يونيو 2017

الراشدي: حفظ اللسان عن السب والقدح في الأعراض والسخرية.. أهم أخلاقياتها -

النصوص الشرعية تهتم بالرياضات التي تعطي الجسم المناعة وتعين المسلم على طاعة الله وعبادته -

أجرى اللقاء - سالم بن حمدان الحسيني -

ممارسة الرياضات تعطي الجسم مناعة من الإصابة بالكثير من الأمراض المزمنة، كما أنها تقوم بتحقيق التوازن بين متطلبات المسلم الروحية والعقلية والبدنية.. ورياضة كرة القدم من الرياضات المفيدة التي تقوي البنية الجسمية والجسدية التي تعين المسلم على طاعة الله وعبادته.. وهو الهدف الأسمى من ممارستها.. ولذلك يجب أن تسودها روح التسامح والمودة والتعاون؛ وهناك ضوابط معينة لممارستها تحسبا لوقوع أي أضرار بالنفس البشرية أهمها المحافظة على هذه النفس من حدوث تشنجات عضلية، أو نوبات قلبية، ومن أخلاقياتها حفظ اللسان عن الشتم والسب والقدح في الأعراض والسخرية.. ذلك ما أوضحه الدكتور سعيد بن مسلّم الراشدي في حوارنا معه.. نقرأ المزيد في الحوار التالي:

■ كيف هي نظرة الإسلام للرياضة؟

اهتم الإسلام بالرياضة اهتماما كبيرا، وأرشد أتباعه وأفراده أن يعتنوا عناية فائقة بأجسادهم وأبدانهم من حيث تغذيتها التغذية الصحية السليمة، ومن حيث جعلها قوية بممارسة الرياضة والتدريبات، فالقوة البدنية من الأهداف التي يحض عليها الدين الإسلامي، ويأمر بها، فالمتتبع إلى النصوص الشرعية، وأقوال الصحابة يجد هناك إشارات ونداءات للاهتمام بالكثير من الرياضات التي تعطي الجسم مناعة من الإصابة بالكثير من الأمراض المزمنة، كما أنها تقوم بتحقيق التوازن بين متطلبات المسلم الروحية والعقلية والبدنية؛ إذ العقل السليم - كما يقال - في الجسم السليم.

■ ذكرت أن هناك إشارات في ديننا الحنيف إلى ممارسة الكثير من الرياضات، فهلا بأمثلة على ذلك؟

من الرياضات التي كان لها أهمية كبيرة، رياضة الرمي، وعند العرب قديما كانت تستخدم للصيد، وعندما جاء الإسلام حبب هذه الرياضة، واستخدمت -أيضا - في الصيد والقتال كالرمي بالرماح والسهام، ففي صحيح ابن حبان عن سلمة بن الأكوع، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق فقال: «ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا، وأنا مع بني فلان لأحد الفريقين» فأمسكوا أيديهم، فقال: «ما لكم ارموا»، قالوا: كيف نرمي وأنت مع بني فلان، قال: «ارموا وأنا معكم كلكم»، وفي هذا العصر تطورت رياضة الرمي وتنوعت كالرمي بالبندقية، والمسدس الحر، وغيرها.....، ومن الرياضات رياضة الفروسية وركوب الخيل، والعرب قبل الإسلام كثيرا ما يهتمون بهذه الرياضة التي تزيد من رجولتهم وشهامتهم، وعندما جاء الإسلام رغب في هذه الرياضة؛ لتكون من الدعائم الرئيسة التي تكون -بإذن الله صحة للجسم-، ليس لأجل البطر والرياء والسمعة، ففي السنن الكبرى للبيهقي عن أبي هريرة، أن النبي قال: «لا سبق إلا في خُفِ أو حافر أو نصل»، وأيضا رياضة المشي: وَمِنْ لَطَائفِ هَدْيِهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي هَذَا المَجَالِ اهتِمَامُهُ بِهِ فِي نِطَاقِ أُسْرَتِهِ، برياضة الجري والمشي، وهذا ما يدعوا إليه أطباء العصر وخاصة لمن أصيب بأمراض القلب والشرايين، ومن تجاوز عنده الكوليسترول لغير طبيعته، وجاء في شرح السنة للبغوي عن أبي هُرَيْرَةَ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وجاء في سنن أبي داود عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، قَالَتْ فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَقَالَ هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ ورياضة السباحة، قال عمر بن الخطاب (علموا أولادكم السباحة والرماية، ومروهم فلْيثبوا على ظهور الخيل وثبا).

