صحافة

الحياة الجديدة: باقون في كفر قاسم

16 يونيو 2017
16 يونيو 2017

في زاوية مقالات وآراء كتب محمد علي طه، مقالاً بعنوان: باقون في كفر قاسم، جاء فيه:

في السّابع من يونيو الجاري زرتُ وإخوتي أعضاء لجنة الوفاق الوطنيّ مدينة كفر قاسم، الشّاهد الرّمز على معركة بقائنا وصمودنا في وطننا الصّغير الجميل وقدّمنا واجب التّعزية والمواساة لعائلتيّ طه وفريج بفقدان الشّابّ الشّهيد محمّد محمود طه والشّيخ الجليل أبي الأمين محمود فريج، والد صديقنا صفوت، اللذين رحلا عن كفر قاسم والدّار الفانية قبل يومين. ثلاث مآسٍ فلسطينيّة تلتقي معًا وهي رحيل المرحومين في الخامس من يونيو. وما أدراك ما أوجاع الخامس من يونيو وإسقاطاته! المرحوم الأوّل جريح مجزرة كفر قاسم في أكتوبر 1956 الشّاهد على مقتل 49 عربيًّا قرويًّا عاملًا فلسطينيًّا من الأطفال والنّساء والحوامل والرّجال والشّيوخ في مجزرة بشعة رهيبة. والمرحوم الثّاني سقط شهيدًا برصاص شرطيّ إسرائيلي في الخامس من يونيو الجاري وهو يدافع سلميًّا عن وجود أهله وحقّهم - وحقّنا جميعًا - بالعيش في أمن وطمأنينة وسلامٍ في مدننا وقرانا وبيوتنا. هذه المصادفة الثّلاثيّة: الخامس من يونيو ومجزرة كفر قاسم واستشهاد الشّابّ محمّد تبثّ إيحاءات غنيّة أهمّها أنّنا ما زلنا نخوض معركة البقاء في وطننا ونواجه ببسالة مخطّطات التّرانسفير التي أفشلناها في عام 1948 وأفشلتها كفر قاسم في عام 1956 وها هم يحاولون اليوم مرّة أخرى إرهاب أهلها بحوادث القتل والإجرام المتتاليّة كي يرحلوا عنها ومنها باحثين عن الأمن. يحدث في الخامس من يونيو ذكرى سقوط زهرة المدائن سبيّة وفي يوم رحيل الشّيخ الجليل أبي الأمين الشّاهد الجريح النّاجي من المجزرة الذي روى للأجيال ما رأت عيناه وسمعت أذناه في تلك السّاعة الرّهيبة، وفي يوم استشهاد الشّابّ محمّد الذي قال: فلتسمع كلّ الدّنيا فلتسمع، نحن نناضل منذ عام 1948 كي نكون مواطنين في وطننا ولكنّ السّلطان لا يريدنا، ونحن جيل بعد جيل نسقي شقائق النّعمان في المزلقان والملّ ووادي عارة والنّقب ونخضّب الأفق ولن نكلّ ولن نملّ حتّى يبزغ الفجر. كفر قاسم ببيوتها الحجريّة الجميلة وبأحيائها الخضراء وبأهلها الأشاوس باقية عصيّة على التّشريد، ورواية الشّيخ أبي الأمين تتناقلها الأجيال الفلسطينيّة جيل بعد جيل، ودم الشّهيد محمّد يصرخ في وجوه الطّغاة والعنصريّين: أما آن الأوان ليصبح صاحب الدّار مواطنًا مثل مهاجر من صنعاء أو أثيوبيا ولا أكثر من ذلك!!!؟ في أكتوبر 1956 قتل المجرمون 49 عربيًّا لأنّ العربيّ الجيّد هو العربيّ الميّت كما يعتقدون وفي يونيو 2017 قتلوا محمّدًا لأنّه عربيّ جيّد. وكفر قاسم تقول بصراحة: خذوها صادقة ثابتة راسخة، نحن باقون في وطننا، باقون في كفر قاسم، لن نرحل ولن نخضع، وبصلة بلديّة من حقول كفر قاسم في عيون الشّانئين والمجرمين.