كلمة عمان

تعاون ثنائي تاريخي

16 يونيو 2017
16 يونيو 2017

تعود العلاقات بين السلطنة والولايات المتحدة الأمريكية إلى الربع الثاني من القرن التاسع عشر عندما أبحرت السفينة العمانية سلطانة في عهد السلطان سعيد بن سلطان لترسو في ميناء نيويورك وذلك في 13 من أبريل 1840م لترسم أول فجر للتواصل بين الشرق العربي والغرب الأمريكي، وحيث وصل أول سفير عربي إلى بلاد العم سام، وهو العماني أحمد بن النعمان الكعبي.

وكانت تلك إشارة إلى دور السلطنة المتأصل في التجارة البحرية والخبرة العميقة بعالم البحار الذي ارتبط بها العمانيون عبر التاريخ، لكن هذه الإشارة لها معنى آخر أكثر دلالة، وهو الدبلوماسية العمانية ذات المسار العريق، التي تحتفي بالتعاون مع الشعوب وتربط هذه الممارسة بالحضور التجاري والاقتصادي، حيث إن السياسة هنا تفهم وتكون ذات أكثر من قراءة، بمعنى أنها خبرة وفن واقتصاد وحنكة وغيرها من الصور الممكنة للتأويل.

وفي العصر الحديث وبعد بزوغ فجر النهضة العصرية في مطلع السبعينات من القرن العشرين، تعززت العلاقة الأكثر حداثة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتلاقى الإرث التاريخي العماني في الدبلوماسية والخبرة في التواصل مع العالم الخارجي، مع مكتسبات الدولة الحديثة التي أسس لها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- وقد رسخ الجانبان العماني والأمريكي لعلاقة متينة قوامها الاحترام المتبادل والتعاون الثنائي المثمر في كافة نواحي الحياة المشتركة التي تعود بالنفع والفائدة على الشعبين العماني والأمريكي.

وفي هذا الإطار فإن الاتصال الذي تلقاه معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية أمس الأول، من نظيره معالي ركس تيلرسون وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، يصبّ في هذه الصورة المدركة من المضي في تعزيز العلاقات الثنائية الطيبة التي تربط البلدين الصديقين، وقد عبر وزير الخارجية الأمريكي عن تأكيده وثقته بمتانة وقوة هذه العلاقات ورغبة الإدارة الأمريكية باستمرارها وتعزيزها في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، وحيث تربط البلدين اتفاقية التجارة الحرة المشتركة والتعاون في المجالات المتنوعة.

ولاشك أن التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي وغيره يتطلب استمرار أرضية السلام والأمان في المنطقة بشكل عام، وهو ما تؤكد عليه سياسة السلطنة التي لعبت دورا مهما في مفاوضات الملف النووي الإيراني ومهدت لذلك بالوساطات في اطلاق المحتجزين وغيرها من المساعدات التي مكنت من النجاح التاريخي في هذا الملف، وهي ماضية في هذه السياسة الهادئة والمتزنة من التقريب بين الشعوب والعمل دائما على تجاوز الاختلافات نحو مصالح جميع الأطراف. وهنا فقد ناقش الجانبان العماني والأمريكي الأزمة الراهنة في الخليج، بتطلع إلى الاحتواء وإيجاد التسوية في أقرب فرصة، وهو ما يأمل فيه الطرفان، بما يخدم الجميع ويساعد على استقرار المنطقة ويحفظ أمنها وبالتالي يعزز الجوانب المرتجاة من التعاون الإيجابي والمستقبلي لحياة أفضل.

إن تعزيز التعاون المشترك بين السلطنة والولايات المتحدة يخدم أفق الاستقرار بشكل عام في المنطقة، وقد أثبتت التجارب السابقة هذا الشيء، وهو نهج مستمر في ظل الحرص على تنمية العلاقات المشتركة ورفدها بمزيد من الثقة والمتانة والتفعيل المثمر لكافة الجوانب الممكنة والمفيدة لصالح الطرفين.