■ وما دور التراث العماني في غرس أهمية الرياضة وأخلاقياتها؟

المتتبع لهذا المجال يجد أن الأفذاذ من علماء عمان تركوا له فسحة في مدوناتهم وكتبهم، وخاصة الأطباء منهم، فعلى سبيل المثال العلامة الطبيب راشد ابن عميرة الذي كان على قيد الحياة حتى: (ت:1019، 1610م)، - رحمه الله-، ذكر أهمية الرياضة وممارستها للإنسان، وبعض ضوابطها في كتابه «فاكهة ابن السبيل»، يقول: «أما الرياضة فإنها تصلح قبل الغذاء ولا تصلح على الجوع، ومن أحس بالإعياء قطع، ومن كان بدنه واسع المسام أو مزاجه حارا يابسا فليقلل الرياضة، والراحة له أصلح، فإذا سكن ساعة بعد الرياضة دخل الحمام، ومن غسل وجهه بالماء البارد بعد خروجه بقيت طراوة وجهه على كبر السن»، ويعرف الرياضة بقوله: «الرياضة التحرك حركة خفيفة معتدلة كركوب دابة، أو مشي خفيف، أو علاج بعض الأشغال، أو قراءة، أو نحو ذلك»، كما يوصي بالرياضة التي تزيد الرياضي نشاطا لا سأمة أو ملل، يقول: «ولا خير في الحركة العفيفة التي تؤدي إلى السأم والملل، وخصوصا الحركة عقيب الأكل والشبع»، كما لديه لفة تربوية رياضية للناشئة يقول فيها: «ولا يطلق له الرياضة بعد الغذاء...»، وجاء عن شيخنا نور الدين السالمي - رحمه الله - (ت: 1332هـ، 1913م)، يقول:

ثلاثة تباح من جــــــــــــنس اللعب

يلاعب القوس لأجل أن يصب

يلاعــــــب الخيل لأجل الركــــــبة

يلاعب العرس لحسن العشرة

ومن الأعلام الذين اهتموا بهذا الجانب الشيخ العلامة سالم بن حمد الحارثي- رحمه الله - (ت: 1427هـ، 2006م) في رسالة تربوية له بعنوان: «تربية الطفل في عمان»، يحث فيها الأسرة المسلمة عن كيفية الاعتناء بالأبناء من ناحية رياضية، حيث يذكرها بالسلف الصالح وكيف كانوا يهتمون بأبنائهم في جانب الرياضة، فيقول: «فقد كان الأوائل يعلمون أولادهم السباحة والرماية وركوب الخيل....» من هذا ندرك أن الأسرة هي المحضن الأول للولد، وأول بداية لعب الابن بين أهله وعلى أرضية بيتهم بصحبة أخوته، فالأب أو الأم لابد من مراقبة أبنائهما أثناء اللعب، فإذا ما صدر شجار بينهم مصحوبا بكلمات بذيئة يوجهانه إلى قول الخير، ويوضحان له السبيل والطريق الحسن في اللعب.

■ ما هو تفسيرك للشغب الرياضي المتداول على ألسنة الرياضيين؟

بداية إذا جئنا لتوضيح هذه الكلمة عند أهل اللغة، وجدنا الآتي؛ في لسان العرب: «الشَّغْبُ والشَّغَبُ والتَّشْغِيبُ تَهْيِيجُ الشَّرِّ، والشَّغْبُ بسكون الغين: تَهْيِيجُ الشَّرِّ والفِتْنَةِ والخِصام»، إذن يتبين أن هذا الفعل هو سلوك عدواني غير مستساغ لا شرعا ولا خلقا يظهر من فرد سواء كان ممارسا للعب أو مشجعا للعبة أو له علاقة بإدارة الفريق أو غير ذلك، وهذا السلوك إما أن يمارس بالضرب، أو التكسير، أو رمي البزاق، أو استخدام ألسنة حداد ضد الفريق الغير.

■ كيف تنظر لثقافة التشجيع؟

بحاجة الجمهور الكروي إلى غرس ثقافة التشجيع من الصغر، ويتحمل الجزء الأكبر في ذلك المؤسسات التربوية، ولتكن حصص التربية الرياضية مصحوبة بمناهج تضم بين دفتيها أخلاقيات الرياضة التي تدعو إلى التشجيع المنظم دون التشجيع الغوغائي والعشوائي، والهتافات السليمة غير المشوبة بشوائب السب والشتم، وإشارات اللمز والهمز التي تنافي أخلاقيات المشجع المسلم، كما أنَّ للأندية الرياضية - أيضاً - دور في نشر مطويات بين جماهير أي لعبة، هذه المطويات تضم أسطرا، توضح أثر الفوضى والشغب على اللعبة، وضررها على مقدرات ومحتويات الملاعب التي تعتبر جزءا من أملاك الوطن. وهناك سلوكيات لا بد أن يبتعد عنها المشجع بعد نهاية المباراة منها أن يتجنب الكتابة على جدر البيوت أو المؤسسات التربوية أو الاجتماعية، وغيرها من المؤسسات فإن هذا يشين المظهر العام، هناك كذلك الكتابة على الدفاتر المدرسية، وعلى الطاولات وعلى أي أداة ليست مكان للكتابة بهدف التشجيع.

