صحافة

في الذكرى العاشرة للانسلاخ..

16 يونيو 2017
16 يونيو 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب عبد الله الشاعر مقالا بعنوان: في الذكرى العاشرة للانسلاخ... جاء فيه:

عشر سنوات على ذاك الصبح الدموي البغيض، الذي فصل عرى الوطن، وتركه كمقاتل مقطوع الذراع، سلاحه في ذراعه المبتور، والحياة في كتفه المشوهة، وقلبه المحاصر بجدار الاحتلال كسجين في قفص، وجسده المنهك منذ سبعين عاما تلفه أوشحة الصهاينة السوداء، فلا تسعفه الكتف، ولا يبلغه الذراع!

أي قدر أن ندور بعد عشر سنوات من التشرذم، والتراشق بالتحريض، والردح والردح المضاد، عشر سنوات من التخلي، والتنكيل بالأتباع في الضفة وغزة، وكأنهم رهائن حرب، والتنابز بألقاب التخوين والانحناء، ندور في الدوائر نفسها، ولم تفلح معنا ولائم المصالحة، ولا ساعدتنا نسمات أوروبا ولا برد موسكو في تعديل مزاج قادتنا، ولا أثارت فيهم حنينا لهذا الوطن المعلق بينهم، كطفل يشهد على معركة بين أهله وإخوته، ولم تمسح ابتسامات السياسيين، في كل مصافحة متزلفة، بؤس المرحلة. لنجد طبال الأمس، الذي توعد البلاد يوما برقصة خمسة بلدي، جليس تفاوض، وصاحب مشروع، ولنجد مقاومي الأمس، ذراعهم تحتهم، بعدما تخلى عنهم الداعمون، وأغلقت في وجوههم الدنيا. محاصرون خارج الوطن، ومطالبون اليوم بكل قوة بفك حصار المحاصرين داخل الوطن، والوطن يحاصر نفسه، مدعيا أنه بهذا يشد أعضاءه بعضها إلى بعض، فهل يصدق الادعاء؟ وهل يفلح المحاصر في فك حصار المحاصرين؟

أحجيات! واقعنا السياسي بات كالأحجيات والألغاز، ومستقبله رهن لحذاقة المستبصرين في حل الكلمات المتقاطعة، بعدما أغلق الطرفان كل الطرق التي تتقاطع فيها خطواتهم، تاركين للغارقين في الظلام، الذين تحرق الشموع أبناءهم كل شتاء يتساءلون: لماذا يبدو الغرباء من أصقاع الأرض أكثر تعاطفا مع شقائنا من ولاة أمورنا؟ ومن إخوتنا؟

غزة التي لم تستفق بعد من رعب العدوان، والضفة التي تشوى على صفيح ساخن، وتتربص بها مخططات التهجير والاستيطان والتقطيع، والقدس التي تنام مكرهة على سرير العدو كل يوم، وعكا التي صمدت في وجه العدو القادم من البحر، فصار عدوها داخل أسوارها، وملايين المشردين الذين يشربون الذل في المنافي، وقد سقط في وعيهم حلم الوطن، كلها ترنو اليوم لرام الله، لعل غمامة الأحقاد الحزبية تنجلي، ويبزغ في الأفق خيط ضياء، وترسل طرفها لمصر حيث تحاك القضايا ككيس الخيش الممزق، وعبثا يريدون أن يجعلوا منه ثوب فرح للبلاد.

بلغ البؤس بنا سن الرشد، وعلينا أن نناضل من أجل وطن واحد، وحلم واحد، وقلب واحد، ودرب واحد، نحن الذين وحدنا الدم والجوع والعذاب والدموع، كيف حدث وفرقتنا السياسة؟ وإلى متى سنترك السياسيين يتلاعبون بدماء شهدائنا لخدمة مصالحهم الحزبية وكأنه ماء.