العرب والعالم

تجدد التوتر الأمريكي الأوروبي .. وبوتين يحذر من أنها «ستعقّد العلاقات»

17 يونيو 2017
17 يونيو 2017

على خلفية العقوبات ضد روسيا -

موسكو- (أ ف ب): أثارت الولايات المتحدة الغضب في أوروبا بإقرارها جزئيا مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة ضد روسيا.

ويعيد هذا التوتر إلى الأذهان صورة توترات سابقة حول فكرة خضوع الشركات عالميا للقانون الأمريكي.

وتبنى مجلس الشيوخ الأمريكي بشبه إجماع الخميس الماضي عقوبات جديدة ضد روسيا تطال بنى تحتية أساسية لأوروبا مثل أنبوب نقل الغاز «نورد ستريم 2» الذي يفترض أن يربط روسيا بألمانيا عبر بحر البلطيق.

والنص الذي ما زال بحاجة لإقراره في مجلس النواب ومصادقة الرئيس دونالد ترامب عليه، يمنح الرئيس سلطة فرض عقوبات ضد أشخاص وشركات تقدم بضائع وخدمات او تكنولوجيا تسهم «بشكل مباشر او كبير» في بناء أنابيب نقل الغاز الروسي.

وتستهدف العقوبات الاستثمارات التي تزيد قيمتها عن مليون دولار لكل صفقة، أو مجموع 5 ملايين دولار أو اكثر على مدى عام واحد.

واذا تحول نص هذه العقوبات إلى قانون، فقد تطال العقوبات عددا من الشركات الأوروبية الكبرى العاملة في تمويل مشروع «نورد ستريم 2» الذي يفترض أن يضاعف حجم تدفق الغاز الروسي إلى ألمانيا بحلول العام 2019.

ومن بين الشركات التي قد تطالها العقوبات شركة التوزيع الفرنسية انجي، والشركات الألمانية يونيبر (التي انفصلت عن ايون) وفينترشال (باسف) والنمساوية او ام في، والبريطانية-الهولندية شل.

وجميعها مساهمة في المشروع الذي تقدر قيمته بـ 9,5 مليار يورو (10,6 مليار دولار).

ولا يخفي واضعو نص القانون معارضتهم لمشروع أنبوب الغاز الذي انتقده بدوره رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.

وجاء في النص أن الحكومة الأمريكية تستمر في «معارضة أنبوب غاز نورد ستريم 2 نظرا لتأثيره الضار على أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي، وعلى واشنطن «التركيز» على تصدير الغاز الأمريكي لخلق وظائف لسوق العمل الأمريكي، ما أثار غضب فرنسا وألمانيا.

وقال لوكالة فرانس برس روري ماكفاركوار وهو مساعد سابق لباراك اوباما: إن «رد الفعل الأوروبي العنيف يعكس تخطي «الخط الأحمر» لنص العقوبات.

وأضاف إن «فلسفة إدارة اوباما كانت تقوم على اعتبار أن العقوبات تكون اكثر فاعلية اذا ما كانت هنالك وحدة بين الولايات المتحدة وأوروبا حول الهدف والمقاربة».

وتابع ماكفاركوار الذي يعمل حاليا خبيرا في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن «ما تتطلبه الوحدة هو احترام الولايات المتحدة لخطوط حمراء وأهمها ان لا تطال العقوبات تزويد اوروبا بالطاقة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتسبب بها قانون أمريكي وميل الولايات المتحدة لفرض «أخلاقيات» على قطاع أعمال إلى شجار مع حلفائها في الجهة المقابلة من المحيط الأطلسي.

وكان القانون الأمريكي لمكافحة الممارسات الفاسدة (اف سي بي ايه) الصادر في 1977 سمح للحكومة بمراقبة تحويلات مالية مشكوك فيها لشركات في مختلف أنحاء العالم متى كانت هذه الشركات مدرجة في الأسواق الأمريكية وتقوم بتحويلات ضمن النظام المالي الأمريكي.

ففي 2008 أُجبرت شركة «سيمنز» على دفع مبلغ 800 مليون دولار بعد إقرارها بالذنب في قضية تقديم رشاوى لمسؤولين، ولا سيما في الارجنتين وفنزويلا.

وفي 2014 دفعت الشركة الفرنسية الستوم 727 مليون دولار غرامة بسبب رشاوى في اندونيسيا ومصر والسعودية والباهاما.

إلا أن النزاع الأبرز في التجارة عبر الأطلسي لا علاقة له بقانون «اف سي بي ايه»، بل بانتهاك العقوبات.

ففي 2014 اضطر مصرف «بي ان بي باريبا» لدفع 8,9 مليار دولار لتسوية نزاع متعلق بانتهاك عقوبات عبر ممارسة نشاطات مصرفية في السودان وكوبا وإيران.

وعبرت شركات فرنسية عدة عن غضبها ووصل ببعضها الأمر إلى انتقاد «التعسف في استعمال السلطة» من قبل الولايات المتحدة.

من جهته أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابلة متلفزة أمس أن العقوبات الجديدة التي أقرها مجلس الشيوخ الأمريكي ستعقد العلاقات بين البلدين.

وقال بوتين في مقتطفات من مقابلة على قناة «روسيا-1 «بالطبع سيعقّد ذلك العلاقات الروسية-الأمريكية».

وأضاف «أعتقد أنها مؤذية»، مشددا مع ذلك على أنه «ما زال من المبكر الحديث عن أي رد». إلا أن الرئيس الروسي حذر من أنه سيتعين على موسكو «تعديل شيء ما» أو «القيام بشيء إضافي» حيال مسألة العقوبات. ولكنه أصر على أن العقوبات الأمريكية لن تؤدي إلى وصول روسيا إلى «طريق مسدود أو انهيارها». وأجريت المقابلة مباشرة عقب ظهور بوتين الإعلامي الخميس الماضي للرد على اتصالات مواطنين روس في برنامج يذاع سنويا اعتبر خلاله زعيم الكرملين أن العقوبات الجديدة سببها خشية واشنطن من تحول موسكو إلى «منافس جدي».

وقال بوتين للمشاهدين «بالطبع إنه دليل على استمرار المعركة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة، ولكنها (العقوبات) غير نابعة من أي أساس».

وأضاف «لو لم تكن بحجة (شبه جزيرة) القرم وغيرها من المشاكل، لكانوا فكروا بأسباب أخرى من أجل السيطرة على روسيا».