■ هناك سلوكيات معينة يجب أن يتحلى به الرياضي داخل وخارج وطنه.. هل لك بذكر بعض منها؟

الرياضي سفير لبلده ولقريته ولوطنه ولأهله، فكل فعل مشين يرجع لوطنه وبيئته التي هي محضنه المتربي فيها، فواجب عليه أن يظهر بالمظهر الحسن، والسلوك القويم؛ فلا يتنصل من مبادئه، ولا يترك عاداته الجميلة، وليتعامل مع غيره قبل وأثناء اللعب وبعده معاملة ملؤها الإخاء الإنساني، والمودة والعطف والرحمة، نابذا العنف الذي يودي بغيره من أفراد اللعب بالضرر كالكسر والضرب وغيرها من أساليب العنف وراء ظهره، كما لا يقوم بتضييع ممتلكات ومقدرات الملاعب في الدول التي يمثل فيها فريق بلده، وليحمل رسالة التسامح والتفاهم.

■ ما هي الأخلاقيات التي لا بد أن يلتزم بها لاعب كرة القدم ويتعلمها أثناء اللعب، وكيف يجعل من هذه اللعبة محطة فوائد في حياته العملية؟

لا بد أن نضع نصب أعيينا أن لعبة كرة القدم من الرياضات التي يهواها الكثيرون من الناس صغارهم وكبارهم، وحتى نرقى بهذه اللعبة يكون هدفنا واضحا من ممارستها، وذلك أن نحسن القصد من ممارستها لوجه الله؛ لأجل أن تتقوى البنية الجسمية والجسدية من خلال التمارين الرياضية التي نمارسها في التدريب، فتعيينا هذه البنية الجسمية والجسدية على طاعة الله وعبادته، ومن الأخلاقيات التي يلتزم بها الرياضي روح التسامح والمودة والتعاون أثناء اللعب؛ فلا يهدف من اللعب مع زملائه البطر والكبر والتعالي والتفاخر بحسن لعبه، وقوة جسمه، بل يكون اللقاء فرصة لكسب التعارف والمعرفة، والتفاهم وزيادة الروابط، وإذا كان أفراد اللعب من غير ملته فلا بد أن يظهر صورة الإسلام في أحسن معانيها، كما لا بد من أن يحافظ على جسمه ونفسه بحيث لا يرهقها فوق طاقتها، مما يؤدي به إلى التشنجات العضلية، والنوبات القلبية، وما شابه ذلك من الأمراض التي لا يتحملها الجسم جراء الإرهاق الشديد المتعب من اللعب، ومن الأخلاقيات حفظ اللسان عن غيره من أفراد أي فريق من الشتم والسب والقدح في الأعراض والسخرية على طريق لعبهم. وأما الفوائد التي يجنيها اللاعب من هذه الرياضة أن يتعلم الحفاظ على الوقت ونحن نعرف أن كل رياضة تبدأ بوقت وتنتهي بوقت لا يمكن تجاوزه، ومنها كرة القدم، كما أنه يستفيد النظام ونحن نعرف أن كرة القدم لها نظام متبع فلا يمكن أن يبدأ اللعب دون سماعه صفارة الحكم، كما لا يمكن - أيضا - أن ينتهي من اللعب دون سماعه الصفارة، ويستفاد من هذه الرياضة العمل بروح الفريق الواحد حيث يبعد عن نفسه الأنانية، أو أن يستأثر الكرة بنفسه، إذ الوصول إلى منطقة الهدف والتهديف يحتاج إلى لعب جماعي وروح واحدة متفقة، كل هذه وغيرها أخلاقيات يستفيد منها اللاعب في حياته.

■ كيف تقوم الأندية الرياضية في غرس قيم المواطنة عند الرياضيين؟

يتأتى هذا من خلال الندوات والمؤتمرات والورش التي تهتم بهذا الجانب، كما لا بد -أيضا- من أن تكون هناك لائحة تضم المبادئ الوطنية التي لا بد أن تصاحب الرياضي قبل وأثناء وبعد رياضته، تعرفه كيف يكون منتميا لوطنه، وأيضا إتاحة الفرصة للشباب للانخراط في الأعمال التطوعية التي تنفع الوطن، كما لا بد من استغلال الطاقات والإبداعات الثقافية والمعرفية في الكتابة والتدوين، مما له علاقة بالانتماء الوطني، ولابد كذلك من وجود أنشطة وبرامج تهتم بمشاكل الشباب، وتعزز القيم الوطنية في نفوسهم؛ حتى يخرج الواحد بفكر نير سليم، يسعى من خلاله للرقي بوطنه.