روضة الصائم

الحصانات في الفقه الإسلامي والتشريعات الوضعية

14 يونيو 2017
14 يونيو 2017

د. عادل عبدالله المسدي -

ملخص ورقة قدمت لندوة تطور العلوم الفقهية بمسقط -

أهم النتائج التي أمكن التوصل إليها من خلال هذا البحث «الحصانات في الفقه الإسلامي والتشريعات الوضعية» أن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، منح لرسل ومبعوثي الدول أو الجماعات غير الإسلامية بعض من صور الحصانة الدبلوماسية المتعارف عليها حاليا، وهذا ما يبدو واضحا من كيفية تعامله صلى الله عليه وسلم مع رسل وموفدي هذه الدول.

وأن الفقه الإسلامي أقر للرسل وموفدي الدول غير الإسلامية إلى الدولة الإسلامية، التمتع ببعض الحصانات والامتيازات، وأن ما قرره الفقهاء المسلمون من حصانات للرسل وموفدي الدول الأجنبية، قررته بعد ذلك بقرون عديدة قواعد القانون الدولي الوضعية.

وأن عقد الأمان يشكل الأساس الفقهي لما يتمتع به مبعوثي الدول الأجنبية، من حصانات في الدولة الإسلامية. أما أساسها القانوني فيتمثل - حاليا - في نظرية مقتضيات الوظيفة التي أقرها الفقه الدولي، وأكدتها اتفاقية فيينا لعام 1961.

وأن الفقه الإسلامي أقر تمتع مبعوثي الدول الأجنبية في الدولة الإسلامية، بالعديد من الحصانات، التي يراها ضرورية لتمكين المبعوث الدبلوماسي، من أداء المهام المنوطة به في الدولة الإسلامية.

وقد أقر الفقه الإسلامي - كما هو الحال بالنسبة للقانون الدولي - تمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانات الشخصية ، من حيث معاملته المعاملة اللائقة ، واحترامه وعدم جواز القبض عليه أو احتجازه، وحرمة مسكنه وأمتعته الشخصية.

يتمتع المبعوث الدبلوماسي - في القانون الدولي- بالحصانة القضائية، وهي تأتي مطلقة بالنسبة للقضاء الجنائي، مع تقييدها بثلاثة استثناءات بالنسبة للقضاء المدني والإداري.

أما بالنسبة للحصانة القضائية في الفقه الإسلامي، فقد جاء الوضع مختلفا عما عليه الحال في القانون الدولي، حيث لا يوجد خلاف بين الفقهاء على وجوب توقيع القصاص على المستأمن في حالة ارتكابه جريمة القتل العمد، مع توافر شروطها وأركانها، وهذا الحكم يشمل الرسل والمبعوثين الدبلوماسيين، لأنهم مستأمنين شرعا. أما بالنسبة لعقوبات الحدود، فقد اختلف الفقه بشأنها إلى ثلاثة اتجاهات على النحو السابق بيانه في موضعه من هذه الورقة. وأن الفقه الإسلامي يقرر - كما هو الحال بالنسبة للقانون الدولي- حصانة لمقر البعثة الدبلوماسية ، وذلك في إطار من الضوابط والشروط ، التي تكفل عدم إساءة استخدام هذه الحصانة ضد مصالح دولة مقر البعثة .

وإن جاز لي أن أتوجه بتوصية في هذا الشأن، فأتوجه بها إلى نفسي أولا وإلى كل الزملاء المهتمين بدراسة القانون الدولي، أن نولي قدرا أكبر من الاهتمام بدراسة أثر الفقه الإسلامي في بلورة وصياغة قواعد القانون الدولي بفروعه المختلفة.